الحراك الشعبي يمتد إلى مخيم عين الحلوة

TT

الحراك الشعبي يمتد إلى مخيم عين الحلوة

انطلقت أمس في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، بجنوب لبنان، تحركات شعبية بعد تفاقم الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية التي ترزح تحتهما المخيمات الفلسطينية في لبنان بانعكاس مباشر للأزمة اللبنانية التي انفجرت على شكل انتفاضة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وطالب عشرات ممن تجمهروا أمام مكتب مدير خدمات «الأونروا» في المخيم الوكالة بإقرار خطة طوارئ للتصدي لأزمتهم المعيشية التي بلغت ذروتها في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان، على حد تعبيرهم.
ورفع المعتصمون لافتات كتبوا عليها: «اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعيشون مجاعة حقيقية ومتروكون لمصير أسود»، و«نطالب الأونروا بإغاثة عاجلة». وبعدها قدموا مذكرة لمدير خدمات الأونروا في المخيم، عبد الناصر السعيد، لتسليمها إلى المدير العام لوكالة الأونروا في لبنان، كلاوديو كوردوني. وتضمنت المذكرة شرحاً للواقع المعيشي الذي يعانيه اللاجئون، نتيجة الواقع الذي يمر به لبنان حالياً، والذي تسبب بوقف أعمالهم ومصالحهم. كما طالبت المذكرة بالبدء الفوري بتقديم المساعدات المالية، وإعلان خطة طوارئ لتدارك الأزمة. وأكدوا أن هذا الحراك، هو خطوة أولى ضمن سلسلة تحركات قابلة للتصعيد إذا لم تلق تجاوباً سريعاً من قبل الأونروا.
وقال «ع. ح» (45 عاماً) وهو أحد اللاجئين في المخيم إن الأزمة المعيشية التي يرزح تحتها كل سكان المخيمات وبخاصة عين الحلوة «مضاعفة مقارنة بالأزمة التي يرزح تحتها اللبنانيون، باعتبار أنها كانت قد وصلت إلى مستويات مرتفعة جداً قبل الانتفاضة اللبنانية، وبخاصة بعد نزوح آلاف النازحين السوريين إلى هذه المخيمات منذ سنوات». وأشار اللاجئ الأربعيني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أسعار كل المواد سواء الغذائية أو المواد الأخرى ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 20 و40 في المائة، إضافة إلى أن عدداً كبيراً من العمال الفلسطينيين الذين كانوا يعملون خارج المخيمات صرفوا من أعمالهم أو باتوا يتقاضون سلفاً عن الراتب وفي أفضل الأحوال نصف راتب».
وأكد مصدر في حركة «فتح» أن نسبة البطالة في المخيمات تجاوزت الـ75 في المائة بعدما كانت ما بين 60 و65 في المائة، لافتاً في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى أن حجم تأثير الأزمة اللبنانية على الوضع الاقتصادي والمعيشي داخل المخيمات بات ظاهراً بعد أسابيع من انطلاق الحراك الشعبي وارتفاع سعر صرف الدولار. وقال: «سبق التحرك في عين الحلوة تحركات أخرى في البقاع وبيروت، ولا شك أننا على موعد مع سلسلة تحركات في حال عدم تجاوب الأونروا مع مطالبنا». وأوضح أن الحراك الشعبي في عين الحلوة «يطالب وكالة الأونروا بأن تكون هناك مساعدات ولو بسيطة تطال كل اللاجئين الذين باتوا يزحون تحت خط الفقر، وليس حصراً حالات العسر الشديد».
ويتخوف مصدر نيابي لبناني من انعكاس تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المخيمات سلباً على الوضع الأمني فيها، وبالتالي على الوضع اللبناني العام، لافتاً إلى أنه «لطالما اعتدنا أن تدخل جهات أجنبية على الخط لتستثمر بالفقراء والمعوزين في المخيمات وفي بؤر الفقر المنتشرة في مناطق لبنانية شتى، فتفرض أجنداتها السياسية من البوابة الأمنية». وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب أن يكون هناك تأهب من الأجهزة اللبنانية لتقطع الطريق على أي محاولات جديدة من هذا النوع خاصة بعد فترة لا بأس بها من الهدوء الذي ساد في المخيمات نتيجة التنسيق والتعاون بين الفصائل الفلسطينية الرئيسية وقيادة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.