المجتمع الدولي يلح على تشكيل الحكومة اللبنانية بأقصى سرعة

حظوظ الخطيب تتقدم لكن الحريري أولاً

TT

المجتمع الدولي يلح على تشكيل الحكومة اللبنانية بأقصى سرعة

لم يبدّل الاجتماع الاقتصادي - المالي الذي رعاه رئيس الجمهورية ميشال عون، من واقع الحال المأزومة على جميع المستويات، رغم أن وزير المال علي حسن خليل حذّر من الوضع المالي الذي تعاني منه خزينة الدولة، وضرورة تأمين المال المطلوب الذي يتيح استمرار دفع الرواتب للعاملين في القطاع العام، في ظل تراجع الواردات بنسبة كبيرة جداً. وشدد معظم الذين شاركوا في الاجتماع على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة جديدة قادرة على أن تستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، لأن من دونهما لا يمكن طلب مساعدة مالية عاجلة لإيجاد حل لأزمة السيولة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادرها أن الرئيس عون تحدّث في مستهل الاجتماع عن أن الأزمة أخذت تكبر، مما يتطلب إقرار تدابير آنية يمكن أن تسهم في توفير بعض الحلول إلى حين تشكيل الحكومة. ولفت عون إلى أن المجتمع الدولي يلح على تشكيل الحكومة بأقصى سرعة، من دون أن يأتي على ذكر أي موقف من الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة.
وفوجئت مصادر مقربة من معظم الذين شاركوا في الاجتماع بموقف وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، سليم جريصاتي، الذي نوّه بالحمل الملقى على عاتق الرئيس عون، الذي بات يفوق طاقته على تحمّله، ودعا في الوقت ذاته إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال لتدبير أمور وشؤون المواطنين.
واعتبرت المصادر أن ما قاله جريصاتي يشكّل التفافاً على الجهود الرامية إلى تشكيل الحكومة، وتصرّف وكأن تصريف الأعمال هو المطلوب في الوقت الحاضر، مع أن الأزمات إلى تصاعد ولن يوقفها ولو على مراحل إلا تهيئة الظروف لتأليف الحكومة. ولفتت إلى أن الاجتماع لم يتخذ أي قرارات لخفض منسوب التأزّم، وقالت إن كل ما صدر عنه يبقى في حدود المسكّنات التي سرعان ما ينتهي مفعولها. وأوضحت أنه لم يكن هناك جدول أعمال أو على الأقل تحضير الأجواء بما يتلاءم مع خطورة الوضع الذي تمر به البلاد.
وقالت المصادر ذاتها إنه لا جدوى عملياً من هذه الاجتماعات ما لم ينطلق الحضور من أن البلد يمر بظروف استثنائية غير مسبوقة، وهذا يستدعي منهم الطلب من رئيس الجمهورية المبادرة إلى تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة، بدلاً من أن يربط التكليف بتأليف الحكومة، وهذا ما يشكّل، كما يقول أكثر من رئيس حكومة سابق، تجاوزاً للدستور الذي لا ينص على مثل هذا الربط، وأيضاً تجاوزاً لصلاحيات رئيس الحكومة المكلف الذي يتمتع وحده بإجراء المشاورات الخاصة بالتأليف.
وتوقفت المصادر هذه أمام ما أورده عدد من المشاركين في خصوص خريطة الطريق الواجب اتباعها والتقيُّد بها للالتفات إلى الأزمات التي تطغى على البلد، وقالت إن مدخل الحل يكمن في إجراء الاستشارات النيابية المُلزمة، تمهيداً لتشكيل الحكومة العتيدة التي تتولى وضع خطة متكاملة للإنقاذ تأخذ بعين الاعتبار إيجاد حل لأزمة السيولة بدعم دولي، شرط أن تلحظ دوراً أساسياً لـ«الحراك الشعبي». وكشفت أن لبنان في حاجة إلى ضخ سيولة تتراوح ما بين 5 و10 مليارات دولار، وهذا ما شدد عليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الاجتماع، وعزت هذه الحاجة الملحّة إلى أنه لا يمكن الاعتماد على مقررات مؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية.
وقالت المصادر إن مقررات «سيدر» ستؤمّن المال لتنفيذ مجموعة من المشاريع وإعادة تأهيل البنى التحتية، وبالتالي فهي مخصصة لإيجاد حل للأزمة الاقتصادية قبل أن تنضم إليها أزمة جديدة تتعلق بعدم توافر السيولة.
واستغربت المصادر ما طرحه وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش (التيار الوطني الحر) لجهة تحويل 15 في المائة من الودائع بالدولار إلى العملة اللبنانية بالسعر الرسمي للدولار، وقالت إنه لقي اعتراضاً من معظم الذين شاركوا في اللقاء، وهم كانوا اعترضوا أيضاً على طلبه بوضع قيود على التحويلات، لأن مثل هذا التدبير يتطلب تعديلاً في قانون النقد والتسليف.
وكشفت أيضاً أن سلامة كرر في الاجتماع ما كان سبق أن أعلنه في أكثر من مناسبة حول سحب ودائع بقيمة 4 مليارات دولار، من بينها بالليرة اللبنانية في الأشهر الأخيرة، وهذا يشكل سابقة في السحوبات لم تكن قائمة من قبل.
ولفتت إلى أن سلامة قدّم لائحة إحصائية بعدد العمال الأجانب من غير السوريين الذي تجاوز الـ255 ألف عامل، بحسب إجازات العمل الممنوحة لهم من وزارة العمل، هذا ما عدا الذين يوجدون بصورة غير قانونية، وقال إن كلفتهم السنوية تقدّر بنحو 4 مليارات ونصف المليار دولار، في مقابل 6 مليارات ونصف المليار هي حصيلة التحويلات للبنانيين من الخارج.
وأكدت المصادر هذه أنه تم التوافق على خفض فوائد المودعين في المصارف اللبنانية، وأيضاً تلك المترتبة على الديون باعتبار أن الإيداعات المالية من الخارج ستتوقف حتى إشعار آخر. لذلك لن يوفّر اجتماع بعبدا الإجراءات أو التدابير لتبرير التأخر في إنجاز الاستشارات المُلزمة، وبالتالي فإن الأسبوع الحالي، بدءاً من اليوم، سيكون حاسماً في تقرير مصير الحكومة الجديدة لأن الإبقاء على تصريف الأعمال سيزيد من تأزّم الوضع، وصولاً إلى إقحام البلد في أزمة حكم مهما حاول البعض الهروب إلى الأمام.
وعليه، فإن حظوظ سمير الخطيب، وإن كانت ارتفعت في الأيام الأخيرة، وأصبح الأبرز لتشكيل الحكومة الجديدة، لا تلغي أبداً الإصرار على عودة الرئيس سعد الحريري، كونه يشكل المظلة للبنان التي تحظى بتأييد دولي وإقليمي، مع أنه كان أكد أخيراً بأنه ليس هو، إنما غيره مَن سيشكّل الحكومة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الخطيب التقى أول من أمس الرئيس الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وأنه استكمل مشاوراته بالتواصل أمس مع «الثنائي الشيعي».
ومع أن مشاورات الخطيب مع الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة في ظل انقطاع كل أشكال التواصل بين الحريري وباسيل، فإن غالبيتها ما زالت تراهن على إقناع الحريري بتشكيل الحكومة انطلاقاً من تقديرها بأنه لن يتهرّب من تحمّل المسؤولية. وفي هذا السياق، سأل المصدر الوزاري: كيف يمكن التوفيق بين عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة وإصرار البعض على تقييده بحكومة شبيهة بالمستقيلة ولا تُحدث ارتياحاً لدى الحراك الشعبي والمجتمع الدولي؟ وقال إنه لا اعتراض أميركياً على أن يتمثّل «حزب الله» في الحكومة بوزير مثل الوزير الحالي جميل جبق، شرط أن تكون متوازنة، وألا يُعطى أي فريق «الثلث الضامن» فيها.
ولفت المصدر الوزاري إلى أنه لا مجال للقبول بشروط باسيل، وقال إن وجوده في الحكومة يعيق ولادتها، موضحاً أن الاتصالات قائمة لعدم توزير وزراء من «العيار الثقيل» ممن يشاركون في الحكومة المستقيلة لقطع الطريق على باسيل، رغم أنه لا توجد مشكلة في توزيرهم. فهل يشهد الأسبوع الحالي تحوُّلاً يشيع التفاؤل باقتراب ولادة الحكومة، وإلا فإن الأزمة ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات. إلا أن إشاعة التفاؤل لا تعني بالضرورة تكليف الخطيب بتشكيل الحكومة، رغم أن حظوظه إلى ارتفاع، خصوصاً أن التركيز عليه لن يحجب الأنظار عن تمسك «الثنائي الشيعي» بالحريري في ضوء احتمال عودة التواصل بينه وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى ما كان عليه في السابق، إضافة إلى الإصرار على وجود من يمثّل رئيس الحزب «التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في هذه الحكومة التي يغلب عليها وجود وزراء من أصحاب الاختصاص، ويلقون ترحيباً من «الحراك الشعبي».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.