حفل توزيع جوائز الموضة لـ2019 يحتفي بالتغيير

«بوتيغا فينيتا» تفوز بأربع جوائز... والتنوع والاختلاف يفرضان نفسيهما

ريهانا
ريهانا
TT

حفل توزيع جوائز الموضة لـ2019 يحتفي بالتغيير

ريهانا
ريهانا

يبدو أن عالم الموضة اتفق على أن التغيير الإيجابي خطوة مهمة نحو المستقبل، سواء كان بالاستدامة أو حماية البيئة أو معانقة الآخر ورفض كل أنواع التمييز. لهذا لم يكن غريباً أن يكون «التغيير» شعار «أوسكار الموضة» لهذا العام، وهو الحفل السنوي الذي ينظمه مجلس الموضة البريطاني، ويحضره نجوم هوليوود ومصممون وصناع موضة ومؤثرون من كل أنحاء العالم. ليلة يترقبها الكل ويتحضرون لها بكل ما جادت به الأنامل الناعمة من أزياء أنيقة ومجوهرات فاخرة.
لكن ما يُحسب لهذه المناسبة ورغم تشجيعها على البريق وكل ما يُعزز أهميتها من الناحية الجمالية، أنها تحتفل بالمبدعين، مخضرمين كانوا أو من الشباب، وتُعطيهم حقهم. إلى جانب الأحياء، لم تنس يوم الاثنين أن تذكر بإسهامات الراحل كارل لاغرفيلد، من خلال كلمة ألقتها كل من أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الأميركية، التي كانت له علاقة وطيدة به، وصديقته المقربة أماندا هارليش، التي كشفت أن دار «شانيل» ستُخصص منحة دراسية في معهد سانترال سانت مارتنز تكريماً له ولذكراه. فهو من أكثر المصممين الذين يعرفون قيمة هذه المنح بالنسبة للطلبة، بحكم أنه حصل على واحدة منها في بدايته، وهي «جائزة وولمارك» في عام 1954؛ كان لها مفعول السحر على مسيرته، حيث ساعدته على الانطلاق وترسيخ قدميه كمصمم سيصبح له شأن فيما بعد. افتتاح الحفل بعرض لطلبة من معهد «سانترال سانت مارتنز» بعنوان «العرض الأبيض» كان مناسباً جداً، ليس بسبب منحة «شانيل» فحسب، بل أيضاً لأن لندن كانت وستظل راعية للمواهب الصاعدة. ورغم أن لندن تدعم الشباب وتعتمد عليهم لتتميز عن باقي عواصم الموضة، فإنها لا تنسى الكبار من المخضرمين، بدليل أن المصمم جيورجيو أرماني حصل على جائزة تقدير، تسلمها من كل من جوليا روبرتس وكايت بلانشيت. المغنية جانيت جاكسون حضرت أيضاً الحفل وقدمت للمغنية ريهانا جائزة «إيربان لاكس» عن ماركتها الجديدة «فانتي». وطبعاً لم تُفوت هذه الأخيرة المناسبة للتذكير بأهمية احتضان الآخر والتنوع بقولها إنها أول امرأة سمراء تقود دار أزياء تحت مظلة مجموعة ضخمة هي «إل في آم آش»، مشيرة إلى مدى التغيير الذي تشهده الموضة حالياً. أمر أكدته أيضاً العارضة ناعومي كامبل، التي حصلت على جائزة أيقونة الموضة من خلال خطاب طويل، استعرضت فيه مسيرتها ومدى التمييز العنصري الذي تعرضت له في بداياتها، وكيف أن الموضة تداركت هذا الأمر مؤخراً. ومع ذلك، ترى أن الأمر لا يزال في أوله ويحتاج إلى المزيد. قالت في خطابها: «لقد اكتشفت اليوم أني أول امرأة غير بيضاء تتسلم هذه الجائزة في تاريخ الموضة».
سمراء أخرى حازت على جائزة عارضة العام، وهي أدوت أكيش. هي الأخرى أشارت إلى النقطة نفسها والمتاعب التي تعرضت لها، وكيف أنها تمكنت من الاستمرار بفضل دعم البعض لها، مثل مصمم دار «فالنتينو» بيير باولو بيكيولي ورئيس تحرير مجلة «فوغ» النسخة البريطانية، إدوارد إيننفيل. كان خطابها مؤثراً وهي تذرف الدموع وتقول: «يجب أن نتذكر دائما أنه من النادر أن يفوز شخص مثلي بجائزة مماثلة... أريد ممن هم مثلي ألا يخافوا من أحلامهم، وأقول لهم بألا يشككوا في قدراتهم فقط لأن الآخر يقول لهم إن أحلامهم بعيدة المنال... من كان يتصور أن تقف لاجئة من جنوب السودان أمامكم اليوم في قاعة الألبرت هول».
لكن اللافت هذا العام أن دار «بوتيغا فينيتا» حصدت أكبر عدد من الجوائز هذا العام. 4 جوائز بالتمام والكمال، هي أحسن مصمم أكسسوارات لمصممها الشاب دانييل لي، وأحسن مصمم أزياء نسائية، مصمم العام وأخيرا وليس آخرا فازت «بوتيغا فينيتا» بجائزة أحسن دار. جدير بالذكر أن المصمم دانييل لي، وإلى عام 2018 لم يكن اسماً مشهوراً على المستوى العالمي. ثم عينته دار «بوتيغا فينيتا» ليؤكد قدراته على إبداع قطع تؤجج الأحلام والرغبة فيها. ولحد الآن يعمل المصمم في الظل متحاشياً الأضواء، تاركاً المجال لإبداعاته لتتكلم عنه. وهذا ما حصل، إذ لن يشكك أحد بعد الآن في قدراته، وكما قال في واحد من خطاباته الـ4 وهو يتسلم الجائزة، إن «الجميل في عالم الموضة قدرتها على خلق عالم متوازٍ يتلاقى فيه الجمال والأناقة بالأحلام والأماني»، مضيفاً: «يمكننا أن نهنئ أنفسنا على الجمال الذي أبدعناه للعالم هذا العام... فهو يحتاجنا الآن أكثر من أي وقت سبق».



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.