الشرطة العسكرية الروسية تطلق مساراً جديداً لقواتها

TT

الشرطة العسكرية الروسية تطلق مساراً جديداً لقواتها

أعلنت الشرطة العسكرية الروسية أنها بدأت الجمعة، في تسيير دوريات على الحدود السورية التركية، وفق مسار جديد ينطلق من عين العرب (كوباني)، في إطار عملية واسعة لتأمين المنطقة و«إعادتها إلى الحياة الطبيعية».
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن مصدر عسكري، أن المسار الجديد للدوريات الروسية يمتد لمسافة 120 كيلومتراً في المناطق الحدودية، وقطعته المدرعات الروسية ترافقها وحدات حماية ومروحيات وخبراء نزع الألغام في أربع ساعات. ولفت الأنظار التركيز الروسي على إجراءات الأمن وعمليات نزع الألغام من المنطقة، وقال الخبير العسكري ورئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني إيغور كوروتشنكو، لوكالة الأنباء الفيدرالية، إن الاهتمام الروسي يتركز على إعادة الحياة الطبيعية في المنطقة، ما عكس أن التحركات الروسية لا تقتصر على تنفيذ الالتزامات الروسية، وفقاً لـ«اتفاق سوتشي» مع تركيا، بل ينسحب على إحلال ترتيبات جديدة في المنطقة. وشدد الخبير على الثقة بأن «القوات التركية والروسية ستتمكن معاً من إحلال السلام والنظام في الأراضي السورية التي طالت معاناتها».
كان «اتفاق سوتشي»، الذي وقعه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان، في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نص على سحب القوات الكردية إلى عمق 30 كيلومتراً على طول الحدود، وتسيير دوريات مشتركة في المنطقة الحدودية، لكن المسار الجديد يعد أول انطلاق للدوريات الروسية من منطقة عين العرب (كوباني)، وجاء ذلك بعد مرور أيام قليلة على إعلان موسكو بسط سيطرتها على قاعدة صرين العسكرية الواقعة على بعد 30 كيلومتراً من المدينة.
وعلى الرغم من البيانات العسكرية الروسية، لم يذكر أمس، ما إذا كانت الدوريات الجديدة انطلقت من هذه القاعدة، لكن وزارة الدفاع كانت أشارت الأسبوع الماضي إلى أن القاعدة التي كانت تسيطر عليها سابقاً القوات الأميركية سوف تتحول إلى نقطة انطلاق أساسية للدوريات العسكرية الروسية التي يتم تسييرها في هذا المسار. ولهذا الغرض أعلن عن إرسال مروحيات إلى المنطقة، ذكرت الأوساط العسكرية أنها سترافق الدوريات العسكرية جواً، لحمايتها.
ونقلت وكالة «نوفوستي» سابقاً عن مسؤول يتولى منصب كبير المفتشين في الشرطة العسكرية الروسية، تأكيده أن وحدته شرعت في حماية مطار صرين والقاعدة العسكرية التي أقامتها القوات الأميركية قرب مدرجه، من خلال تسيير دوريات على طول حدود الموقع، ونشر قوات في المواقع الخاصة بإطلاق النار. وأشار الضابط إلى أن خبراء الألغام الروس أطلقوا نشاطاً واسعاً للبحث عن متفجرات وعبوات ناسفة، ربما خلفها «أصحاب القاعدة السابقون».
وانسحبت القوات الأميركية من المطار مباشرة بعد بدء العملية العسكرية التركية في مناطق الشمال، وكان المطار، وفقاً لمعلومات العسكريين الروس، يعد أضخم مركز تجمع للقوات الأميركية في الشمال السوري، وتم استخدامه لإمداد القواعد الأخرى في سوريا بالمؤن، ولإدخال المساعدات العسكرية إلى الحلفاء المحليين. وأشارت الوكالة الروسية إلى أن القوات الأميركية تركت في المطار بنى تحتية مهمة تؤكد أنها كانت تخطط للبقاء في الموقع لفترة طويلة، بما فيها مرافق خاصة بالسكن مزودة بمكيفات الهواء ومولدات طاقة عاملة ذاتياً، وحتى صالة رياضية.
وأكد رئيس مركز المصالحة الروسي بين الأطراف المتحاربة في سوريا، سيرغي جمورين، للصحافيين، أن القوات الروسية شرعت أمس في إقامة فرع للمركز في بلدة متراس القريبة من المطار، للعمل على المهام المتعلقة بالعودة إلى الحياة الطبيعية.
ونشرت «نوفوستي»، أمس، تحقيقاً من داخل عين العرب كوباني، أشارت فيه إلى الجهود التي تبذلها الشرطة العسكرية الروسية لتعزيز وجودها في المنطقة، وهي فضلاً عن تعزيزات عسكرية تشتمل على إرسال وحدات طبية وخبراء نزع الألغام وتقنيات استطلاع ومراقبة متطورة. ولفت التحقيق إلى أن موسكو أقامت أول نقطة تفتيش في المنطقة قرب مصنع قديم هدمته الحرب كان يتم فيه سابقاً تجميع الآليات الزراعية. وقالت الوكالة إن الجولة في المنطقة تظهر أنه «لم يتم إصلاح أي شيء هنا، الأنقاض منتشرة، وجدران المباني المهدمة مليئة بالشظايا، وأجزاء من المحركات والآليات ملقاة على الأرض. كما يوجد داخل المبنى ثلاث دبابات محترقة كانت تابعة للجيش الحكومي، وسيطر عليها المسلحون لاحقاً».
في المقابل، أشارت الوكالة إلى أنه داخل كوباني نفسها، تبرز مظاهر الحياة السلمية أكثر وأكثر. ويتم فتح المتاجر التجارية، وتمت عمليات إعادة مد الطرقات وإصلاحها.
ونقلت شهادة عن لودميلا أنطونينكو، وهي أوكرانية الأصل، وسكنت المدينة منذ سبع سنوات مع زوجها السوري، وقالت للوكالة إن السكان المحليين يعلقون آمالاً كبيرة على روسيا.
وأوضحت، في حديث مع الصحافيين «يأمل سكان المدينة في الحصول على الحماية من القوات الروسية. إذا رأوا سيارات الدورية الروسية، فإنهم يشعرون بطمأنينة وهم يعلمون أنهم محميون».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.