يهود روس {يتاجرون} بجواز السفر الإسرائيلي

الظاهرة ازدهرت في أعقاب سن قانون القومية

TT

يهود روس {يتاجرون} بجواز السفر الإسرائيلي

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الاثنين، عن ظاهرة آخذة في الانتشار وتثير قلق السلطات الإسرائيلية، وهي وصول الكثيرين من المهاجرين ممن يعتبرون «مستحقي قانون العودة»، الذي يوفر لليهود من جميع أنحاء العالم تسهيلات كبيرة وجنسية إسرائيلية أوتوماتيكية والكثير من الامتيازات، ولكن بمجرد حصولهم على الامتيازات، يغادرون عائدين إلى بلدانهم أو يهاجرون لدولة غربية أخرى.
وقالت هذه المصادر إن الظاهرة منتشرة بشكل خاص في صفوف اليهود القادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق، عموما، ومن روسيا بشكل خاص. وقد اعتبرت جهات يمينية متطرفة هذه الظاهرة بمثابة تجارة، الغرض منها استغلال الامتيازات المعطاة لليهود والمغادرة. فهم يحضرون معهم بضائع ثمينة وأثاثا وأجهزة كهربائية ويدخلونها بلا جمرك ولا ضريبة ثم يبيعونها بسعرها العادي ويقبضون ثمنها بالعملة الصعبة. وكل مهاجر جديد يحصل على مبلغ 2500 شيقل (الدولار يساوي 3.5 شيقل) لعائلته بمجرد هبوطه في المطار، أو مبلغ قريب في حال وصل بمفرده. ويطالب المهاجر بفتح حساب في بنك إسرائيلي، بعدها يبدأ تحويل مبالغ شهرية له على مدار نصف سنة. وتحصل العائلة المؤلفة من أبوين وثلاثة أولاد دون سن 17 عاما على مبلغ 60 ألف شيقل. وفي حال غادر المهاجر البلاد تتوقف هذه المنح المالية، لكنها تستمر في حال صرح المهاجر بأنه يواصل العمل خارج البلاد ويعود إلى إسرائيل في فترات متقاربة. وتستمر هذه الاستحقاقات في حال بقاء الزوجة والأولاد في إسرائيل. كما يحصلون على جواز سفر يسهل عليهم الدخول إلى الدول الغربية من دون تأشيرات. وتم الكشف عن أن عددا منهم كانوا معنيين بجواز السفر الإسرائيلي فقط، فوصلوا إلى مطار تل أبيب وحصلوا على الجواز وغادروا في اليوم التالي.
وأكدت المصادر أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر بشكل واسع في أعقاب سن قانون القومية اليهودية في سنة 2017 وتوابع هذا القانون، مثل قانون جوازات السفر، الذي يتيح للمهاجرين الجدد إلى إسرائيل الحصول على جواز سفر خلال ثلاثة أشهر، بدلا من الانتظار سنة كاملة وفقا للقانون القديم. وعمليا، بالإمكان الالتفاف على فترة الثلاثة أشهر بواسطة التوقيع على نموذج يصرح المهاجر من خلاله أنه يوافق على أن يفقد حقه بالمواطنة خلال هذه الفترة، من دون غرامات. وأدرك «مستحقو قانون العودة» في روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق الإمكانيات في إسرائيل، وتمت إقامة شركات كثيرة لتزويدهم بهذه الخدمات. وتعرض إعلانات في مواقع إنترنت بالروسية ولافتات في شوارع روسيا «مواطنة إسرائيلية خلال أيام»، ويتعهد إعلان آخر بـ«جواز سفر إسرائيلي خلال ثلاثة أيام في إسرائيل فقط».
ويتكلف كل يهودي من هؤلاء، حسب التحقيقات الأخيرة، مبلغ 1000 يورو، يدفعها للشركة الروسية التي تدير هذه التجارة، لتغطية نفقات الإجراءات البيروقراطية و«صندوق بريد لمدة سنة»، يستخدم كعنوان للمهاجر في إسرائيل، ومرافقة شخصية إلى المطار ومساعدة في الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة وغير ذلك. كذلك تجهز الشركة المهاجر لمقابلة في السفارة الإسرائيلية في موطنه وفي تعبئة النماذج. وحسب موقع الشركة، فإنها ساعدت أكثر من ألف عائلة على الحصول على جوازات سفر إسرائيلية.
ويتعهد إعلان لشركة «داركونا» باستصدار جواز سفر إسرائيلي خلال يوم واحد. ويعدد الموقع الإلكتروني للشركة أفضليات هذا الجواز. ويكتب في دعايته: «لقد تحولت الجنسية الإسرائيلية، في السنوات الأخيرة، إلى إحدى أهم الجنسيات. وجواز سفر إسرائيلي سيفتح أمامكم إمكانيات لا نهائية في جميع مجالات الحياة، مثل زيارة دول في أنحاء العالم، القيام بأعمال تجارية وشراء عقارات، وكذلك الحصول على مبلغ 4000 يورو كامتيازات اجتماعية».
وحسب معطيات وزارة استيعاب الهجرة الإسرائيلية، فإن عدد المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي السابق بلغ في السنوات الثلاث الأخيرة 59 ألفا و563 شخصاً، حصل 86 في المائة منهم على الإعفاءات الضريبية والمنح المالية، و14 في المائة لم يستغلوا حقهم هذا، وعددهم 8500 ولا يعيشون في إسرائيل. وقال مسؤول في الوكالة اليهودية إن هذه الظاهرة معروفة لديهم، وإن عدد الذين أرادوا الحصول على جواز السفر الإسرائيلي وعدم البقاء فيها أعلى من المعطيات أعلاه. وأضاف «أقدر أن 25 في المائة ممن يهبطون هنا كمهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي السابق، قدموا إلينا من أجل جواز السفر فقط والمغادرة في أسرع وقت».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».