محال تجارية في العاصمة السورية تغلق أبوابها احتجاجاً على ارتفاع صرف الدولار

دمشق تلوح بإجراءات «ضد مهربي النفط» في الحسكة

سوق الحميدية في دمشق القديمة أمس (رويترز)
سوق الحميدية في دمشق القديمة أمس (رويترز)
TT

محال تجارية في العاصمة السورية تغلق أبوابها احتجاجاً على ارتفاع صرف الدولار

سوق الحميدية في دمشق القديمة أمس (رويترز)
سوق الحميدية في دمشق القديمة أمس (رويترز)

مع وصول سعر صرف الدولار عتبة الـ800 ليرة سورية الخميس، أغلقت عشرات من المحلات التجارية أبوابها.
وبعدما كانت دوريات التموين التابعة لوزارة التجارة المحلية في إغلاق المحلات وجباية غرامات رفع الأسعار وعدم إبراز الفواتير وغيرها، بدأت قبل يومين بحملة معاكسة لإجبار أصحاب المحلات على فتح أبوابها، وأكدت مصادر محلية في ضاحية قدسيا أن دوريات التموين مدعومة بعناصر من الأمن جالت في أسواق الضاحية وسجلت مخالفات بحق أصحاب المحلات المغلقة وهددتهم بالاعتقال إذا لم يفتحوا أبواب محلاتهم.
وكان موقع «صوت العاصمة» المعارض قد ذكر في وقت سابق أن «عشرات المحلات التجارية في قدسيا أغلقت أبوابها خلال اليومين الماضيين كنوع من الاحتجاج على تدهور سعر صرف الليرة وارتفاع الأسعار وفقدان السلع من الأسواق». مضيفا أن «دوريات الأمن السياسي هددت أصحاب المحلات بالاعتقال بتهمة الإضراب إذا لم يفتحوا محلاتهم مباشرة».
جرى ذلك بعد أقل من يومين على اجتماع بين عدد من التجار مع وزارة التجارة الداخلية، أكدت فيه الأخيرة «أن المحاسبة ستكون شديدة والإغلاقات مستمرة». كما تم «تشكيل لجنة موسعة لتسعير السلع والمواد الأساسية كل 15 يوما». حسب موقع جريدة (البعث) الرسمية.
وعزت مصادر اقتصادية تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار إلى التدابير المالية التي اتخذها لبنان على خلفية تأزم الأوضاع فيه، والتي أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء في سوريا، بعد قيام تجّار لبنانيين كبار بسحب الدولار من السوق السورية. وزيادة اعتماد لبنان على سوريا لسحب مستورداته الاستهلاكية عبرها، لتمويلها بالعملة الصعبة عبر السوق السوري. في المقابل يعجز المودعين السوريين في المصارف اللبنانية عن سحب إيداعاتهم لتمويل مستورداتهم ما زاد الطلب على الدولار وأدى إلى ارتفاع سعره. رغم الإجراءات الشديدة للمصرف المركزي السوري.
وسجل سعر صرف الدولار الأميركي في سوريا ارتفاعا غير مسبوق، إذ قفز خلال عشرين يوم من 650 ليرة إلى 800 ليرة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع والمواد الغذائية بنسبة 35 في المائة، وبدأت بعض المواد الأساسية تغيب عن الأسواق كمادة السكر التي ارتفعت من 350 ليرة إلى 700 ليرة. وعادت الطوابير إلى المؤسسات الاستهلاكية الحكومية التي تتقيد بالأسعار الرسمية.
وتبدو الحكومة في دمشق عاجزة عن وضع حد للتخبط الحاصل في الأسواق المحلية وشلل حركتها، ما بين ضبط الأسعار ومعاقبة المخالفين وتهديدهم بالإغلاق، وما بين تهديد المنكفئين عن البيع بالاعتقال إذا لم يفتحوا محلاتهم، وما بين هذا وذاك تواصل محافظة دمشق ملاحقتها لأصحاب البسطات الصغيرة، فتصادر بضائعهم وتغلق باب رزقهم في بلد أكثر من 80 في المائة من سكانه يعيشون تحت خط الفقر بعد ثماني سنوات من الحرب.
وهددت دمشق باتخاذ إجراءات صارمة بحق أي عملية تهريب للنفط المسروق من الأراضي السورية إلى خارج سوريا، ذلك بعد الإعلان عن تدمير صهاريج ومراكز في محافظة الحسكة «تستخدمها تنظيمات كردية لتهريب النفط السوري عن طريق جرابلس ومنطقة أربيل في شمال العراق إلى تركيا»، حسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا),
ونقلت «سانا» عن مصدر في محافظة الحسكة قوله: «تم تدمير مجموعات من الصهاريج ومراكز تكرير النفط في الحسكة. بعد التحقق من قيام بعض التنظيمات الكردية في منطقة الجزيرة السورية بتهريب النفط السوري عبر صهاريج عن طريق جرابلس ومنطقة أربيل في شمال العراق إلى النظام التركي».
وبعد إصلاح البنية التحتية في بعض الحقول النفطية بدأت قوات سوريا الديمقراطية بإنتاج جزئي لتلك الحقول، وتصريف الإنتاج عبر تركيا بواسطة صهاريج. لكن بعد عزل تركيا بممر حدودي ضيق عن حقول النفط، راحت الصهاريج تسلك طريقا آخر عبر العراق يخضع لسيطرة للقوات الأميركية التي ما تزال تفرض سيطرتها على عدة معابر ترتبط بحقول النفط شرق سوريا التي تسيطر عليها فعليا عبر حلفائها من التنظيمات الكردية، التي تبيع جزءا من إنتاج حقول النفط الخام لدمشق أيضا.
ومع حلول فصل الشتاء، عادت أزمة الطاقة والوقود لتتجدد في سوريا، مع ازدياد الطلب على الغاز المنزلي والكهرباء لعدم توفر مادة المازوت اللازمة للتدفئة. ولم تتمكن الحكومة من توزيع الكمية التي وعدت بتوزيعها من المازوت بالسعر المدعوم على العائلات الحاصلة على البطاقة الذكية وهي مائتي ليتر لكل عائلة في مدينة دمشق ومائة ليتر في باقي المحافظات، وهي كمية تكاد لا تغطي ربع كمية الاحتياج الفعلي بالحد الوسطي للعائلة من المازوت خلال فصل الشتاء، ما جعل السوريين يبحثون عن وسائل تدفئة بديلة كالبسط الكهربائية ومدافئ الغاز والحطب.
وبينما بدأت أزمة الغاز المنزلي في حلب واللاذقية قبل نحو شهر، تفاقمت الأسبوع الماضي في دمشق. وأفادت مصادر في محافظة دمشق للإعلام الرسمي بتراجع كمية الغاز الواردة إلى دمشق وريفها، حيث يصل إلى دمشق نحو 12 ألف أسطوانة غاز منزلي يوميا في حين أن حاجتها الفعلية 25 ألف أسطوانة يوميا، من الغاز المنزلي و3 آلاف أسطوانة من الغاز الصناعي، ليصل سعر أسطوانة الغاز في السوق السوداء إلى سبعة آلاف ليرة سوريا، علما بأن السعر النظامي هو 2750 ليرة سورية. (الدولار يساوي نحو 760 ليرة).



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.