تقرير رسمي يكشف ارتفاع شكاوى المغاربة من الإدارات

يتصدرها قطاعا العدل والداخلية

TT

تقرير رسمي يكشف ارتفاع شكاوى المغاربة من الإدارات

أقر محمد بنعليلو، رئيس مؤسسة «الوسيط» المغربية، المتخصصة في تلقي شكاوى المواطنين ضد الإدارات، أن ارتفاع عدد الشكاوى والتظلمات التي تتلقاها المؤسسة يكشف أن المواطن لا يلمس أثراً لبرامج الإصلاح في علاقته اليومية بالمؤسسات العامة، الأمر الذي يعمّق ضعف ثقة المواطن في الإدارة.
وأوضح بنعليلو خلال عرضه تقرير المؤسسة لعام 2018 في لقاء نظّمته، أمس، وكالة الأنباء المغربية، أن المؤسسة وصلت إليها 9865 شكوى في 2018، «وهو رقم كبير جداً يعكس ضعف رضا المواطن عن الإدارة». وأشار إلى أن عدد الشكاوى زاد بنسبة 5%، وهو ما عدّه «ظاهرة غير صحية». لافتاً إلى أن معظم هذه التظلمات يتعلق بشكاوى مرتبطة بقطاع العدل والتظلم من أحكام قضائية، يليها قطاع وزارة الداخلية وشكاوى من أعوان السلطة.
أما أهم القطاعات المعنية بالشكاوى، التي تدخل في اختصاص المؤسسة، فيتصدرها قطاع وزارة الداخلية بنسبة 30.4%، يليه قطاع الاقتصاد والمالية بنسبة 18.3% (نزاعات حول التعويضات المالية)، ثم قطاع التربية والتعليم بنسبة 11%، والجماعات الترابية بمعدل 10% من مجموع عدد التظلمات.
وبخصوص ما سماها «جغرافية التظلمات»، قال بنعليلو إن التقرير خلص إلى أن جهة «طنجة - تطوان – الحسيمة» (شمال) تأتي في مقدمة المناطق التي تَرِد منها الشكاوى، وذلك بنسبة 18%، تليها جهة «فاس – مكناس»، ثم جهة «الدار البيضاء – سطات»، وجهة «الرباط - سلا – القنيطرة»، وجهة الشرق.
وحول تصنيف الشكاوى، أوضح بنعليلو أن الشكاوى ذات الطبيعة الإدارية تتصدر القائمة، تليها القضايا المالية والعقارية، ثم الشكاوى المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية. أما بخصوص مآل التظلمات، فقد أبرز المسؤول المغربي أن عدد الشكاوى التي جرت تسويتها لم تتعدَّ 480 قضية، فيما 2110 لم تجد طريقها إلى الحل، وبالتالي فإن نسبة التنفيذ لا تتجاوز 23%، وهو ما عدّها «نسبة متواضعة لا تصل إلى درجة الطموح»، معتبراً ذلك «علامة سوداء في علاقة الإدارة بمؤسسة الوسيط»، وإن كان هذا الحكم غير معمم لوجود إدارات متعاونة.
من جهة أخرى، سرد المسؤول المغربي عدداً من اختلالات الإدارة المغربية، وصنّفها إلى صنفين: عامة وأخرى مرتبطة بقطاعات معينة، وقال إن الصنف الأول ينتج عن تغيير هيكلة الحكومة، وإدماج بعض الوزارات، ثم بطء تنزيل اللاتمركز الجهوي، وعدم تخويل الصلاحيات للإدارة الجهوية، وهو ما يسمح للموظفين بالتملص من المسؤولية.
فيما يتمثل أغلب الاختلالات القطاعية في تعثر تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، وفي أداء المستحقات المالية، وعدم الالتزام بقانون نزع الملكية.
أما بشأن التوصيات التي تلجأ إليها المؤسسة بعد فشل كل محاولات التسوية الودية، فقد أوضح بنعليلو أنه منذ 2011 وإلى غاية 2018 أصدرت المؤسسة 1941 توصية في مختلق القطاعات، نُفذ منها 41% فقط، مقابل 58% لم تُنفّذ، وهي نسبة كبيرة جداً. وتتصدر الجماعات الترابية (البلديات) المؤسسات التي لا تنفذ التوصيات، تليها الولايات والعمالات (المحافظات)، ثم رئاسة الحكومة والداخلية والتربية والتعليم.
في سياق ذلك، أشار تقرير مؤسسة الوسيط إلى أن 3% من التوصيات لم تتوصل المؤسسة بشأنها إلى أي جواب، وهو «أمر غير مقبول»، حسب بنعليلو. مبرزاً أنه «رغم الجهود التي تبذلها المؤسسة فإنه ليس لعملها وقع على المواطن... وما نرجوه هو المكاشفة، ونجاحنا لا يكمن في جرد الاختلالات وإصدار التوصيات، بل إيجاد الحلول من أجل دعم ثقة المواطن في الإدارة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.