تبادل شتائم في نقاشات البرلمان التونسي

TT

تبادل شتائم في نقاشات البرلمان التونسي

توقفت أشغال إحدى لجان البرلمان التونسي، أمس، بعد نقاشات حامية، تطورت إلى حد تبادل السب والشتائم بين نواب «الحزب الدستوري الحر»، الذي تتزعمه عبير موسي، ونواب حركة النهضة المسيطرة على المشهد البرلماني بزعامة راشد الغنوشي.
وأعلن نواب كتلة الحزب الدستوري الحر دخولهم في اعتصام بمقر البرلمان، وتوجهوا إلى قاعة الجلسة التي شهدت تبادل السباب والشتائم منذ أول من أمس خلال جلسة الأشغال التابعة للجنة الوقتية للمالية.
وقطعت عبير موسي، رئيسة الكتلة البرلمانية للحزب الدستوري الحر، أشغال الجلسة، رافضة مشاركة نواب حركة النهضة في أي نشاط بالمجلس، قبل تقديم اعتذار رسمي في حق كتلتها البرلمانية. وعرضت على بقية النواب صورة على هاتفها النقال، قالت إنها «نسخة عن بطاقة انخراط النائبة جميلة الكسيكسي (من النهضة) في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، الذي كانت موسي من أبرز قياداته السياسية. وجددت موسي مطالبتها لـ«كتلة الإخوان»، حسب تعبيرها، بإصدار بيان اعتذار عما بدر من النائبة جميلة الكسيكسي، معتبرة أن ذلك يعد «عنفا سياسيا يرتقي إلى جريمة السب العلني». موضحة أنه لا مجال لاعتبار مجلس نواب الشعب (البرلمان) امتدادا لمجلس شورى حركة النهضة، كما أوضحت أن كتلتها «كشفت تلاعبا في المصادقة على أحد فصول قانون المالية التكميلي لسنة 2019».
وغاب رئيس البرلمان راشد الغنوشي عن مكتبه صباح أمس، وقد أوضح عدد من النواب أنه فضل الذهاب إلى مجلس المستشارين، القريب من مقر البرلمان، تجنبا لأي مواجهة مع نواب «الدستوري الحر»، الذين اعتصموا أمام مكتبه. لكن سمير ديلو، القيادي في حركة النهضة، تدخل لتهدئة الأوضاع المتشنجة بإدانته استعمال عبارة «كلوشار» (أبناء الشوارع)، التي وصف بها نواب «الدستوري الحر»، وكذلك استعمال كلمة «دواعش» الموجهة إلى ممثلي التيار الإسلامي في البرلمان التونسي. لكن رغم محاولة التهدئة، فقد احتد النقاش بين سمير ديلو وعدد من نواب الحزب الدستوري الحر، ما حدا برئيس لجنة المالية إلى رفع أشغالها.
وفي تصريح إعلامي عقب رفع أشغال اللجنة، أفاد ديلو بأن أحد المنتسبين للحزب الدستوري الحر نشر على أحد مواقع التواصل الاجتماعي صورة للنائبة جميلة الكسيكسي، مصحوبة بتعليق «مهين». وفي الوقت ذاته، أكد مصدر من «النهضة» أن الحركة سترفع قضية ضد أحد قيادات «الحزب الدستوري» بسبب نشره على صفحته بالفيسبوك صورة «غوريلا»، في استهداف عنصري صريح ضد النائبة الكسيكسي، السمراء البشرة.
ودعت رئاسة البرلمان الجميع إلى احترام مقتضيات النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب(البرلمان)، وأكدت أنها «ستقوم بما يتعين لسحب العبارات المنافية من مداولات مجلس نواب الشعب». مؤكدة أنها ستحرص على فرض الاحترام المتبادل، وتنقية مناخ العمل المشترك، بحسب ما ورده في بيان أصدرته رئاسة البرلمان.
في السياق ذاته، وجه النائب فيصل التبيني، عن حزب «صوت الفلاحين»، انتقادات لراشد الغنوشي رئيس البرلمان خلال جلسة برلمانية بقوله: «كان عليك أن تنطلق بمحاسبة نفسك باعتبارك الرئيس الفعلي للحكومة، كما أنك كنت رئيسا لحزب يقود حكومة الترويكا (2013 - 2011) ولم تنجزوا وعودكم الانتخابية للقضاء على التفاوت بين الجهات».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».