تحذير النظام من انتهاكات يرجّح تصعيداً في إدلب بغطاء روسي

اجتماع «الدستورية» المقبل بعد عطلة رأس السنة مباشرة

TT

تحذير النظام من انتهاكات يرجّح تصعيداً في إدلب بغطاء روسي

أكدت موسكو، أمس، استمرار توسيع مسار دوريات الشرطة العسكرية الروسية على طول الحدود بالمناطق الشمالية في سوريا في إطار تنفيذ اتفاق سوتشي الموقّع مع تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا اللواء يوري بورينكوف، في إيجاز صحافي أمس، استكمال خطط لتوسيع المسارات التي تنشط فيها الشرطة العسكرية الروسية. وقال إن الدوريات التي تم تسييرها أخيراً اتخذت مسارات مختلفة في محافظتي حلب والرقة السوريتين، إضافة إلى إطلاق دوريات جوية باستخدام المروحيات التي ترافق تحرك الآليات على الأرض لحمايتها.
وقال رئيس المركز الذي يعمل من قاعدة «حميميم» إنه في إطار هذا التوسيع، بدأت قافلة من العسكريين الروس والأتراك بتنفيذ دورية مشتركة في محافظة حلب، جرت تحت غطاء المروحيات الحربية الروسية، مشيراً إلى أنه سيتم الإعلان عن مسارات جديدة في إطار الالتزام بتطبيق كامل للاتفاق الروسي - التركي.
وتطرق بورينكوف إلى الوضع في إدلب، على خلفية تصاعد التوتر في هذه المنطقة خلال الأيام الأخيرة. وقال إن المسلحين المتمركزين في منطقة خفض التصعيد «يواصلون انتهاكاتهم للهدنة»، مشيراً إلى «رصد 56 عملية قصف خلال الساعات الـ24 الماضية، استهدفت 32 بلدة وقرية في محافظات حلب واللاذقية وإدلب».
وكانت موسكو كررت خلال الأيام الأخيرة التحذير من «تصعيد نشاط المسلحين في إدلب»، رداً على اتهامات غربية للروس والقوات السورية الحكومية باستهداف مواقع مدنية في المحافظة السورية. وتحدثت وسائل إعلام روسية قبل يومين عن «تصدي الجيش السوري لهجوم عنيف شنه تنظيما (جبهة النصرة) و(أجناد القوقاز) على مواقع تابعة للجيش في ريف إدلب الجنوبي الشرقي». ونقلت عن مصادر عسكرية أن هجوماً واسعاً استهدف مواقع الجيش السوري على محور بلدتي عجاز وسرجة جنوب شرقي إدلب، وأنه «تم التصدي له».
وأفادت قاعدة «حميميم» بعد ذلك بأن القوات الروسية رصدت عشرات الانتهاكات في محيط إدلب، مما دفع إلى ترجيح أن تكون دمشق تستعد لشن عملية واسعة في المنطقة بغطاء جوي روسي.
على صعيد آخر، نقلت شبكة «سبوتنيك» الحكومية الروسية عن محمد خير عكام، عضو مجلس الشعب السوري، وعضو الوفد الوطني السوري في اللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجنة الدستورية، أنه تم الاتفاق من حيث المبدأ على تحديد الموعد الجديد لانعقاد اجتماعات اللجنة في جنيف.
وقال عكام إن «هناك اتفاقاً مبدئياً مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، لعقد الاجتماع الجديد للجنة المصغرة المنبثقة عن اللجنة الدستورية، بعد يوم 10 يناير (كانون الثاني) من العام الجديد، وذلك بعد انتهاء فترة أعياد الميلاد والاحتفالات برأس السنة الميلادية».
ويأتي تحديد الموعد الجديد بعد تعثر اجتماع اللجنة الدستورية السورية الأخير في جنيف، بسبب الخلافات الحادة بين وفدي الحكومة والمعارضة.
وحمل عكام المعارضة المسؤولية عن فشل الاجتماع السابق، وقال إن «إمكانية نجاح الاجتماع الجديد في تجاوز الخلافات السابقة، متوقفة على سلوك الطرف الآخر، الذي يجب أن يتحلى بالجدية، والوطنية».
وكان بيدرسن أعلن عن فشل أطراف اللجنة الدستورية السورية في التوصل إلى اتفاق حول أجندة العمل.
وكشف بيدرسن الجمعة الماضي بعد تعثر أعمال اللجنة عن أنه واظب على «إجراء اجتماعات عدة مع الأطراف خلال أيام المشاورات في محاولة للتوصل لإجماع (حول الأجندة)، لكن ذلك لم يحدث»، معرباً عن أمله في تذليل العقبات تحضيراً لانعقاد الجولة المقبلة.
ولفت المبعوث الأممي إلى أن «أهم شيء حالياً هو حماية اللجنة الدستورية ومواصلة العمل بالروح نفسها التي سادت؛ وهي روح التوافق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.