طموحات الصين الفضائية... من غزو القمر إلى استكشاف المريخ

القمر قد يشكّل مصدراً عظيماً للطاقة والغزاة الأوائل له سيكونون أكبر الرابحين

طموحات الصين الفضائية... من غزو القمر إلى استكشاف المريخ
TT

طموحات الصين الفضائية... من غزو القمر إلى استكشاف المريخ

طموحات الصين الفضائية... من غزو القمر إلى استكشاف المريخ

يمثّل الفضاء الخارجي جزءاً لا يتجزأ من حلم الرئيس الصيني شي جينبينغ في توسيع نفوذ وقوّة الصين، ومكوّناً أساسياً في استراتيجيته الخاصّة بالتكامل المدني - العسكري.

استراتيجية فضائية
إذن، ماذا يجب أن نتوقّع من الصين خلال السنوات الثلاثين المقبلة؟
تجاوزت الطموحات الصينية في الفضاء أهداف وخطط أي دولة أخرى تتجوّل اليوم في ذلك العالم الخارجي، إن كان لجهة الحجم أو الاستراتيجية البعيدة الأمد، والتي تعتمد على تطوير طاقة فضائية تسلسلية تتلخّص بالخطوات التالية:
> أولاً، بناء قدرة فضائية للإطلاق والوصول إلى الفضاء بتكلفة منخفضة.
> ثانياً، بناء محطة فضائية خاصّة دائمة.
> ثالثاً، بناء قدرة للسيطرة على الفضاء الذي يفصل بين الأرض والقمر.
> رابعاً، وبعد تأمين خطّ الأرض - القمر، البدء بتطوير إمكانات للوجود المستدام على القمر يعتمد على تأسيس صناعات محليّة هناك، وتقنية طاقة شمسية مركزها الفضاء لتفعيل المحطّة القمرية وضمان الوجود الدائم للبشر عليها.
* وأخيراً، بعد تحقيق هذه الأهداف، تطوير الإمكانات اللازمة للاستكشاف في الفضاء العميق والتنقيب عن موارد الكويكبات.
تركّز الصين اليوم على استثمار وتطوير قدراتها الفضائية التي تجهّزها لتحقيق هذه الأهداف، فقد نقلت الحكومة الصينية مثلاً في السابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي صاروخ «لونغ مارش 5» إلى ميناء «كينغلان» في ونتشانغ في محافظة هاينان جنوبي الصين، على أن تطلقه مع نهاية العام.
أمضى مهندسو الفضاء الصينيون سنتين في تصحيح عيب عانى منه الصاروخ بعد فشل إطلاقه في الثاني من يوليو (تموز) 2017. ويشكل الإطلاق الناجح لصاروخ «لونغ مارش 5» بحمولة 25 طنّا إلى مدار الأرض المنخفض و14 طناً في المدار الثابت بالنسبة للأرض (ضعفا حمولة ناقلات الصواريخ الصينية السابقة) ركيزة أساسية لإطلاق بعثة «تشينغ 5» المقرّر في عام 2020 في إطار البرنامج الصيني لاستكشاف القمر.

مهمات جديدة
تهدف بعثة «تشينغ 5» القمرية إلى العودة بعيّنات من سطح القمر، لذا ستضمّ سفينة هبوط، وسفينة مدارية، وسفينة صعود، ثم وحدة خاصّة للعودة بالعينات. وتخطّط البعثة لعرض الإقلاع من القمر، والزيارة، والالتحام بمدار القمر، والدخول السريع في مدار الأرض عند العودة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ التطوّرات التي تحرزها هذه البعثة تتمّ وفقاً للمواعيد التي أعلنتها إدارة الفضاء الوطنية الصينية في أوائل هذا العام.
تعتزم الصين إرسال مسبار مرّيخي يضمّ مركبة تتبّع للمدار وسفينة هبوط في عام 2020. وتطمح إلى إرسال أول بعثة مأهولة إلى القمر بحلول عام 2036.
تعكس هذه الاستكشافات القمرية المتتالية نفاذ بصيرة أكبر علماء وصنّاع سياسات برنامج الاستكشاف القمري الصيني عندما قرّروا ضمّ علماء كبار مثل أويانج زيوان، وصان زيزو، المهندس الرئيسي لمسبار «تشينغ 4»، وليو هانلونغ، مدير تجربة وحدة التجدد الحيوي الحياتية التابعة لـ«تشينغ 4»، وو ويرن، مصمم برنامج الاستكشاف القمري الخاص ببعثات «تشينغ». منذ عام 2002، كشف أويانج أنّ «القمر قد يشكّل مصدراً جديداً وعظيماً للطاقة، وأنّ الغزاة الأوائل للقمر سيكونون أكبر الرابحين». يوسّع هذا التفكير الاستراتيجي للفضاء الخارجي مطالبات الصين على الأرض، حيث اعتبر وو أنّه يتوجب عليها تأسيس وجودها على القطب الجنوبي للقمر بحلول عام 2030، حيث أشعة الشمس والمياه الجليدية.
لتحقيق أهدافها بعيدة المدى بالحضور البشري الدائم على سطح القمر وبناء أقمار صناعية تعمل بالطاقة الشمسية الفضائية في مدار الأرض المنخفض بحلول 2025، والمدار الجغرافي الثابت بحلول 2030، تعمل الصين اليوم على تطوير صاروخ «لونغ مارش 9» لاختباره في إطلاق تجريبي في 2030. ويهدف تطوير هذا الصاروخ إلى إطلاق الأقمار الصناعية العاملة بالطاقة الشمسية الفضائية إلى المدار الجغرافي الثابت في 2030، بينما يهدف إطلاق «تشينغ 7» إلى مسح قطب القمر الجنوبي في 2030. أمّا بعثة «تشينغ 8»، فستُوظّف لاختبار تقنيات أساسية كالطباعة ثلاثية الأبعاد.
يقول لي هونغ، نائب المدير العام لشركة الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية، إنّ صاروخ «لونغ مارش 9» الثقيل سيكون قادراً على رفع 140 طنّاً مترياً من الحمولة إلى مدار الأرض المنخفض، أو مركبة فضائية وزنها 50 طنّاً إلى مدار النقل إلى القمر. كما سيكون هذا الصاروخ العملاق قادراً على نقل حمولة 44 طنّا إلى مدار النقل إلى المرّيخ. وتقدّر شركة الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية أنّ تحقيق أهداف الصين المرسومة بين 2030 و2035، يتطلّب عشرة صواريخ «لونغ مارش 9» سنوياً. وسيصار إلى دفع «لونغ مارش 9» بواسطة جيل جديد من محرّكات الأوكسيجين- الكيروسين السائل و500 طنّ من قوّة الدفع».

قواعد قمرية
أمّا فيما يتعلّق بالطاقات الفضائية الأخرى، فقد أصبحت الصين الأولى في العالم في تأسيس مصنع لقواعد الأقمار الصناعية العاملة بالطاقة الشمسية بتمويل حكومي قيمته 30 مليون دولار في مقاطعة «بيشان» في «شونجكينغ» مع بداية هذا العام. كما تستثمر الصين اليوم في بناء مركبات فضائية عاملة بالطاقة النووية سيتمّ اختبارها في 2040، وستكون مهمّتها تنقيب الكويكبات والاستكشاف في الفضاء العميق. وكانت شركة الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية قد تحدّثت في تقرير عام 2016 للمرّة الأولى عن «فكرة بناء مركبات فضائية تعمل بالطاقة النووية». وورد في التقرير أنّ «تحقيق هذا الهدف سيدعم الاستكشافات الفضائية الكبيرة ومشاريع تطوير الموارد الفضائية، لا سيّما، أنه سيحوّل تنقيب الكويكبات وبناء مصانع الطاقة الشمسية الفضائية إلى حقيقة».
في سياق متصل، تشجّع الحكومة الصينية اليوم الشركات الناشئة المحليّة العاملة في المجال الفضائي على الالتحاق بركب شركات أخرى مثل «وان سبيس» و«لاند سبيس» و«لينك سبيس» و«آي سبيس».
تُعرف شركة «آي سبيس» أيضاً باسم «إنترستيلار غلوري سبيس تكنولوجي» والتي أصبحت أولى الشركات الصينية الخاصة التي تطلق صاروخها الخاص «هايبربولا 1» الذي وصل إلى مدار الأرض بنجاح في 25 يوليو (تموز) 2019. كما استعرضت الشركة صاروخ «هايبربولا 2» القابل لإعادة الاستخدام والذي يتميّز بقدرة على إطلاق حمولة بوزن 1.9 طنّ إلى مدار الأرض المنخفض. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ ميزة إعادة استخدام الصواريخ ستكون بمثابة نقطة تحوّل للبرنامج الفضائي الصيني.
سلاح مضاد للأقمار الصناعية
> في مجال الفضاء العسكري، عرضت الصين سلاحها الخاص المضادّ للأقمار الصناعية في مدار الأرض المنخفض منذ عام 2007. تبعه عام 2013 عرض ذراع روبوتي على قمر «إس واي - 7» قادرة على سحب قمر صناعي آخر. ومن الإنجازات الكبيرة الأخرى، نذكر تطوير قمر صناعي ذرّي غير قابل للقرصنة في 2016. وتفعيل قوة الدعم الاستراتيجي لجيش التحرير الشعبي الصيني المجهّزة بوحدة مضادّة للأقمار الصناعية عام 2018، وإطلاق قمر صناعي وصاروخ («لونغ مارش 3B») للمدار الجغرافي في 2019.
وكانت الصين قد تفوّقت على الولايات المتحدة الأميركية في 2018 بأكبر عدد من إطلاقات الأقمار الصناعية، 39 مقابل 31.
- «ذا دبلومات» خدمات «تريبيون ميديا»



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»