«راحة الكرش»... مؤشر جديد للإصابة بالسرطان

دراسة تشير إلى ظهور ما يشبه «بطانة أمعاء الأبقار» باليد

يد مريضة مصابة بالاضطراب الجلدي النادر
يد مريضة مصابة بالاضطراب الجلدي النادر
TT

«راحة الكرش»... مؤشر جديد للإصابة بالسرطان

يد مريضة مصابة بالاضطراب الجلدي النادر
يد مريضة مصابة بالاضطراب الجلدي النادر

هل ينشأ المرض الجلدي النادر المعروف باسم «راحة الكرش» خلال مراحل الإصابة بورم خبيث، أم أنه يحدث قبل تشخيص الإصابة بالمرض؟
والمقصود بـ«الراحة» في الاسم الأول من هذا المرض هي «راحة اليد» التي ترتبط بها الأصابع الخمسة، أما الاسم الثاني وهو «الكرش»، فهي بطانة أمعاء الأبقار والأغنام، والتي تُعرف في بعض الدول العربية باسم «الكرشة»، ويعني هذا المرض ظهور شكل يشبه «الكرشة» على راحة اليد.
وكانت دراسات سابقة قد ذهبت إلى أنه في أكثر من 40% من المرضى، يعد هذه المرض أول علامة على وجود سرطان غير مشخص، وبالتالي يجب على جميع المرضى الخضوع لتشخيص كامل للورم الخبيث. وتدعم حالة سيدة برازيلية نُشر تقرير عنها في العدد الأخير من دورية «نيو إنغلاند الطبية» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 ما توصلت إليه هذه الدراسات.
وكانت السيدة البرازيلية (73 عاماً)، تشتكي من آلام جلدية في اليد، وكانت تعاني في الوقت ذاته من السعال وفقدان الوزن، لكن المشكلة التي دفعتها إلى التحرك وزيارة عيادة الطبيب، كانت العلامات الغريبة على يديها، والتي يصاحبها ألم وحكة جلدية.
وكان التشخيص المبدئي لهذه الحالة أنها تعاني من «راحة الكرش»، ورغم أن السبب الدقيق لهذه التغيرات الجلدية غير معروف، فإن الدراسة وثّقت ما هو شائع من ارتباط حدوثها بإصابة المريض بسرطان خبيث في الرئة أو المعدة، وهو ما تم تأكيده في حالة هذه المريضة، التي تبين إصابتها بسرطان في الرئة.
وخضعت السيدة لكشف بالأشعة المقطعية أظهر وجود شيء غير طبيعي في رئتيها، وأكدت عينة، إصابتها بورم خبيث، وخضعت للعلاج الكيميائي والإشعاعي.
ولا يوجد علاج معروف لـ«راحة الكرش»، لكن الشائع هو أن علاج المرض الذي تسبب في ظهورها قد يؤدي لاختفاء الأعراض الجلدية، لكن ما لاحظه الأطباء أن هذه الأعراض لم تختفِ مع العلاج الكيميائي.
والأهم من ذلك، أنه بعد 6 أشهر من زيارة المريضة لأول مرة عيادة الجلد، لاحظ الأطباء أن سرطانها تطور، وفي وقت كتابة تقرير الحالة، كانت المرأة تبدأ جولة ثانية من العلاج الكيميائي.
يقول الدكتور دينيس مياشيرو، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره موقع «science alert»: «لا يُعرف ما إذا كانت الجولة الثانية قد نجحت أم لا، لكن تجربة المريض توضح مدى خطورة هذا الاضطراب الجلدي النادر، ومدى الجدية التي يجب أن يبديها المرضى عند ظهورها». ويضيف: «يجب عمل تقييم صحي شامل لجميع المرضى الذين يعانون من هذا الاضطراب، مع إجراء تشخيص كامل للأورام الخبيث المرتبطة به، خصوصاً سرطان الرئة أو المعدة».
ويحتاج هذا المرض النادر لمزيد من التوثيق، وهو ما يعطي قيمة لهذه الدراسة، كما يقول الدكتور محمد عبد المطلب، أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة بني سويف في مصر.
ويضيف عبد المطلب لـ«الشرق الأوسط»: «المعروف أن نحو 30% من الحالات تشفى بمجرد علاج السرطان الأساسي، وهو ما تؤكده هذه الحالة التي وثّقتها الدراسة، فهي لم تستجب للعلاج، لأن السرطان لديها تطور ولم يشفَ».
وفي الحالة التي وثقتها الدراسة كان المرض مرتبطاً بحدوث سرطان في الرئة، وهو ما يدعم أيضاً ما توصلت إليه دراسات ذهبت إلى أن هذا المرض يرتبط بحدوث سرطان المعدة بنسبة (35%) أو سرطان الرئة (11%)، وفق عبد المطلب.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً