المشاورات ترجح كفة 5 أحزاب للمشاركة في الحكومة التونسية الجديدة

TT

المشاورات ترجح كفة 5 أحزاب للمشاركة في الحكومة التونسية الجديدة

بعد أكثر من أسبوعين من المشاورات السياسية الصعبة، بسب الشروط التي وضعها بعض الأحزاب للمشاركة في الحكومة المنبثقة عن الانتخابات البرلمانية التونسية الأخيرة، بدأت تتضح ملامح تركيبة الائتلاف الحكومي الجديد، بعد استثناء بعض الأطراف غير المرغوب في انضمامها للائتلاف الحاكم، إذ قال رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي إن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والعدل سيقودها مستقلون ضمن حكومته الإتلافية، بحسب تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء أمس.
ومن المنتظر أن يتكون هذا الائتلاف الجديد من خمسة أطراف سياسية، بزعامة حركة النهضة (54 مقعداً برلمانياً)، إلى جانب حزب «التيار الديمقراطي» (22 مقعداً برلمانياً) بزعامة محمد عبو، و«ائتلاف الكرامة» (21 مقعداً)، و«حركة الشعب» (15 مقعداً) بزعامة زهير المغزاوي، علاوة على «حركة «تحيا تونس» (14 مقعداً) التي يتزعمها يوسف الشاهد.
ومن المرجح أن يقدم الجملي تشكيلة حكومته لنيل ثقة البرلمان خلال الأسبوع المقبل، في محاولة منه لتشكيل الحكومة على أساس «برنامج وخيارات واضحة، تشارك فيها كفاءات حقيقية مقتدرة، تتوفر فيها معايير النزاهة والقدرة على التسيير وسرعة التنفيذ»، خصوصاً بعد بروز ملامح اضطرابات اجتماعية وأمنية مختلفة، تفرض التعجيل بتشكيل الحكومة المقبلة، ومن أبرزها الاحتجاجات التي تشهدها مدينة جلمة في ولاية (محافظة) سيدي بوزيد (وسط) للمطالبة بالتنمية والتشغيل، وغضب الأهالي بعد الفاجعة المرورية التي أودت بحياة 27 شخصاً في منطقة عين السنوسي الجبلية (غرب)، والتفاوت المحلي بين الجهات، علاوة على عودة احتجاجات الشباب المعطل عن العمل.
وفي حال نجحت جلسات التفاهم حول الحقائب الوزارية، وتأكد حصة كل طرف سياسي في الحكومة المقبلة، فإن الحزام السياسي الداعم لحكومة الجملي سيتجاوز حدود 126 نائباً برلمانياً، في انتظار تصويت بعض المستقلين لصالحها. علماً بأن نيل ثقة البرلمان يتطلب حصول الحكومة على 109 أصوات. غير أنها ستبحث عن أكبر حصة من الدعم السياسي ضماناً لاستقرارها. وفي هذا السياق، دعا رئيس الحكومة المكلف، الأحزاب المعنية بالمشاركة في الائتلاف الحاكم إلى تقديم مقترحاتها، المتعلقة بشأن تعيين شخصيات لتولي حقائب وزارية، وطلب من تلك الأطراف المشارَكة في مفاوضات التشكيل الحكومي دون شروط مسبقة.
وتستثني المشاورات المتعلقة باقتراح شخصيات لمناصب وزارية حزب «قلب تونس»، الذي يتزعمه نبيل القروي، لكنها ستشمل بعض الشخصيات المستقلة لتولي حقائب وزارية ذات طبيعة مالية واقتصادية.
ووفق مصادر شاركت في المفاوضات الماراثونية المتواصلة، فإنه من المرجح أن يُبقي رئيس الحكومة المكلف على هشام الفراتي، وزير الداخلية الحالي، على رأس نفس الوزارة، بهدف تجاوز الخلاف الحاد الذي أفرزه اجتماع مجلس شورى حركة «النهضة»، ذلك أن شقاً واسعاً من قيادات الحركة ساند مقترح إضفاء روح جديدة على «الداخلية»، باعتبارها أهم الوزارات، بينما رأت قيادات أخرى أن إبقاء الجملي على الفراتي يعد «ضماناً للاستقرار الأمني وقطعاً للطريق أمام حزب التيار الديمقراطي، الذي اشترط حصوله على (الداخلية) من أجل المشاركة في الحكومة»، وهو المقترح الذي رفضته «النهضة» بشدة.
على صعيد آخر، خصص البرلمان جلسة أمس لمناقشة حادث المرور الذي وقع الأحد الماضي بولاية باجة، حيث دعا النواب إلى ضرورة فتح تحقيق سريع في هذه الفاجعة، كما فتحوا ملفات التنمية الجهوية بالشمال الغربي، منتقدين غياب مبدأ التمييز الإيجابي الذي أقره دستور 2014.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».