تشديد يمني على حسم ملفات الأمن والسلطة المحلية في الحديدة

TT

تشديد يمني على حسم ملفات الأمن والسلطة المحلية في الحديدة

شدد رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبد الملك على ضرورة حسم ملفات الأمن والسلطة المحلية وانسحاب الميليشيات الحوثية من موانئ الحديدة تنفيذاً لاتفاق استوكهولم، معبراً عن إدانته استمرار خرق الهدنة الأممية وعدم التزام الميليشيات بتنفيذ الاتفاق.
وجاءت تصريحات رئيس الحكومة اليمنية أثناء لقائه رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة الجنرال أبهيجيت غوها، في العاصمة المؤقتة عدن أمس (الأحد).
وذكرت المصادر الرسمية أنه تم خلال اللقاء الذي حضره رئيس الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار اللواء محمد عيضة، استعراض سير عمل البعثة الأممية ولجنة تنسيق إعادة الانتشار والمعوقات التي تواجهها، جراء استمرار تعنت ميليشيات الحوثي وعدم تقيدها بتنفيذ اتفاق استوكهولم، وخروقاتها المتكررة للهدنة الأممية.
ولفت رئيس الحكومة اليمنية - وفق ما جاء في تصريحاته - إلى استمرار التعنت والمماطلة من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية في تنفيذ أي التزام بموجب اتفاق استوكهولم منذ توقيعه في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي برعاية الأمم المتحدة، وقال إن ذلك «يؤكد عدم جدية الجماعة في المضي نحو تحقيق السلام وتحدي الجهود الأممية والدولية».
وعدّ عبد الملك أن «استماتة الحوثيين في محاولة تجزئة تنفيذ الاتفاق بشأن الحديدة، وتغاضي الأمم المتحدة عن ذلك، يعد تهديداً لمسار السلام المقترح».
وأشار، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، إلى أن التصعيد والخروق التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية خلال الأيام الماضية، بما في ذلك استهداف مقر الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار و«مستشفى أطباء بلا حدود»، غير مبررة وتجب إدانتها بكل صراحة ووضوح.
وجدد رئيس الوزراء اليمني التأكيد على موقف الحكومة في ضرورة تنفيذ اتفاق الحديدة، لا سيما ما يتعلق بقوات الأمن والسلطة المحلية وانسحاب ميليشيات الحوثي من موانئ ومدينة الحديدة وفتح الممرات الإنسانية. وعبر عن تقديره الجهود التي تبذلها البعثة الأممية لتنفيذ اتفاق استوكهولم، «رغم كل الصلف والتعنت المستمر من ميليشيات الحوثي وانقلابها كالعادة على كل الاتفاقات، والقفز على أي فرصة لتحقيق السلام، تنفيذاً لأجندة داعميها في طهران».
وشدد رئيس الحكومة اليمنية على ضرورة اتخاذ موقف حازم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تجاه هذه التصرفات التي وصفها بـ«الرعناء» من قبل الميليشيات الحوثية وتحديها السافر لكل الجهود الرامية لتحقيق السلام؛ بحسب قوله.
ونسبت المصادر الرسمية إلى الجنرال غوها أنه أعرب عن تقديره الدعم الذي تقدمه الحكومة للبعثة الأممية وحرصها على إنجاح مهامها، مستعرضاً الجهود المبذولة لإنجاح اتفاق استوكهولم بما في ذلك نشر 5 نقاط للرقابة الأممية على وقف إطلاق النار.
وكان الجنرال الهندي عقد في وقت سابق لقاءات مع القيادات الحوثية في الحديدة ضمن مساعيه لاستكمال الجهود الرامية إلى إعادة نشر القوات وتنفيذ اتفاق الحديدة المبرم في استوكهولم.
وأعرب رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في بيان سابق قبل أيام عن بالغ القلق إزاء تصاعد العنف الذي شهدته محافظة الحُديدة والمناطق المحيطة بها في الأيام القليلة الماضية.
وقال إن «الزيادة في عدد الغارات الجوية التي نُفذت بنحوٍ جليّ تتناقض مع الهدوء النسبي بعد إنشاء نقاط المراقبة».
وأكد الجنرال الهندي أن «القلق يُساوره حيال الخسائر في الأرواح التي أُفيد بوقوعها والمعاناة بين الشعب اليمني بسبب هذه الهجمات»، مشيراً إلى أنها تهدد أيضاً سلامة أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار، وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة وقف إطلاق النار. وحض الجنرال غوها «جميع الأطراف على الامتناع عن أي عملٍ قد يتعارض مع أحكام وروح اتفاق استوكهولم، وعلى تجنب مزيد من تصعيد الموقف». كما حض - بحسب البيان - على «استخدام آلية التهدئة التي أنشئت بدعم من بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) لحل الخلافات ودعم الجهود المستمرة للحفاظ على وقف إطلاق النار في الحُديدة».
واعترفت الميليشيات الحوثية بأنها هاجمت مقر الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار الواقع في مدينة المخا الساحلية غرب تعز، وأكدت أنها استخدمت في الهجوم 9 صواريخ باليستية و20 طائرة مفخخة من دون طيار.


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي منذ عقد من الزمن تواجه اليمنيات ظروفاً معيشية معقدة وانتهاكات خطرة تمس بحياتهن وكرامتهن (أ.ف.ب)

10 آلاف انتهاك حوثي ضد اليمنيات منذ الانقلاب

اتهمت منظمة محلية الحوثيين بآلاف الانتهاكات ضد اليمنيات، بالتزامن مع احتجاجات شعبية بسبب اغتصاب طفلة في صنعاء، ووفاة خبير تربوي داخل سجن مخابرات الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)

بعد قرابة شهرين من إعلان الجماعة الحوثية تشكيل حكومتها غير المعترف بها، بدأت الجماعة إعادة هيكلة الجهاز الإداري لمؤسسات الدولة التي تسيطر عليها، عبر قرارات دمج وتقليص وصفها خبراء قانونيون بأنها لأدلجة المؤسسات و«حوثنة» الوظيفة العامة. وأصدر ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي) قراراً لإنشاء ما سُمِيَ «آلية استكمال تنفيذ عملية الدمج والتحديث للهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة»، وهو القرار الذي تحفظت الجماعة على مضمونه، واكتفت بالإعلان عن تقسيمه وعدد مواده وفصوله، ويأتي ضمن ما يعرف بالتغييرات الجذرية التي أعلن عنها زعيم الجماعة قبل أكثر من عام. كما صدرت قرارات وتعليمات بالبدء بإجراءات دمج مصلحتَي الضرائب والجمارك في كيان واحد، وكذلك الأمر مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، وتحويل كل من مركز الدراسات والبحوث اليمني التابع لجامعة صنعاء، ومركز التطوير التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم كياناً واحداً بمسمى «الهيئة العامة للعلوم والبحوث والابتكار».

تسعى الجماعة الحوثية إلى تعزيز قبضتها على مؤسسات الدولة المختطفة (أ.ف.ب)

وبحسب إفادة مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجماعة الحوثية تدرس دمج الكثير من المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لسيطرتها في مساعٍ لتقليص حجم الهيكل الإداري من جهة، وتحويل مؤسسات الدولة كيانات تابعة لقيادة الجماعة، وتعيين أتباعها في مختلف المناصب والوظائف داخلها.

وحذَّرت المصادر من وجود نوايا لدى قادة في الجماعة الحوثية لإلغاء المعاشات التقاعدية، وذلك بعد قرار دمج المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالهيئة العامة للتأمينات والمعاشات. المصادر ألمحت إلى أن الهيئة والمؤسسة جرى الاستيلاء على مواردهما وأرصدتهما البنكية من قِبل الجماعة الحوثية؛ وهو ما يهدد بإفلاسهما حتى مع دمجهما في كيان واحد، وحرمان عشرات الآلاف من المستفيدين منهما من حقوقهم، إضافة إلى إدراج أسماء قتلى الجماعة في الحرب ضمن أولئك المستفيدين عنوة.

تحايل وتغول

وتعمل الجماعة الحوثية طبقاً للمصادر على إعادة تصميم هياكل الوزارات مع إقرار لوائح تقضي بحرمان الوزراء في حكومة الانقلاب من الإشراف على القطاعات والمؤسسات والهيئات الإيرادية، مثل منع وزير الشباب والرياضة من الإشراف على صندوق النشء والشباب، ومنع وزير النقل والأشغال العامة من الإشراف سوى على المراكز البحرية. وفسرت المصادر القانونية في صنعاء هذا التوجه بأن الجماعة تنوي التغول داخل مؤسسات الدولة من خلال مَن تعينهم مسؤولين على قطاعاتها الإيرادية، في حين سيتم تعيين الوزراء من انتماءات جغرافية أو سياسية أو فئوية لا ترتبط بالجماعة الحوثية عرقياً أو عقائدياً للتمويه على نهج السيطرة على الدولة ونهب مواردها.

القادة الحوثيون يتنافسون على السيطرة على المؤسسات وبناء كيانات موازية لها (إ.ب.أ)

ويرى الخبير القانوني اليمني محمد حيدر أن هذه القرارات والإجراءات لا تفتقر فقط إلى الشرعية والمشروعية لكونها صادرة عن حكومة لا يعترف بها أحد، بل وتفتقر أيضاً إلى الموضوعية والمنطق القانوني، وتأتي ضد طبيعة التطور القانوني والإداري للدولة التي يفترض أن تتوسع بنيتها ويزيد عدد قطاعاتها بمرور الوقت. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يتهم حيدر، وهو أحد قيادات وزارة الشؤون القانونية السابقين، الجماعة الحوثية بانتهاج سلوك رجعي يهدف إلى تخلي الدولة عن واجباتها تجاه السكان الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، وينتج من هذه الزيادة والتطورات التي تشهدها مختلف المجالات متطلبات تقتضي توسع هيكل الدولة، وإنتاج المزيد من المهام والواجبات. وينوّه إلى أن هذا السلوك الرجعي اتضح بشكل جلي عند إلغاء الجماعة لوزارة الشؤون القانونية، واستبدالها بمكتب تابع لمجلس الحكم الانقلابي يتولى مهامها نفسها؛ وهو ما يشير إلى وجود نوايا لإعادة الدولة إلى أشكال بدائية وقديمة من الهياكل التنظيمية والإدارية.

توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

وتربط المصادر بين قرارات دمج المؤسسات وما يسمى «مدونة السلوك الوظيفي» التي أعلنت الجماعة الحوثية عنها قبل أكثر من عامين وأجبرت الموظفين العموميين على التوقيع عليها، والالتزام بما فيها من مقررات ملزمة لهم بالتبعية للجماعة وموالاتها.

توسيع دائرة الفساد

ومنذ قرابة الشهر تعمل الجماعة الحوثية على إجراء تعديلات لأحكام قانون السلطة القضائية، بإجراءات مخالفة لما هو متعارف عليه دستورياً وقانونياً عند تعديل القوانين واللوائح، إلى جانب تنفيذ حركة تعيينات لعدد من القضاة الموالين لها، وإزاحة من ليس محسوباً عليها، تحت مسمى «الإصلاحات ومواجهة القصور». وأوضح حيدر، وهو ممن أبعدتهم الجماعة الحوثية عن مناصبهم، أن الكثير من الممارسات تؤكد بوضوح هذا النهج، بدءاً بإيقاف رواتب الموظفين العموميين، والتوقف أو التراجع عن تقديم الكثير من الخدمات، أو رفع أسعارها بشكل كبير، وممارسة الجبايات وفرض الإتاوات مقابل خدمات يفترض أنها أبسط واجبات الدولة تجاه مواطنيها. ولفت حيدر، إلى أن الإجراءات الحوثية ستؤدي إلى تقليص حجم الجهاز الإداري للدولة، وتوسيع مهام المسؤولين فيه؛ ما يتناقض تماماً مع مبادئ وسياسات مكافحة الفساد المتبعة حول العالم، ومع مع تقرّه الدساتير والقوانين واللوائح.

الجماعة الحوثية ألغت وزارة الشؤون القانونية في حكومتها الانقلابية (فيسبوك)

وأبدى أكاديميون وباحثون في مركز الدراسات والبحوث اليمني استياءهم الشديد من دمج المركز مع هيئة تابعة لوزارة التربية والتعليم، وعدّوا ذلك انتقاصاً من دور المركز ومهامه، وتهميشاً لدوره، واعتداءً على تاريخه الذي يزيد على خمسة عقود. واستغرب عدد من الباحثين في المركز من أن يجري طمس وجود مركز بهذه العراقة والتاريخ بقرار اتخذته جماعة لا علاقة لها بالعلم أو البحث العلمي، ولا تهتم بتاريخ الدولة ومؤسساتها، وفق تعبير عدد منهم. وتتوقع المصادر أن يتم استغلال عمليات دمج المؤسسات لإزاحة مئات الموظفين الذين لم يثبتوا ولاءهم للجماعة، خصوصاً وأن عمليات الدمج ستتضمن إجراءات هيكلة وإعادة بناء. ويرجّح أن يتم إقصاء جميع الموظفين العموميين الذين رفضوا المشاركة في دورات ثقافية تنفذها الجماعة لنشر أفكارها، وغيرهم ممن لا يشاركون في فعالياتها ومظاهراتها واحتفالاتها.