ظاهرة تتفاقم عربيا... كيف نتجنب تزايد حالات الانتحار؟

مشنقة يستخدمها البعض لإنهاء حياتهم (رويترز)
مشنقة يستخدمها البعض لإنهاء حياتهم (رويترز)
TT

ظاهرة تتفاقم عربيا... كيف نتجنب تزايد حالات الانتحار؟

مشنقة يستخدمها البعض لإنهاء حياتهم (رويترز)
مشنقة يستخدمها البعض لإنهاء حياتهم (رويترز)

تضج وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بأخبار مأساوية تتناول حالات انتحار بين الشباب، آخرها قصة الشاب المصري الذي انتحر من أعلى برج القاهرة، وثلاثة شبان لبنانيين أقدم أحدهم على الانتحار منذ يومين، واثنين قررا إنهاء حياتهما، اليوم (الأربعاء).
ولاقى انتحار طالب جامعي من أعلى برج القاهرة يوم السبت الماضي، اهتماماً واسعاً في مصر، خصوصاً أن برج القاهرة شهد حوادث انتحار نادرة خلال آخر 10 سنوات. وحسب الشرطة المصرية، فإن الشاب، واسمه نادر، هو طالب بكلية الهندسة في جامعة حلوان. وأكد صديقه لأجهزة الأمن أنه كان «يعاني من أزمة نفسية حادة».
وفي لبنان، دفع تراكم الديون ناجي الفليطي (40 عاماً) إلى الانتحار بعدما وجد نفسه عاجزاً عن تسديدها وتوفير احتياجات أسرته، في خضم أزمة سياسية واقتصادية خانقة في البلاد، وفق ما أفاد قريبه لوكالة الصحافة الفرنسية يوم الاثنين.
ويعيش ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل البطالة 30% في صفوف الشباب. ويهدد الانهيار الاقتصادي الحالي بارتفاع هذين المعدلين، وفق البنك الدولي، في غياب حكومة، منذ استقالة الحكومة تحت ضغط الشارع الشهر الماضي، حسب الوكالة.
كما أقدم شاب يدعى داني بوحيدر من منطقة النبعة اللبنانية على الانتحار، اليوم، بسبب الأوضاع المعيشية السيئة التي تعاني منها البلاد. وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد رددوا خبراً مفاده أن داني طُرد من عمله ولذلك قرر إنهاء حياته، إلا أن شركة «دباس» التي يعمل فيها داني أصدرت بياناً نفت ما يتم تداوله، وقالت: «نأسف لما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بأن المرحوم داني بوحيدر قد صُرف من عمله»، وأكدت أن «هذا الخبر عار عن الصحة»، داعيةً إلى «توخي الدقة قبل إطلاق أو نشر أي شائعات بهذا الشأن».
كما عثر اليوم أيضاً على اللبناني أنطونيو طنوس، وهو عنصر في قوى الأمن الداخلي جثة هامدة، في حادثة يرجّح أن تكون عملية انتحار أخرى لأسباب ليست معروفة بعد. إلا أن الأسباب تكثر والنتيجة واحدة.
وفي هذا الصدد، تقول الاختصاصية والمعالجة النفسية كارلا عساف، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك دراسة لمؤسسة «إدراك» تؤكد أن مستويات القلق والاضطراب والاكتئاب تعد الأعلى في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (عام 1990)، أي منذ 20 عاماً تقريباً.
وأضافت: «ألاحظ من المرضى الذين يزورون عيادتي أن مستوى الإحباط زاد بشكل كثيف في الشهرين الذين سبقا الانتفاضة الشعبية التي بدأت في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث إن الأعراض الجسدية بدأت تظهر على العديد ممن عانوا من بداية اكتئاب أو قلق».
وأكدت عساف أن الدراسة التي سبق وذكرتها أشارت إلى أن لبنان أمام أعلى مؤشر للانتحار منذ فترة الحرب الأهيلة أيضاً، وتابعت: «ما نراه اليوم من حالات انتحار مأساوية قد تكون مقدمة لحالات متعددة أخرى في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد».
وكشفت عساف عن بعض الخطوات التي يجب على المواطنين في لبنان والدول التي تعاني من أزمات أو مشقات اقتصادية اتباعها لإبعاد أنفسهم ومن يحبوهم عن ظاهرة الانتحار، وهي:
- تقليص فترة سماع - قراءة الأخبار: على المواطنين الابتعاد عن إدمان سماع الأخبار والمستجدات وربط هذا النشاط بساعات محددة يومياً. فمثلاً، يمكن للفرد سماع نشرة الأخبار في الصباح لنصف ساعة، وتصفح بعض المواقع الإخبارية لمدة لا تتجاوز نصف ساعة أيضاً خلال اليوم، وسماع نشرة مسائية مقتضبة إن أمكن. فزيادة الاهتمام بالتطورات التي لا يمكننا تغييرها لا تسبب شيئاً إلا القلق والتوتر النفسي.
- النوم: على الأشخاص الحصول على قسط كافٍ من الراحة خلال اليوم، خصوصاً أولئك الذين يشاركون في المظاهرات والتحركات المطلبية، أي الذين ينفعلون أكثر من غيرهم. فعدم الحصول على ساعات كافية من النوم قد يسبب الاضطراب ويزيد من الاكتئاب.
- الحصول على نظام غذائي منتظم: أكدت عساف أنه على الأشخاص، خصوصاً أولئك المعرضين للإصابة بالاكتئاب، التقليل من كميات السكر التي يتناولونها، ذلك لأنها ترتبط مباشرة بالشعور السلبي، على عكس ما هو شائع.
- التقيد بروتين يومي مبدئي: على الفرد الالتزام بممارسة أمور حياتية مبدئية تجلب له الفرح والسعادة، مثل سماع الموسيقى كل صباح والذهاب إلى العمل كي يشعر الشخص بتحقيق الذات، وممارسة الرياضة. وأن ممارسة رياضة المشي لأكثر من نصف ساعة يومياً تساعد جسمنا على فرز مادة تحسَن المزاج، حسب آخر الدراسات.
- التعبير عن الذات: من المهم جداً أن يكون للفرد أصدقاء أو أهل أو أي شخص يثق به قادرين على السماع لإنجازاته ولمشكلاته أيضاً. فالتحدث عن المشكلة قد يكون بداية لحل ما. كما من المهم تجنب الأشخاص الذين قد يشكّلون إزعاجاً أو عدم ارتياح للفرد.
- طلب المساعدة: في حال سمعنا أن شخصاً يفكر في الانتحار، علينا أخذ هذا الإنذار بجدية وطلب مساعدة من إحدى الجمعيات أو الخبراء النفسيين المجاورين لنا، الأمر الذي قد ينقذ حياته.


مقالات ذات صلة

في تركيا... رجل يقتل سبعة بينهم ستة من أفراد عائلته ثم ينتحر

شؤون إقليمية يتم تداول أكثر من 13.2 مليون قطعة سلاح ناري في تركيا معظمها بشكل غير قانوني (أ.ف.ب)

في تركيا... رجل يقتل سبعة بينهم ستة من أفراد عائلته ثم ينتحر

قتل رجل تركي (33 عاماً) سبعة أشخاص بالرصاص في إسطنبول، الأحد، من بينهم والداه وزوجته وابنه البالغ 10 سنوات، قبل أن ينتحر، على ما أفادت السلطات التركية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)
الولايات المتحدة​ جنود أميركيون (رويترز - أرشيفية)

ارتفاع حالات الانتحار في الجيش الأميركي عام 2023

قال مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الأميركية، إن حالات الانتحار في الجيش الأميركي زادت عام 2023، وهو ما يمثل استمراراً لاتجاه طويل الأمد كافح البنتاغون للحد منه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

من مايكل جاكسون إلى ليام باين، مروراً بماثيو بيري وغيرهم من النجوم... خيطان جمعا ما بينهم؛ الشهرة المبكّرة والوفاة التراجيدية التي تسببت بها تلك الشهرة.

كريستين حبيب (بيروت)
تكنولوجيا السيدة اتهمت روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار (رويترز)

سيدة تتهم روبوت دردشة بدفع ابنها إلى الانتحار

اتهمت سيدة أميركية روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار بعد أن أصبح «مهووساً به».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق السلامة أولاً وأخيراً (أ.ب)

«وعاء» نيويورك الشبيه بخلية يُرحِّب مجدّداً بالزوار... و«سلامتهم»

صعد السياح مجدّداً درجات منحوتة «الوعاء» في مانهاتن التي تتّخذ شكل خلية نحل، وذلك بعد إعادة إتاحة زيارتها أمام الجمهور للمرة الأولى منذ 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (مانهاتن (الولايات المتحدة))

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.