«القمر المكتمل»... لغز «المتهم البديل» في الجرائم الكبرى

البروفيسور الروسي أوليغ سوكولوف (إ.ب.أ)
البروفيسور الروسي أوليغ سوكولوف (إ.ب.أ)
TT

«القمر المكتمل»... لغز «المتهم البديل» في الجرائم الكبرى

البروفيسور الروسي أوليغ سوكولوف (إ.ب.أ)
البروفيسور الروسي أوليغ سوكولوف (إ.ب.أ)

ظاهرة فلكية دورية ومعتادة يمثلها «اكتمال القمر»، باتت «متهماً بديلاً» في جرائم كبرى شهدتها أكثر من دولة حول العالم، وعبر عقود مختلفة، إلى الحد الذي دفع فرقاً بحثية ودوريات علمية معروفة إلى دراسة الأمر، وتخصيص دارسين لمحاولة الوصول لحقيقة الأمر.
ولعل أحدث قضية في هذا الإطار، وقعت في روسيا مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أن نسب محامٍ يتولى الدفاع عن مؤرخ روسي متهم بجريمة قتل مروعة، لظاهرة «القمر المكتمل»، المسؤولية عن التسبب في الحادث، في محاولة لتبرئة موكله.
كانت البداية عندما تدخلت الشرطة لإنقاذ عجوز مخمور سقط في نهر متجمد، ليتفاجأ أنه يمسك بحقيبة بها ذراعي امرأة! أما الصدمة الأكبر فكانت أن هذا العجوز لم يكن سوى أوليغ سوكولوف (63 عاماً)، المؤرخ الروسي البارز وبروفسور التاريخ بجامعة سانت بطرسبرغ بروسيا وكذلك بجامعة السوربون في فرنسا.
يعتبر بروفسور سوكولوف خبيراً في تاريخ نابليون بونابرت، وحصل على وسام جوقة الشرف، الوسام الرسمي الأعلى في فرنسا، من الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك عام 2003.
وأدلى سوكولوف باعترافات مفزعة عن تفاصيل قتله صديقته أنستازيا يشينكو (24 عاماً)، التي كانت تدرس لنيل الدكتوراه في التاريخ الفرنسي بعد علاقة استمرت بينهما ثلاث سنوات. وبالفعل، عثرت الشرطة في منزله بمدينة سانت بطرسبرغ، على جثة يشينكو مقطعة الأوصال.
وقال البروفسور، إن الجريمة وقعت بعد شجار اشتعل بينهما، وإنه كان ينوي التخلص من الجثة قبل الانتحار علانيةً مرتدياً زي نابليون.
وبالفعل، لدى عودته إلى منزله الفاخر لإعادة تمثيل الجريمة، نهاية نوفمبر، غافل سوكولوف أفراد الشرطة وأمسك بسيف نابوليوني كان موجوداً على طاولة وحاول قتل نفسه، لكن الشرطة تدخلت ومنعته.
الغريب أن محامي البروفسور، ألكسندر بوشييف، ادعى أن الجريمة ربما وقعت بسبب اكتمال القمر، وقال: «إنها حقيقة علمية معروفة أن الكثير من نوبات الفصام... تحدث عندما يكون القمر مكتملاً».
ورغم غرابة هذه الحجة، فإنها تقوم على اعتقاد واسع الانتشار في ثقافات مختلفة من العالم منذ قرون. ولسنوات طويلة، تحدث العاملون بقطاعي الشرطة والمستشفيات عن أن ليالي اكتمال القمر أكثر ازدحاماً بالعمل، وأكثر جنوناً عن غيرها، لكن يظل من المحتمل أن يكون هذا مجرد انطباع أكثر عن كونه واقعاً.
وفي القرن التاسع عشر، كان الاعتقاد بوجود صلة بين اكتمال القمر، ونزوع الإنسان نحو العنف والجريمة، راسخاً لدرجة جعلت «لجوء الدفاع داخل المحاكم لإلقاء اللوم على اكتمال القمر واحداً من أشهر حجج الدفاع القانونية آنذاك».
ولم يقتصر الأمر على المحامين، ففي عام 2008 ألمحت وزيرة شؤون الشرطة في نيوزيلندا، أنيت كينغ، إلى أن موجة ارتفاع عدد جرائم الطعن العنيفة آنذاك، ربما لها صلة بدورة اكتمال القمر، ما أثار ضدها موجة سخرية وانتقادات شديدة.
وقبل ذلك بعام، قررت إدارة الشرطة البريطانية في مدينة برايتون زيادة أعداد القوات المنتشرة بالشوارع خلال الليالي التي تشهد اكتمال القمر، وبررت الشرطة ذلك بوجود «ارتباط بين القمر المكتمل وزيادة حالات الجنون». وقال المفتش آندي بار من قوة الشرطة في تصريحات لـ«بي بي سي»، «من خلال خبرتي كضابط شرطة طوال 19 عاماً، فإنه في ليالي القمر المكتمل يبدو لنا أننا نواجه أشخاصاً يظهرون أنماطاً سلوكية غريبة، أكثر عناداً وجدالاً».
لكن ماذا تقول الدراسات العلمية؟ في الواقع، تتباين نتائج الدراسات، ما بين مؤكد لظاهرة ارتباط القمر المكتمل بارتفاع معدلات الجريمة والسلوك العنيف، وداحض للفكرة.
الدراسة الأحدث في هذا الصدد وقعت الشهر الماضي، حيث عكف فريق بحثي من جامعة نيويورك على دراسة الصلة المحتملة بين اكتمال القمر وإحصاءات الجريمة على مستوى ثلاث دول: (أستراليا وكندا والمكسيك)، وخلص الفريق إلى «عدم وجود صلة بين الأمرين».
وأشار موقع «لايف ساينس» إلى دراسة أجرها الباحثون إيفان كيلي، وجيمس روتن، وروجر كلفر، ونشرت عام 1991، وعكفوا خلالها على تفحص أكثر عن 100 دراسة عن التأثير المزعوم للقمر المكتمل، وتوصلوا إلى «عدم وجود علاقة ارتباطية معتبرة بين منازل القمر ومعدلات القتل».
في المقابل، خلص جاكوب كابلان، من قسم علم الإجرام بجامعة بنسلفانيا في أبريل (نيسان) 2019، في دراسة نشرها حول تأثير ضوء القمر على معدلات الجريمة ليلاً في الأماكن المفتوحة، إلى أن «ليالي القمر المكتمل شهدت معدلات جريمة أعلى كثيراً عمن سواها».
أما الدراسة الأبرز على هذا الصعيد، فكانت تحت عنوان «القمر المكتمل والجريمة»، ونشرتها دورية «بريتيش ميديكال جورنال» في ديسمبر (كانون الأول) 1984، وهي دراسة موسعة أجراها الباحثان سي بي ثاكور وديليب شارما، تفحصت إحصاءات متعلقة بالجرائم الصادرة عن مراكز الشرطة بثلاث مناطق مختلفة، واحدة ريفية وأخرى حضرية والثالثة صناعية، ما بين عامي 1978 و1982. وخلصت الدراسة إلى أن معدلات الجرائم خلال أيام القمر المكتمل كانت أكبر بكثير عن جميع الأيام الأخرى. ورأت أن هذه الزيادة ربما ناجمة عن «موجات مد بشرية» بسبب تأثير جاذبية القمر.
إذن، هل يتحمل «القمر المكتمل» بعض اللوم عن جريمة البروفسور الروسي المروعة؟ ربما لا، فحتى لو كانت صحيحة، فإن شهادات بعض طلاب سوكولوف توحي بأنه مؤهل منذ فترة طويلة لاقتراف مثل هذا الجرم المروع، فقد وصفه بعض طلابه بأنه «غريب الأطوار»، وقالوا إنه معروف منذ فترة طويلة بـ«سلوكه العدائي». وذكرت وسائل إعلام روسية أن سوكولوف سبق واعتدى بالضرب على طالبة عام 2008، ومع هذا لم توجه إليه اتهامات رسمية قط.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.