أملاك مسيحية في القدس مهددة لصالح المستوطنين

«الروم الأرثوذكس» حصلت على قرار بتجميد البيع لظهور بيّنات غش

 وقفة احتجاج أمام أملاك مسيحية استحوذت عليها جمعية استيطانية في القدس القديمة يوليو الماضي (مواقع تواصل)
وقفة احتجاج أمام أملاك مسيحية استحوذت عليها جمعية استيطانية في القدس القديمة يوليو الماضي (مواقع تواصل)
TT

أملاك مسيحية في القدس مهددة لصالح المستوطنين

 وقفة احتجاج أمام أملاك مسيحية استحوذت عليها جمعية استيطانية في القدس القديمة يوليو الماضي (مواقع تواصل)
وقفة احتجاج أمام أملاك مسيحية استحوذت عليها جمعية استيطانية في القدس القديمة يوليو الماضي (مواقع تواصل)

نُصبت شجرة عيد الميلاد على مدخل فندق «إمبريال» في البلدة القديمة من القدس الشرقية المحتلة وزُينت، إيذاناً ببدء الاحتفالات، لكن التهديد بإخلاء قريب محتمل للمبنى لصالح الجمعيات الاستيطانية يخيّم على أجواء الأعياد.
وتمتلك الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية فندقي «إمبريال» و«البترا» الواقعين عند مدخل باب الخليل في الحي المسيحي في البلدة القديمة، ويهدد الإخلاء الفندقين بعد أن استحوذت عليهما جمعية استيطانية بالإضافة إلى عقار ثالث هو «بيت المعظمية» في الحي الإسلامي.
وصادقت المحكمة العليا الإسرائيلية في يونيو (حزيران) الماضي على بيع أملاك للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية لجمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية بعد فشل محاولات بطريركية الروم الأرثوذكس في إلغاء البيع عبر الطعن بقرار المحكمة المركزية التي أقرت عملية البيع في 2017.
وطرأ الأسبوع الماضي تطور على مجريات القضية بعدما أقرت محكمة إسرائيلية بتجميد إجراءات نقل العقارات وإخلائها لصالح المستوطنين، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. يقول ماهر حنا محامي عائلة الدجاني التي تستأجر فندق «إمبريال» المكون من طابقين يحتويان 48 غرفة: «حصلت البطريركية على قرار غيابي من المحكمة بتجميد البيع لظهور بيّنات تكشف عن غش وخداع في عملية البيع وعليه لا يجوز التعاقد». وتتملك أبو الوليد الدجاني مدير الفندق، المخاوفُ التي تجعله غير متفائل. يقول أبو الوليد: «هذا القرار سيف ذو حدين، ربما يحمل في طياته تحولاً في مسار القضية ونلقي بها في مزابل التاريخ أو تُستكمل الإجراءات لصالح المستوطنين، هذه معركة قضائية بحتة».
وترجع قضية العقارات إلى 2004 عندما حصلت ثلاث شركات إسرائيلية مرتبطة بجمعية «عطيرت كوهنيم» الاستيطانية على «حكر» عقارات تملكها الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية. ويستمر الدجاني الذي استأجر الفندق عام 1949 في دفع أجرته البالغة 200 ألف شيكل (نحو 57 ألف دولار أميركي) في السنة. وحسب الدجاني فإن الجمعية الاستيطانية تطالبه «بدفع نحو 10 ملايين شيكل بدل أجرة العقار بأثر رجعي».
وقالت بطريركية الروم الأرثوذكس في بيان أمس (الثلاثاء): «إن قرار المحكمة الأخير لصالح بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية يعني أن جميع القرارات والمطالبات التي أرسلها المستوطنون إلى المستأجرين الفلسطينيين بإخلاء العقارات أصبحت لاغية كونها (...) استندت إلى قرارات محاكم باطلة». وأضاف البيان «ترى البطريركية أن الإنجاز القضائي الأخير يُمثّل خطوة إيجابية مهمة في المعركة المستمرة ضد المستوطنين (...) واقتراباً ملموساً (...) من إلغاء الصفقات بشكل نهائي».
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967 وضمّتها لاحقاً، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وتعد إسرائيل القدسَ بكاملها عاصمتها غير المقسمة، في حين يريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
ويتبع الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية التي تعد الطائفة الرئيسية في الأراضي المقدسة، نحو 200 مليون مسيحي حول العالم، ويقدّر عدد المنتمين إليها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية بنحو 90 ألفاً.
وأثارت عملية البيع غضب الفلسطينيين الذي يعد بلة الأنباء الألمنيةمعنى.تدقيق: التصريح الموجود في الكيكر غير ّون بيع أراضي القدس الشرقية وعقاراتها لليهود خيانةً، ويخشون من شراء المستوطنين الإسرائيليين عقارات في القدس الشرقية. وأدى البيع إلى إزاحة بطريرك الأرثوذكس حينذاك إيرينيوس الأول، الذي حل محله ثيوفيلوس الثالث. وانقسم المسيحيون الأرثوذكس في فلسطين وإسرائيل بين مؤيد ومعارض للبطريرك ثيوفيلوس الثالث الذي اتهمه البعض ببيع عقارات في مدن يافا وقيصارية والقدس وحيفا. وحسب المحامي حنا، ستنتظر المحكمة 30 يوماً حتى يقدم المستوطنون لائحة دفاع ضد قرار التجميد. ويضيف: «تحسن موقفنا كثيراً وقرار التجميد سيجعل القضية أصعب على المستوطنين».
لكن المحلل السياسي والباحث المتخصص في تاريخ أوقاف الكنيسة أليف صباغ، يرى أن توقيت هذا القرار يخدم البطريرك ثيوفيلوس الثالث عشية احتفالات عيد الميلاد، ليقدم نفسه كمنتصر ويعطيه تغطية وطنية». وبالنسبة إلى المحلل السياسي، ليس واضحاً ما إذا كانت المحكمة ستعيد النظر في إجراءات نقل العقارات أم ستنظر في قرار الملكية. ويشير صباغ إلى تدخل سياسي محتمل من أجل إعادة العقارات للكنيسة لكن «سيكون المقابل عقارات قيمتها مضاعفة».
وقال مصدر من الجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهنيم»، إنهم واثقون من سيطرة المستوطنين على المواقع في النهاية.
وجعلت هذه الصفقة من «عطيرت كوهنيم» مالكة لأغلب المباني الواقعة عند مدخل باب الخليل، أحد الأبواب الرئيسية للبلدة القديمة والسوق العربية. وتنطلق من باب الخليل كل مواكب البطاركة المسيحيين في احتفالاتهم الدينية.
وعلى بعد أمتار قليلة من فندق «إمبريال» المطل على ميدان «عمر بن الخطاب» في القدس، وحيث تنشط الحركة السياحية، يقع فندق «البترا»، العقار الثاني المتنازع عليه. يتكون الفندق من أربع طبقات، وتطلّ شرفاته الشرقية على ما تُعرف بـ«بركة البطريرك» وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى. ويحتوي فندق «البترا» على 40 غرفة، 20 منها فقط صالحة للتشغيل في ظل وضع متهالك لجميع مرافق الفندق الذي بدا درجه الخشبي مكسراً كما أرضية بلاطه، وجدرانه متشققة وتفوح منها رائحة الرطوبة، عوامل جميعها أدت إلى عزوف الزبائن عنه.
وتمنع السلطات الإسرائيلية أعمال ترميم الفندق إلى حين انتهاء القضية، وفق أحد ممثلي فندق «البترا» الذي يقول مفضلاً، عدم الكشف عن اسمه: «لدينا قرار محكمة بعدم الترميم، وأي مخالفة للقرار تعني السجن أو الإبعاد عن البلدة القديمة، أبعدت مرتين لفترات متفاوتة أطولها 3 أشهر». وعن قرار المحكمة تجميد قرار نقل العقارات يقول: «كلهم كذابون، منذ عام 2004 وحتى اليوم ونحن ننتظر ونستمع للوعود، أنا أريد قراراً واضحاً وصريحاً مكتوباً في ورقة رسمية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».