حراك الجزائر يجددّ رفضه للانتخابات و«الوصاية الأجنبية»

السلطات تهدد بمراجعة علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بعد إدانته اعتقال المتظاهرين

جانب من المسيرات الشعبية الرافضة للانتخابات وسط العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات الشعبية الرافضة للانتخابات وسط العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

حراك الجزائر يجددّ رفضه للانتخابات و«الوصاية الأجنبية»

جانب من المسيرات الشعبية الرافضة للانتخابات وسط العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات الشعبية الرافضة للانتخابات وسط العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

بينما أظهر آلاف الجزائريين أمس تمسكا برفض انتخابات الرئاسة، المقررة في 12 من الشهر المقبل، أنهت تنظيمات كبيرة، مقربة من الحكومة، تحضيرات لتنظيم مظاهرة بالعاصمة اليوم للاحتجاج على «التدخل السافر في شؤون الجزائر الداخلية»، ردا على لائحة أصدرها الخميس، تدين اعتقال المتظاهرين والتضييق على وسائل الإعلام.
ونزل إلى شوارع العاصمة عدد كبير من نشطاء الحراك للتأكيد على مطلب إطلاق سراح عشرات الأشخاص، الذين اعتقلتهم السلطات بسبب انخراطهم في الحراك الشعبي المتواصل منذ 9 أشهر، كما هاجموا المتنافسين الخمسة على «الرئاسية»، الذين وصفوهم بـ«مرشحي العصابة»، ورفعوا شعارات معادية لقائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي يقف – بحسبهم - «حائلا دون تحقيق مطلب رحيل رموز النظام».
وهتفت مجموعة من الناشطين بحياة إبراهيم لعلامي، وهو شاب من شرق العاصمة اعتقل وتعرض لسوء معاملة في مركز الأمن، حسب تنظيمات حقوقية طالبت بفتح تحقيق في الحادثة. ولوحظ انتشار مكثف لرجال الأمن مع معداتهم، وشاحنات لرش المياه بأهم شوارع العاصمة.
وكانت المظاهرات كبيرة وحاشدة في أهم مدن البلاد، حيث ردد الآلاف الشعارات والمطالب نفسها. لكن رغم ذلك يوجد اعتقاد راسخ لدى غالبية المراقبين بأن الانتخابات ستجرى في موعدها، رغم إصرار المتظاهرين على إلغائها. كما يتوقع المراقبون أنفسهم استمرار الحراك بعد الانتخابات.
في غضون ذلك، أعلنت النقابة المركزية تنظيم مظاهرة كبيرة اليوم بأشهر ساحات الحراك وسط العاصمة، وذلك بهدف دعم قائد الجيش، والتنديد بلائحة أصدرها البرلمان الأوروبي حول الوضع في الجزائر. ويرتقب أن تحشد النقابة أهم الأحزاب الموالية للسلطة، ومئات الجمعيات والتنظيمات، التي تستعين بها في خطة تنظيم «الرئاسية». وستكون المظاهرة بمثابة رد على الحراك الشعبي بشأن موقفه من الانتخابات، رغم أن أمين عام النقابة سليم لعباطشة أكد في بيان أنها «اتخذت موقف الحياد» من العملية الانتخابية.
ففي قرار رمزي يفتقد إلى قيمة إلزامية، قدمه نائب فرنسي، أدان النواب الأوروبيون بشدة «الاعتقالات التعسفية وغير القانونية، والاحتجاز والتخويف والاعتداءات»، التي تحصل في الجزائر. وبموجب هذا المقترح، دعا الاتحاد الأوروبي حكومة الجزائر إلى «إيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة».
كما أدان أعضاء البرلمان الأوروبي «الاحتجاز والتخويف والاعتداءات» على الصحافيين والنقابيين والناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان والمتظاهرين. فيما أشار النائب الأوروبي الفرنسي رافايل غلوكسمان، الذي يقف وراء المقترح، إلى أنّه «حان الوقت لإظهار أننا متضامنون مع الجزائر».
وردا على ذلك، قالت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية في اليوم نفسه، وببيان شديد اللهجة، إنه «بإيعاز من مجموعة من النواب متعددي المشارب وفاقدي الانسجام، منح البرلمان الأوروبي نفسه، بكل وقاحة، حرية الحكم على المسار السياسي الراهن في بلادنا، في الوقت الذي يستعد فيه الجزائريون لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بكل ديمقراطية وشفافية».
وأكدت الوزارة أن «هؤلاء النواب ذهبوا إلى حد منح أنفسهم، دون عفة ولا حياء، الحق في مطالبة البرلمان الجزائري بتغيير القوانين التي اعتمدها نوابه بكل سيادة». وقالت إن «البرلمان الأوروبي أبان بهذا التصرف ازدراءه، ليس للمؤسسات الجزائرية فحسب، بل لآليات التشاور الثنائي التي نص عليها اتفاق الشراكة، بما فيها تلك المتعلقة بالمجال البرلماني».
وتابع البيان موضحا: «لقد أكد البرلمان الأوروبي من خلال استجابته لإيعاز هؤلاء البرلمانيين المحرضين أنه يعمل بشكل مفضوح للترويج لأجندة الفوضى المقصودة، التي سبق للأسف تنفيذها في العديد من الدول الشقيقة»، مشيرا إلى «ما قام به أحد البرلمانيين الأوروبيين من إشادة بالاستعمار الذي سمح، حسبه، بحرية ممارسة الشعائر الدينية خلال 132 سنة من احتلال الجزائر». يقصد ما دار من نقاش حول الوضع في الجزائر بالبرلمان الأوروبي قبل إصدار اللائحة.
وبحسب البيان، فإن الجزائر «تدين وترفض شكلا ومضمونا هذا التدخل السافر في شؤونها الداخلية، وتحتفظ لنفسها بالحق في مباشرة تقييم شامل ودقيق، لعلاقاتها مع المؤسسات الأوروبية كافة، قياسا بما توليه هذه المؤسسات فعليا لقيم حسن الجوار والحوار الصريح، والتعاون القائمين على الاحترام المتبادل».
وعلى صعيد متصل بالحراك الشعبي، أوقفت أجهزة الأمن الجزائرية بالجزائر العاصمة أمس 25 متظاهرا على الأقل، وذلك قبل بدء المظاهرة الأسبوعية ضد النظام، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية.
وقبل أكثر من ساعتين من بدء المظاهرة بعد صلاة الجمعة، تجمع مئات المحتجين في وسط العاصمة، وهتفوا بصوت واحد: «نقسم لن تكون هناك انتخابات»، و«هذه بلادنا ونحن من يقرر». في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأوقفت قوات الأمن، التي انتشرت بكثافة بمناسبة يوم الجمعة الحادي والأربعين للتظاهر، العديد من الشبان لدى اقترابهم من قوات الأمن. كما تم توقيف آخرين قرب مديرية شرطة وسط المدينة، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتجمعين، بحسب شهود.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.