ناشطون يخضعون للتحقيق بسبب تغريدات

اقتحام مبنى قصر العدل في بيروت للمطالبة بفتح «ملفات الفساد»

TT

ناشطون يخضعون للتحقيق بسبب تغريدات

خضع عدد من ناشطي الانتفاضة الشعبية في لبنان إلى التحقيق أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية الذي استجوبهم حول تغريدات لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نددت بالاعتداءات التي تعرّض لها المتظاهرون في مدينة النبطية في بداية الحراك، وقد وضعها محامون وناشطون في إطار الضغط عليهم لتخويفهم، فيما دخل عدد من الناشطين إلى قصر العدل في بيروت، وطالبوا من وصفوهم بـ«القضاة النزيهين» بتحريك ملفات الفساد ومحاكمة المتورطين فيها.
واستجوب مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية على مدى ست ساعات أربعة ناشطين من الحراك، وهم نعمت بدر الدين، يوسف عاصي، زكي شكر ومحمد الحاج علي، وقرر تركهم بسندات إقامة، بإشارة النيابة العامة المختصّة. وكشفت المحامية هبة فرحات، إحدى أعضاء فريق يطلق على نفسه «محامي الثورة»، أن «التحقيق مع الناشطين جاء بناء على دعوى شخصية قدّمت ضدّهم على خلفية نشر تغريدات تنتقد حالات الاعتداء عليهم في مناطق جنوبية، ومنعهم من ممارسة نشاطهم السلمي». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «المدعي شخص نشر الناشطون صورته وهو يحمل عصا في إحدى ساحات النبطية، وأرفقت الصورة بتغريدة تقول إنه عميل سابق استعانت به المنظومة (الحزبية)، ليضربنا بالنبطية».
من جهته، أعلن الناشط يوسف عاصي الذي خضع للتحقيق، لـ«الشرق الأوسط»، أن التحقيق «تمحور حول الادعاء الذي قدّمه شخص ضدنا، وهو ادعاء مدفوع من جهة حزبية»، بحسب رأيه. وقال: «ما أزعجنا أن التحقيق يجري مع المعتدى عليهم، بينما أهمل القضاء الإخبار الذي تقدمنا به ضدّ المعتدين في قصر العدل في النبطية، ولذلك ستتجه لجنة محامي الثورة إلى تقديم دعاوى شخصية ضدّ هؤلاء غداً (اليوم) أمام النيابة العام في النبطية، بجرائم الضرب والإيذاء والتهديد والتكسير والتخريب».
وبالتزامن مع التحقيقات أمام مكتب جرائم المعلومات، تمكن عدد من الناشطين من الدخول صباح أمس إلى مبنى قصر العدل في بيروت، ورددوا هتافات «ثورة.. ثورة»، وتلوا بياناً تضمّن مطالب الحراك الرامية إلى فتح التحقيق بملفات فساد كبرى، أبرزها: ملف التهرّب الضريبي في الجمارك، ملف شراء محطات لتكرير الصرف الصحي التي دُفع عليها ما يزيد على مليار دولار ولم يتم تشغيلها، تلزيم أشغال الجسور والطرق الرئيسية، التقصير في تحصيل إيرادات الدولة، ملف الكسارات والأملاك البحرية، وملفّ الكهرباء والنفط.
وأكد ناشطون أن هذا التحرّك المفاجئ داخل قصر العدل «يأتي ضمن التركيز على المرافق الحيوية لإيصال صوت الثوار بشكل أقرب وأسرع». وطالبوا بـ«تحرّك القضاة النزيهين لإجراء تحقيقات في هذه الملفات ومحاكمة الفاسدين والمرتكبين».
وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الملفات كلّها مفتوحة، وبعضها قيد التحقيق أمام النيابات العامة، والبعض الآخر جرى الادعاء على المشتبه بهم وأحيلوا على المحاكمة»، نافياً أي محاولات لـ«طمس أي ملف من هذه الملفات التي يثيرها الناشطون».
وعن خلفيات استدعاء الناشطين للتحقيق أمام مكتب جرائم المعلوماتية، لفت المصدر إلى أن الاستدعاء «جاء بناء لدعاوى شخصية تقدّم بها أشخاص يعتبرون أن تغريدات الناشطين تسيء إليهم، وجرى الاستماع إليهم بهذا الشأن». وشدد على أنه «لا خلفيات سياسية لذلك، والاستدعاءات لم تكن بهدف الضغط على الناشطين وتخويفهم ومنعهم من التحرّك أو ممارسة حقهم بالتظاهر السلمي، أو ممارسة أي نشاط لا يتعارض مع القانون والنظام العام».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.