محتجو النجف يصرون على حرق ضريح محمد باقر الحكيم

محافظها طالب الشيوخ ورجال الدين بالتدخل... وأعلن اليوم حداداً

TT

محتجو النجف يصرون على حرق ضريح محمد باقر الحكيم

تشهد محافظة النجف منذ الأربعاء الماضي، الذي أحرق فيه متظاهرون غاضبون القنصلية الإيرانية في المدينة، مستويات غير مسبوقة من التوتر، نتيجة إصرار المحتجين على حرق جزء من ضريح زعيم المجلس الإسلامي الأعلى الأسبق محمد باقر الحكيم الذي قضى بانفجار سيارة مفخخة في النجف في أغسطس (آب) 2003. بعد مرور أيام قليلة على عودته من منفاه الإيراني.
ولا يعرف على وجه الدقة الأسباب التي تدفع المحتجين إلى التمسك بخيار حرق مرقد الحكيم، لكن مصادر نجفية رجحت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تكون «عملية إطلاق النار التي صدرت عن حراس المرقد وأدت إلى مقتل نحو 30 محتجا وجرح العشرات قبل يومين وراء ذلك الإصرار».
كان محتجون قاموا الخميس الماضي، بحرق السياج الخارجي للمرقد الذي يقع بالقرب من ساحة العشرين وسط المحافظة ولا يبعد إلا مسافة قريبة من مقر القنصلية الإيرانية. وتؤكد المصادر أن «دائرة البريد ودوائر حكومية قريبة من المرقد لا يتعرض لها المحتجون لكنهم يصرون على حرق المرقد رغم المقاومة العنيفة التي يبديها الحراس ضدهم».
بدوره، دعا محافظ النجف لؤي الياسري، أمس، رجال الدين وشيوخ العشائر إلى التدخل والحيلولة دون توجه الشباب إلى ساحة ثورة العشرين. وقال الياسري في بيان: «في هذا الوقت الحرج والظروف الصعبة التي تمر على العراق بشكل عام ومحافظة النجف بشكل خاص فإننا نعول على رجال الفكر والدين وشيوخ العشائر وأبناء النجف من مثقفين وشعراء وأدباء وصحافيين وأكاديميين وتنسيقيات ونشطاء للوقوف سدا منيعا لحفظ دماء شبابنا وصدهم عن التوجه إلى ساحة مجسرات ثورة العشرين حفاظا عليهم من كل خطر».
ودعا «رجال النجف وأصحاب المواقف الكبيرة إلى أن يكونوا سدا منيعا لحفظ الشباب من الفتن التي تعصف بالنجف وليساهم الجميع بحفظ هذه المدينة ومساندة القوات الأمنية». وأكد أنه بانتظار «نتائج التحقيق بشأن الاعتداءات التي طالت المواطنين العزل لكي يأخذ القضاء دوره بمحاسبة المقصرين وفق القانون».
وأعلن الياسري (اليوم الأحد) عطلة رسمية في عموم المحافظة، عدا الدوائر الأمنية والخدمية والصحية في المحافظة، وأشار إلى أن «العطلة حداد على أرواح شهداء المظاهرات في المدينة المقدسة».
كذلك أعلنت أمس، محافظات بابل، والمثنى، وصلاح الدين، تعطيل الدوام الرسمي «حداداً على أرواح الشهداء الذين وقعوا في احتجاجات محافظتي ذي قار والنجف».
من جهتها، أصدرت إدارة مرقد «شهيد المحراب» محمد باقر الحكيم، أمس، توضيحا بشأن أحداث النجف الأخيرة، وأكدت أن رئيس تيار «الحكمة الوطني» عمار الحكيم (ابن أخ محمد باقر الحكيم) ليس له أي وصاية على المرقد.
وتعقيبا على اتهام محافظ النجف لؤي الياسري حماية المرقد بإطلاق النار على المتظاهرين، قالت الإدارة في بيان: «في البداية نتساءل ما الذي دعا هؤلاء إلى التوجه إلى مرقد شهيد المحراب علماً أن المتظاهرين السلميين يوجدون في ساحة الصدرين، فهل هو جهة حكومية؟! أو سياسية؟! والكل يعلم لا هذا ولا ذاك»، مبينة أنه «في المظاهرات السابقة كانت ساحة ثورة العشرين المجاورة للمرقد هي المحطة الرئيسية للمظاهرات وكل المتظاهرين شهود على تعاون حماية مرقد شهيد المحراب معهم ودعمهم».
وأضافت «عند انتشار خبر الاعتداء على مرقد شهيد المحراب توافد عدد من محبي شهيد المحراب من أبناء الحشد الشعبي وغيرهم من داخل النجف والمناطق القريبة ـ ممن يرونه رمزا وقائداً لهم ـ إلى المنطقة وأخذو بالتصدي للمهاجمين».
بدورها، حذّرت مفوضية حقوق الإنسان، أمس، من تفاقم الأوضاع في محافظة النجف، وطالبت القوات الأمنية والسلطات المحلية بحماية المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة. وأضافت: «استمرارا في مهام فرقها الرصدية في محافظة النجف الأشرف ولوجود مؤشرات لتصعيد الوضع القائم والتخوف من تجدد التصادم بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية» دعت المفوضية «القوات الأمنية والسلطات المحلية وجميع الأطراف من ممثلي التظاهرات ووجهاء وشيوخ عشائر ورجال دين إلى التدخل العاجل لنزع فتيل الأزمة وتدارك الأمور وحقن الدماء والحفاظ على حياة المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».