مواكب فرح سودانية احتفالاً بإجازة قانون «اجتثاث نظام الإسلاميين»

قضى بحل حزب البشير «المؤتمر الوطني» وواجهاته ومصادرة ممتلكاته... و«العفو الدولية» ترحب

طلاب سودانيون يحتجون على خطبة الجمعة كان يلقيها أحد رموز النظام السابق (أ.ف.ب)
طلاب سودانيون يحتجون على خطبة الجمعة كان يلقيها أحد رموز النظام السابق (أ.ف.ب)
TT
20

مواكب فرح سودانية احتفالاً بإجازة قانون «اجتثاث نظام الإسلاميين»

طلاب سودانيون يحتجون على خطبة الجمعة كان يلقيها أحد رموز النظام السابق (أ.ف.ب)
طلاب سودانيون يحتجون على خطبة الجمعة كان يلقيها أحد رموز النظام السابق (أ.ف.ب)

أجازت الحكومة السودانية في وقت متأخر من مساء أول من أمس، قانون اجتثاث «نظام الإنقاذ الوطني» السابق، الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، يتضمن تفكيك «حزب المؤتمر الوطني»، الحاكم برئاسة الرئيس المخلوع عمر البشير، ومصادرة دوره وممتلكاته لصالح الدولة، وشطبه من سجل الأحزاب في البلاد، وحل واجهاته النقابية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفور إعلان المصادقة على القانون خرجت مظاهرات عفوية في عدد من أحياء الخرطوم، ومن بينها أحياء «الديوم، وبري» احتفالا بالقرار الذي انتظره الثوار الذين رددوا إبان الثورة هتاف «أي كوز ندوسو دوس»، ثم توالت مطالباتهم بحل الحزب الذي تسلط على حكم البلاد. وردد المتظاهرون الفرحون هتافات «سودان بدون كيزان، سودان لكل الناس»، فيما انطلقت الزغاريد من حناجر النساء، وردد الشباب أهازيج ثورية مجدوا من خلالها شهداء ثورة ديسمبر (كانون الأول)، وأعادوا للأذهان ذكريات المواكب التي أسقطت أعتى ديكتاتورية عرفها التاريخ السوداني.
واستولى الإسلاميون السودانيون بقيادة حسن الترابي تحت مظلة ما أطلق عليها «الجبهة الإسلامية» على السلطة، بانقلاب عسكري 30 يونيو (حزيران) 1989، ضد الحكومة المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء وقتها زعيم حزب الأمة الصادق المهدي.
وسن الحكم الانقلابي وقتها ما أطلق عليه «قانون الصالح العام»، وشرد بموجبه معارضيه في الدولة وسيطر على مقدرات البلاد السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و«مكّن» بموجبه أتباعه ومؤيديه من البلاد ومقدراتها طوال الثلاثين سنة الماضية.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك عقب إجازة «الهيئة التشريعية المؤقتة» المنوط بها سلطة التشريع لحين تشكيل المجلس التشريعي - وتتكون من اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء - للقانون أمس، بحسب صفحته الرسمية على موقع التراسل «تويتر»، إن قانون تفكيك النظام البائد وإزالة تمكينه ليس للانتقام، بل لحفظ «حفظ كرامة الشعب» الذي أنهكته «ضربات المستبدين، وعبثت بثرواته ومقدراته، أيادي بعض عديمي الذمة قصيري الخطو في مضمار القيم والشرف».
وأوضح حمدوك أن القانون أجيز في اجتماع مشترك مع الشركاء في مجلس السيادة، ليأخذ مشروعيته الكاملة، بإقامة العدل واحترام كرامة الناس وصون مكتسباتهم، بما يمكن من استرداد الثروات المنهوبة من أموال الشعب.
ونص القانون، وهذا اسمه «تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وإزالة التمكين لسنة 2019»، على «حل حزب المؤتمر الوطني» الواجهة السياسية للتيار السوداني من حركة الإخوان المسلمين، ويحمل اسم «الحركة الإسلامية السودانية»، ومصادرة ممتلكاته لصالح الدولة، وحل واجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والهيئات النقابية والمهنية الموالية له.
وقرر القانون تكوين لجنة «تفكيك نظام 30 يونيو» برئاسة عضو مجلس سيادة، ينوب عنه وزير مجلس الوزراء، وعضوية وزارات العدل، والدفاع الحكم الاتحادي، وجهاز المخابرات، وقوات الدعم السريع، والمراجع العام، وديوان الخدمة، وخمسة أعضاء تختارهم اللجنة.
وأعطى القانون اللجنة الحق في الملاحقة القانونية ومصادرة الممتلكات الخاصة بالحزب وأمواله وممتلكات واجهاته لصالح الحكومة، وفوضها سلطة إلغاء الوظائف في أجهزة الدولة والخدمة المدنية، وحل المنظمات الربحية غير الربحية التابعة للنظام، وإنهاء خدمة العاملين فيها، وسلطة إنهاء خدمة أي شخص في الحكومة حصل على وظيفته بالتمكين والمحسوبية واستغلال النفوذ، وتعيين من تراه مناسباً في أي وظيفة في الخدمة العامة أو الخاصة.
ونص القانون على حق اللجنة في الحصول على المعلومات والتقارير من مؤسسات الدولة كافة، واستدعاء الأشخاص للحصول على المعلومات، وحظر الحسابات البنكية والاطلاع عليها سواء كانت لأشخاص أو شخصيات اعتبارية لأغراض تفكيك نظام الإنقاذ.
كما فوض القانون اللجنة بسلطة التوصية بحل أي جهاز حكومي، وحل أي منظمة أو جمعية أو نقابة أو اتحاد مهني أو طلابي أو أي هيئة أو مؤسسة أو مفوضية أو شركة أو شراكة قطاع عام أو خاص، أو أي أذرع حزبية سياسية أو أمنية أو اقتصادية لنظام الثلاثين من يونيو، وإنهاء خدمة منسوبيها كافة، وتحديد طريقة التصرف في أموالها وأصولها، وحل النقابات والاتحادات وتسمية لجان تسيير لحين إجراء انتخاباتها.
وجوز القانون للجنة استخدام سلطات وصلاحيات رئيس الوزراء ووزير العدل، والطلب من النائب العام منحها سلطته أو جزءا منها، إضافة إلى التوصية بإلغاء أي قانون أو اتخاذ الإجراءات المناسبة.
وحظر القانون الحصانات الموضوعية والإجرائية لصالح أي شخص، حالة اتخاذ إجراءات بموجبه، كما نص على عدم سقوط الجرائم وتدابير التقاضي بالتقادم.
أشادت منظمة العفو الدولية، أمس، على لسان نائب مدير برنامج شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والبحيرات العظمى، سيف ماجانجو، بقرار الحكومة الانتقالية في السودان، القاضي بإلغاء قوانين النظام العام والآداب العامة، لكنه أوضح أن الخطوة «جاءت متأخرة كثيراً»، فيما قال وزير الصناعة والتجارة السوداني مدني عباس مدني إن حل حزب المؤتمر الوطني «أحد عناوين قانون إزالة التمكين، ولا يتناقض مع الحرية في التنظيم».
وقال ماجانجو: «إنها خطوة كبيرة في اتجاه حقوق المرأة في السودان... لكن إلغاء قوانين النظام العام جاء متأخراً كثيراً. فقد كان يتم اعتقال كثير من النساء بشكل تعسفي، ويتم ضربهن وحرمانهن من حقهن في حرية التجمع، وحرية التعبير عن الرأي، بموجب هذا القانون التمييزي»، مبرزا أنه «يجب أن تضمن الحكومة الانتقالية الآن إلغاء النظام القمعي بشكل كامل». ويشمل ذلك إلغاء البنود، التي تفرض الزي الذي يجب أن ترتديه المرأة في القانون الجنائي، وتفكيك شرطة النظام العام والمحاكم المخصصة، وإلغاء الجلد بوصفه أحد أشكال العقاب.



تحذيرات من تفاقم تفشي الأمراض في مناطق سيطرة الحوثيين

تلوث المياه يعد أحد أسباب انتشار الأمراض الوبائية في اليمن (الأمم المتحدة)
تلوث المياه يعد أحد أسباب انتشار الأمراض الوبائية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT
20

تحذيرات من تفاقم تفشي الأمراض في مناطق سيطرة الحوثيين

تلوث المياه يعد أحد أسباب انتشار الأمراض الوبائية في اليمن (الأمم المتحدة)
تلوث المياه يعد أحد أسباب انتشار الأمراض الوبائية في اليمن (الأمم المتحدة)

حذرت مصادر صحية يمنية ودولية من استمرار تفشي الأوبئة في عدة محافظات يمنية يقع مُعظمها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وذلك بالتوازي مع تأكيد تقارير أممية بتسجيل آلاف الإصابات بـ«الكوليرا» و«سوء التغذية» و«الإسهالات المائية الحادة»، في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي.

وأدى التصعيد العسكري الأخير واستمرار منع حملات التحصين ضد الأمراض القاتلة وفساد وإهمال قادة الجماعة الحوثية إلى مزيد من التدهور الحاد في القطاع الصحي اليمني وخروج عدد من المرافق الطبية عن الخدمة، ما تسبب بانتشار الأوبئة في أوساط اليمنيين الذين يعاني أغلبهم من أوضاع مادية ومعيشية بائسة.

وأفادت منظمات محلية وأخرى دولية بتلقيها في الأشهر القليلة الماضية سلسلة بلاغات من عدة محافظات يمنية تخضع مُعظمها لسيطرة الجماعة الحوثية، تؤكد ظهور إصابات جديدة وحالات وفاة نتيجة أمراض وأوبئة عدة.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل أكثر من 11.500 إصابة جديدة بالكوليرا و9 وفيات مرتبطة بالمرض في اليمن خلال الربع الأول من العام الحالي.

أطفال يمنيون يتلقون اللقاحات على أيدي عاملين صحيين (الأمم المتحدة)
أطفال يمنيون يتلقون اللقاحات على أيدي عاملين صحيين (الأمم المتحدة)

وأوضحت المنظمة، في تقرير لها، أن اليمن سجّل بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) الماضيين، ما مجموعه 11507 حالات إصابة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد، إلى جانب 9 حالات وفاة.

وتم تسجيل نحو 1278 حالة جديدة في آخر 28 يوماً من فترة الرصد، دون تسجيل أي وفاة إضافية مرتبطة بالمرض.

ويحتل اليمن الترتيب الرابع عالمياً من حيث عدد الإصابات بالكوليرا، في حين تؤكد المنظمة الأممية أن الصراع المسلح وحالات النزوح الجماعي والكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية أسهمت إلى حد كبير في تفشي ذلك المرض، وبالتحديد في المناطق الريفية، وتلك المتضررة من الفيضانات.

ولا يزال اليمن يعاني من تفشٍّ كبير ومتسارع للأمراض والأوبئة القاتلة التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وذلك جراء تدهور البنية التحتية للرعاية الصحية بفعل الصراع المستمر.

سوء التغذية

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» في اليمن من تفشٍّ مُتسارع لسوء التغذية في اليمن، موضحة أن ذلك يُعمق الأزمة الإنسانية المتدهورة في البلد الذي يعاني من آثار الصراع.

وأوضحت المنظمة، في بيان لها، أن سوء التغذية أزمةٌ داخل الأزمة، مؤكدة أنه زاد من هشاشة السكان إلى حد كبير، وتوقعت أن يشهد العام الحالي المزيد من تفشي الأمراض، في ظل استمرار الوضع الإنساني المأساوي في البلاد.

تأثيرات مدمرة لمرض الحصبة في 8 محافظات يمنية (أطباء بلا حدود)
تأثيرات مدمرة لمرض الحصبة في 8 محافظات يمنية (أطباء بلا حدود)

كما حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من ارتفاع معدل انتشار الأمراض والأوبئة في اليمن نتيجة العجز في الحصول على المياه الكافية لاستخداماتها الأساسية، في ظل أزمة ندرة المياه المزمنة التي تعانيها البلاد.

وذكر المكتب الأممي، في تقرير حديث، أن نقص موارد المياه والصرف الصحي والنظافة يُعرّض حياة الملايين من الناس في اليمن للخطر، ويؤدي إلى ارتفاع معدل انتشار الأمراض، خاصة «الكوليرا» و«الإسهال المائي الحاد» و«سوء التغذية» و«الكوليرا» وغيرها.

أعلى الأرقام عالمياً

كانت منظمة «الصحة العالمية» قد رصدت خلال العام الماضي في تقريرين منفصلين، ما يقارب من 28 ألف حالة إصابة بـ«الحصبة» وأزيد من 200 حالة وفاة مرتبطة بها، ونحو 210 آلاف حالة إصابة بمرض «الملاريا» و18 وفاة على صلة بها في اليمن.

وذكرت المنظمة أنه خلال تفشي «الحصبة» بتلك الفترة سُجِّلت 27517 حالة إصابة و260 وفاة مرتبطة بالفيروس، وهي من أعلى الأرقام عالمياً.

مرضى يتجمعون في مكان ضيق داخل مستشفى بمدينة الحديدة (رويترز)
مرضى يتجمعون في مكان ضيق داخل مستشفى بمدينة الحديدة (رويترز)

وأوضحت في تقرير آخر أن «الملاريا» يستمر في فرض عبء ثقيل على المجتمعات الضعيفة في جميع أنحاء اليمن، خصوصاً في المناطق التي يصعب الوصول إليها؛ حيث يؤدي النظام الصحي الضعيف جراء سنوات من الصراع وتغير المناخ إلى رفع مستوى التحديات فيما يخص مكافحة المرض.

ومنذ عام 2017، سُجِّلت في اليمن أكثر من 1500 حالة إصابة بالدفتيريا، من بينها أكثر من 200 حالة وفاة مرتبطة بالمرض، ومع عودة فيروس شلل الأطفال في عام 2021 أُصيب 272 طفلاً بالفيروس المتحور، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية.