رحلة مع لبلبة: وسادتي رفيقتي في السفر لا أستغني عنها أينما ذهبت

مارينا في الساحل الشمالي المصري وجهة ثابتة للبلبة
مارينا في الساحل الشمالي المصري وجهة ثابتة للبلبة
TT

رحلة مع لبلبة: وسادتي رفيقتي في السفر لا أستغني عنها أينما ذهبت

مارينا في الساحل الشمالي المصري وجهة ثابتة للبلبة
مارينا في الساحل الشمالي المصري وجهة ثابتة للبلبة

بينما كانت تستعد للسفر إلى تونس لحضور مهرجان قرطاج السينمائي، انشغلت الفنانة لبلبة في إعداد حقيبتها، خشية أن تنسى حاجيات مهمة في ملابسها وأكسسوارتها. ملابس للصباح، وفساتين للسهرة، وحقائب وأحذية مناسبة لكل منها؛ أمر معتاد بالنسبة لممثلة شهيرة، لكن من غير المعتاد أن يكون أول ما تضعه لبلبة في حقيبتها هو «وسادة». فهذه أهم أكسسوار بالنسبة لها في السفر، وبالتالي لا تستغنى عنها أينما ذهبت. تروى لبلبة حكايتها في السفر لـ«لشرق الأوسط» قائلة:
- إذا نسيت وسادتي الخاصة، يجافيني النوم وأعاني من الأرق. هي وسادة عادية، لكني اعتدت عليها... أرتاح لها وتشعرني بالأمان.
- أغلب سفرياتي تكون لحضور مهرجانات سينمائية، سواء كنت أشارك فيها بأفلام أو أحل ضيفة عليها. ومن أحب البلدان إلى نفسي تونس، فهي تشبه باريس، كما أحب شعبها الطيب، وانفتاحهم الثقافي والفني.
وأكثر مكان زرته مدينة «كان» الفرنسية، فأنا أواظب على حضور مهرجانها السنوي على مدى 18 عاماً متواصلة، إلى حد أني أحفظ شوارعها وشواطئها عن ظهر قلب.
- باريس أيضاً محطة مهمة في حياتي، أعشقها ولي فيها ذكريات حلوة. فقد كانت وجهة دائمة لي ولأمي طوال فترة مرضها. وفي إحدى المرات، كنا في رحلة استجمام. وخلال الزيارة، تعرضت أمي لمتاعب مفاجئة، وصدمت في المستشفى الأميركي بعد إبلاغي بـ«إذا مرت 8 ساعات بسلام، سوف تكون قد اجتازت الأزمة». والحمد لله مرت الأزمة، وظللنا في باريس شهراً كاملاً، وتحسنت حالتها، وكنا نراجع الطبيب كل ستة أشهر، لذا لا يوجد مكان في باريس لا أعرفه. ورغم رحيل أمي منذ سنوات، لا زلت أشعر بها معي كلما زرتها.
- لا أسافر من أجل التسوق لأنني بطبيعتي أميل إلى البساطة ولبس الكاجوال، ولا أحب المبالغة. وبالنسبة لفساتين السهرة، هناك مصممون مصريون وعرب برعوا فيها في السنوات الأخيرة، لذا لا أحب أن أرهق نفسي في جولات التسوق عندما أكون بالخارج، وأفضل أن أستغل كل دقيقة لكي أتعرف على المدن التي أزورها، من خلال مبانيها وأماكنها التاريخية ومتاحفها وشوارعها.
- العاصمة البريطانية لندن تعد من الوجهات المعتادة بالنسبة لي. زرتها كثيراً من أجل شقيقي سركيس الذي يقيم بها، كما زرت روسيا والصين والولايات المتحدة، وقضيت وقتاً ممتعاً بهاواي، المدينة الأكثر جمالاً ومتعة.
- في مصر، وعندما أنوي قضاء فترة استجمام، عادة ما أتوجه إلى مارينا بالساحل الشمالي في البحر المتوسط، خلال شهور الصيف، خصوصاً إذا لم أكن مرتبطة بتصوير عمل. فهناك بيتي الذي أشعر فيه بالراحة. أقضي وقتي في تأمل البحر والسباحة. ورغم سفرياتي الكثيرة للخارج، فإنني لا أستطيع أن أغيب عن مصر لأكثر من 3 أيام، وأشعر بالحنين لها، ولبيتي الذي يطل على نهر النيل الذي ألقي عليه تحية الصباح كل يوم.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».