تركيا: العجز التجاري يرتفع 4 أضعاف على أساس سنوي

«فيتش» تتوقع استقراراً للاقتصاد في 2020

سفينة حاويات في إسطنبول (رويترز)
سفينة حاويات في إسطنبول (رويترز)
TT

تركيا: العجز التجاري يرتفع 4 أضعاف على أساس سنوي

سفينة حاويات في إسطنبول (رويترز)
سفينة حاويات في إسطنبول (رويترز)

واصل عجز الميزان التجاري في تركيا صعوده بشكل كبير خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، محققا زيادة بنسبة 4 أضعاف على أساس سنوي، ليبلغ 1.808 مليار دولار مقابل 497 مليون دولار في الشهر نفسه من العام الماضي.
وكشف بيان لهيئة الإحصاء التركية، أن الصادرات التركية تراجعت بنسبة 0.5 في المائة، بينما زادت الواردات بنسبة 3.6 في المائة، مع احتساب المتغيرات الموسمية وعدد أيام العمل في أكتوبر الماضي، مقارنة على أساس شهري، بالمقارنة مع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويواصل الاقتصاد التركي معاناته بسبب تداعيات هبوط قيمة العملة التركية العام الماضي، حيث فقدت 30 في المائة من قيمتها مقابل الدولار، كما واصلت التذبذب خلال العام الجاري وفقدت نحو 8 في المائة من قيمتها.
وبسبب أزمة الليرة التركية ارتفعت معدلات التضخم والبطالة، وزادت الضغوط على الشركات الخاصة المثقلة بالديون، ودخل الاقتصاد التركي مرحلة الركود للمرة الأولى منذ 10 سنوات، بعد انكماش بنسبة 3 في المائة خلال الربعين الأخيرين من العام الماضي. وواصل الاتجاه ذاته خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 2.5 في المائة.
وارتفعت تكلفة التأمين على ديون تركيا السيادية ضد مخاطر التخلف عن السداد لأعلى مستوياتها خلال شهر أكتوبر الماضي، بعد أن شنت قوات تركية وفصائل سورية مسلحة موالية لها عملية «نبع السلام» العسكرية التي استهدفت المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا.
غير أن وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني، توقعت اكتساب تركيا مزيدا من الاستقرار الاقتصادي في العام 2020. إلى جانب استمرار التعافي.
وجاء في تقرير تقييمي أصدرته الوكالة، ليل الجمعة - السبت، حول توقعات الدول الأوروبية النامية، أنه من المتوقع أن يستمر تعافي الاقتصاد التركي، وأن يتراجع معدل التضخم، ويبقى عجز الحساب الجاري تحت السيطرة، لافتة إلى عدم وجود انتخابات في تركيا حتى العام 2023.
ورأت الوكالة الدولية أن العام 2020 سيوفر فرصة لتنفيذ الإصلاحات التي من شأنها التغلب على نقاط الضعف الائتمانية الهيكلية في اقتصاد تركيا. وذكرت أنه إلى جانب هذه الأمور، تظل المخاطر تجاه الاقتصاد التركي متعددة الأوجه.
وأعلن البنك المركزي التركي، أول من أمس، انخفاض تأرجح الليرة وتراجع نسب الفائدة بالتزامن مع انخفاض التضخم.
وأكد تقرير للبنك أنه تم تعديل توقعات النمو العالمية نحو الانخفاض، مع ظهور عوامل الخطر، مشيرا إلى أن تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية أمام الليرة في تركيا، انخفض مع تراجع أسعار الفائدة بشكل ملحوظ.
وأشار التقرير إلى أن النظام المصرفي يحافظ على مرونته ضد المخاطر بفضل قوة رأس المال وبنية السيولة. من جانبه، توقع وزير الخزانة والمالية التركي برات البيراق نمو الاقتصاد التركي في الربع الرابع والأخير من العام الجاري بنسبة 5 في المائة.
على صعيد آخر، استحوذت مؤسسات تركية على 85.05 في المائة من أسهم شركة «جي سي آر أوراسيا» المنبثقة عن وكالة التصنيف الائتماني اليابانية المحدودة. وقال اتحاد المصارف التركية، في بيان، إن مؤسسات رائدة في القطاع المالي التركي، اشترت 85.05 من أسهم «جي سي آر أوراسيا» من الشركاء المؤسسين. وأضاف أنه تم الاتفاق على استمرار الشراكة الراهنة مع وكالة التصنيف الائتماني اليابانية مشيرا إلى أنه مع الشراكة الجديدة، سيتم تحديد الجدارة الائتمانية للشركات الراغبة في الاقتراض من الأسواق المالية، وسيجري استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة وضمان دعم النمو السليم في الاقتصاد، عبر درجات التصنيف الائتماني.
وأوضح اتحاد المصارف التركي أن الصفقة تهدف إلى «توفير نهج تصنيف مستقل وموضوعي عبر هيكل الشراكة الذي يشمل القطاع المالي التركي بأكمله، كما هو الحال في نماذج عالمية، كما تهدف لضمان اعتماد معايير موضوعية في قياس مخاطر الائتمان للمصارف».
وبهذه الصفقة، باتت شركة بورصة إسطنبول المساهمة تستحوذ على 18.50 في المائة من أسهم «جي سي آر أوراسيا» فيما تملك وكالة التصنيف الائتماني اليابانية 14.95 في المائة لتكونا أكبر جهتين مالكتين للأسهم، في حين تتوزع ملكية بقية الأسهم على 17 بنكا تركيا مختلفا.
واعتبر خبراء أن تركيا، التي كانت تخطط لإنشاء وكالة تصنيف جديدة، اختزلت الكثير من الوقت والتكاليف المالية، عبر شراء معظم أسهم «جي سي آر أوراسيا»، وباتت تمتلك وكالة تصنيف ائتماني وطنية بمعايير عالمية.
وستعمل الوكالة في المرحلة الجديدة بمعايير تضمن قياس المخاطر الائتمانية بصورة موضوعية ومستقلة، فضلا عن تشكيلها مرجعية مع الوكالات الأخرى. ولطالما أعرب الساسة الأتراك عن تذمرهم إزاء ما يرونه معاملة غير عادلة من قبل وكالات التصنيف العالمية، موديز وفيتش ريتنجز وستاندرد آند بورز، حيث تُقِّيم هذه الوكالات تركيا عند مستويات مختلفة دون مرتبة الاستثمار.
وكان وزير الخزانة والمالية التركي بيرات البيرق أعلن في أبريل (نيسان) الماضي أنه سيتم إنشاء شركة تصنيف ائتماني وطنية خلال العام الجاري.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»