مطالبات عراقية بحكومة مؤقتة تحضّر لانتخابات مبكرة

عراقي يبكي أمام معرض لصور قتلى الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقي يبكي أمام معرض لصور قتلى الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

مطالبات عراقية بحكومة مؤقتة تحضّر لانتخابات مبكرة

عراقي يبكي أمام معرض لصور قتلى الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقي يبكي أمام معرض لصور قتلى الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)

تبنت قوى سياسية عراقية مطلب تشكيل حكومة مؤقتة خلفاً لحكومة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، تتولى التحضير لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بينما يعدّل البرلمان قوانين الانتخابات ومفوضيتها.
وأعلن رئيس «تيار الحكمة الوطني» في العراق عمار الحكيم أن «الحكومة المقبلة ستكون حكومة مؤقتة تعمل على التحضير لإجراء انتخابات مبكرة على ضوء قانون الانتخابات المنصف الذي يتم تشريعه في مجلس النواب والمفوضية الجديدة البعيدة عن التأثير السياسي».
ونقل مكتب الحكيم في بيان قوله خلال لقائه السفير الفرنسي لدى العراق برونو أوبيرت، أن «القوى السياسية تسعى للإسراع في تسمية رئيس حكومة يحظى بمقبولية شعبية بالإضافة إلى توفر معايير القدرة والكفاءة في إدارة البلاد».
وأوضح البيان أن اللقاء عرض «تقرير الأمم المتحدة الأخير بشأن التظاهرات في العراق، والعلاقات الثنائية بين العراق وفرنسا وضرورة تعزيزها خدمة للمصالح المشتركة». ونسب إلى السفير الفرنسي قوله إن بلاده تدعم العراق في «إعادة هيبة الدولة والحفاظ على سلمية المظاهرات المطالبة بالحقوق ومواجهة التحديات في المرحلة المقبلة».
وفي السياق نفسه، أكد رئيس «جبهة الإنقاذ والتنمية» رئيس البرلمان العراقي الأسبق أسامة النجيفي أن «استقالة رئيس مجلس الوزراء والحكومة خطوة باتجاه تشكيل حكومة مؤقتة بمهام محددة هي إنجاز قانون الانتخابات والمفوضية المستقلة وإحالة قتلة المتظاهرين إلى القضاء، وبعد إقرار هذه القوانين ندعو إلى حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة قادرة على إنتاج تمثيل حقيقي للشعب، تمهيداً لتشكيل حكومة قوية تتناول الملفات المعقدة، ومنها تعديل الدستور».
وقال النجيفي في بيان بعد لقائه السفير الكندي في بغداد، أمس، إن «التظاهرات تمثل غضب المواطنين وانتفاضتهم ضد فساد وفشل العملية السياسية التي أعقبت الاحتلال، وهي ذات مطالب عادلة، وجبهة الإنقاذ والتنمية تدعم المتظاهرين، وكانت قد رفعت منذ تأسيسها المطالب والأهداف عينها».
ودعا إلى «قانون انتخابات يعتمد على نظام الدوائر المتعددة والتصويت الفردي لفسح المجال واسعاً أمام المستقلين، ومشاركة الأمم المتحدة في الانتخابات ومراقبتها، بما يتيح تحقيق النزاهة والقبول بالنتائج». وأوضح أنه «فيما يتعلق باختيار رئيس مجلس الوزراء القادم، نحن مع شخصية مستقلة كفؤة تنال رضى الشعب وبخاصة شباب التظاهرات، وتعمل من أجل تحقيق المهام المحددة تمهيداً لإجراء الانتخابات المبكرة».
ودعا «ائتلاف الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي إلى أن تكون المحافظة دائرة واحدة في قانون الانتخابات الذي تجري مناقشته داخل البرلمان. وأكد في بيان أمس «ضرورة أن تكون نسبة الترشيح للانتخابات المقبلة بواقع 50 في المائة للترشيح الفردي ومثلها للقوائم، على أن تتضمن كلتاهما حصة النساء، وأن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة على أن يُحدد عمر المرشح بـ27 عاماً».
وأضاف أنه «قدم ملاحظاته إلى اللجنة القانونية بخصوص ما يجب أن يكون عليه قانون الانتخابات المقبل»، مشدداً على ضرورة «حسم ملف النازحين على خلفية ما شهده من عمليات تزوير كبيرة خلال الانتخابات الماضية». ودعا إلى «أن تكون انتخابات الخارج في مقر السفارة وأن يكون الانتخاب بايومترياً، لتلافي حالات التزوير التي شهدتها الانتخابات السابقة».
وفيما يخص قانون مفوضية الانتخابات، أكد الائتلاف ضرورة «أن يكون أعضاؤها من القضاة المتقاعدين، على أن يتم اختيارهم من قبل النقابات المتخصصة»، لافتاً إلى أن «مهام تلك المفوضية ينبغي أن تكون مؤقتة تنتهي بانتهاء الانتخابات».
في المقابل، قال رئيس كتلة «بيارق الخير» في البرلمان العراقي محمد الخالدي لـ«الشرق الأوسط» إنه يفضل حكومة دائمة. وأوضح أن «تشكيل الحكومة المؤقتة يعتمد في النهاية نفس السياق الدستوري الذي تتشكل بموجبه الحكومة الدائمة، لكن مهمتها محددة، وهي الانتخابات المبكرة، وفي تصوري أن الحكومة الدائمة أفضل لأنها ستتحمل وتقوم بتشريع القوانين التي تهيئ لانتخابات صحيحة عبر قانون سليم ومفوضية مستقلة فعلاً، ومن ثم حل مجلس النواب قبل 45 يوماً من إجراء الانتخابات». ورأى أن «سلوك أي طريق آخر لن ينجح بسبب تعقيدات الظروف الحالية».
أما القيادي في حزب «تقدم» النائب السابق حيدر الملا فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الذهاب إلى انتخابات مبكرة أصبح مطلباً أساسيا، وبالتالي لم يعد بمقدور أحد مقاومة مثل هذا التوجه». وقال إن «تحالف البندقية مع الحرامية لن يستمر، كما أنه لم يعد ممكناً بقاء الإسلام السياسي متحكماً بالمشهد السياسي».
وأضاف الملا أن «عنصر الزمن بات حاسماً في تقييم الأفعال، وبالتالي فإن استقالة عادل عبد المهدي وحكومته في وقت متأخر جلبت عليه مآسي كثيرة، بينما لو كان استقال في وقت مبكر لكان الموقف مختلفاً». وأوضح أن «الانتخابات المبكرة أصبحت أمراً مهماً، ويتوجب على البرلمان رفع راية الدعوة إليها وبشخص رئيس البرلمان حتى لا يجبر عليها فيما بعد، إن تحولت إلى خيار أساسي للشعب وحتى للكثير من القوى السياسية».
ويرى رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري أن «الدعوة التي أطلقها رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم باللجوء إلى الانتخابات المبكرة تنسجم مع ما تمخضت عنه اللقاءات، سواء في البيت الشيعي أو مع القوى الأخرى، نظراً إلى الإدراك الحالي بأن استمرار أي حكومة لثلاث سنوات أخرى أمر يمكن أن تكون له نتائجه الخطيرة على الوضع العام، بما في ذلك زيادة زخم التظاهرات».
وأشار إلى أن «الاتجاه نحو الانتخابات المبكرة والحكومة المؤقتة هو الحل الذي يقنع المتظاهرين إلى حد كبير»، موضحاً أن «هناك شعوراً عاماً بأهمية ذلك مع وجود أطراف متشددة تريد بقاء الوضع على ما هو عليه كي تحافظ على مكاسبها وامتيازاتها التي حصلت عليها خلال السنوات الماضية».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.