رجال دين يطالبون الرئيس الإسرائيلي بـ«العفو عن نتنياهو مقابل الاعتزال»

مع تزايد الانفضاض عنه من أعضاء حزب «الليكود»

TT

رجال دين يطالبون الرئيس الإسرائيلي بـ«العفو عن نتنياهو مقابل الاعتزال»

مع اقتراب انتهاء الفترة المحددة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) تشكيل حكومة والشعور بأن الأزمة السياسية تتفاقم وأنه لم يعد هناك مفر من التوجه إلى انتخابات جديدة، بدأ عدد من مسؤولي حزب الليكود ينفضون عن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ويتهمونه بجر البلاد إلى انتخابات ثالثة غير ضرورية فقط لكي يخدم مصالحه الشخصية، توجه أربعة من كبار رجال الدين اليهود برسالة إلى الرئيس رؤوبين رفلين يطلبون منه أن يصدر «عفواً عن نتنياهو ومنع محاكمته بالاتهامات بتلقي الرشى، وذلك مقابل اعتزاله السياسة إلى الأبد».
وقال رجال الدين، اميتاي فورات وحاييم نفون ويعقوب مدان وعميحاي غوردين، في رسالتهم إن إسرائيل تتجه إلى واحدة من أخطر أزماتها الداخلية وهناك خطر باشتعال حرب أهلية بسبب الانقسام بين المعسكرات، وأفضل ما يمكن عمله هو منع انتخابات جديدة والتوصل إلى اتفاق حول تشكيل حكومة وحدة بين حزبي «كحول لفان» و«الليكود» من دون نتنياهو. وكان مجموعة من رؤساء البلديات الإسرائيلية الأعضاء في المجلس المركزي لحزب الليكود، ومعهم وزراء ونواب سابقون، قد خرجوا بحملة لدفع نتنياهو إلى الاستقالة «حتى لا يخسر الحزب ومعسكر اليمين كله الحكم».
وأعرب هؤلاء عن تأييدهم للنائب عن الحزب، جدعون ساعر، الذي يعتبر وحيدا في قيادة الليكود، الذي تجرأ على التمرد والتصريح بأن على نتنياهو أن يستقيل. وطالبوا بإجراء انتخابات داخلية على رئاسة الحزب ومرشحه لرئاسة الحكومة. وقالت وزيرة المعارف السابقة في حكومة نتنياهو، ليمور لفنات، إنها تعرف تململا كبيرا داخل الليكود منذ تم توجيه لوائح الاتهام بالفساد ضد نتنياهو. وقالت «نحن مجموعة كبيرة من أعضاء الليكود الذين لا نقبل بأن يكون ممثلنا في رئاسة الحكومة متهما بالفساد. فالتهم خطيرة للغاية ولا تليق بحزب ليبرالي يميني، ويضايقنا أكثر أن نتنياهو يقيم مظاهرات باسمنا ضد مؤسسة القضاء... هذا ببساطة غير معقول».
وقال وزير القضاء الأسبق، دان مريدور، إن نتنياهو يدهور إسرائيل إلى أخلاقيات سياسية متدنية وخطيرة. ودعا نواب الليكود الصامتين إلى رفع أصواتهم ضد المساس بالقانون قائلاً «أنتم 31 صامتا وهذا عار على اليمين وعلى الحلبة السياسية الإسرائيلية».
وكشف رئيس تكتل «كحول لفان»، بيني غانتس، أن عددا من قادة الليكود يتصلون به ويلتقونه ويعبرون له عن شعورهم بأن نتنياهو أصبح عبئا ثقيلا عليهم، ويؤكدون أن المخرج الوحيد من الأزمة السياسية في إسرائيل هو أن تقام حكومة وحدة بين الحزبين، ولكن من دون نتنياهو. وقال «يجب على نتنياهو أن يعترف بأنه خسر الانتخابات وخسر ثقة الجمهور وبات يخسر أفضل وأخلص مؤيديه». المعروف أن عصمة تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة موجودة منذ 9 أيام بيد الكنيست.
وبعد 12 يوماً ستنتهي المدة التي يعطيها القانون للنواب حتى يشكلوا حكومة، فإذا انقضت من دون ذلك، ستتجه إسرائيل إلى انتخابات برلمانية، هي الثالثة في أقل من سنة. وتبذل أوساط سياسية واسعة الجهود لتشكيل حكومة لكن نتنياهو يصر على أن يكون رئيسا لها، ولو لبضعة شهور، وفقط بعدها يستقيل ويتفرغ لمحاكمته. والسبب في هذا الإصرار يعود إلى خطته لمفاوضة النيابة على الاعتزال مقابل إغلاق الملفات. فهو يعرف أن سعره سيكون أعلى في هذه المفاوضات عندما يكون رئيسا للوزراء، لكن قادة «كحول لفان» لا يثقون في أنه سيستقيل فعلا إذا اتفقوا معه على رئاسة الحكومة لبضعة شهور.
وفي هذه الأثناء، ما زال رئيس حزب اليهود الروس، أفيغدور ليبرمان، يناور فيطرح فكرة تشكيل حكومة يمين برئاسة نتنياهو، في حال وافق المتدينون على شروطه، وقبلوا بتسيير خطوط باصات أيام السبت والسماح بالزواج المدني. لكن المتدينين يرفضون هذه الشروط.
الجدير ذكره أن كل استطلاعات الرأي تشير إلى أن التوجه لانتخابات جديدة لن يحل المشكلة الأساسية في أزمة الحكم، إذ أن النتائج تبدو قريبة جداً لنتائج الانتخابات الأخيرة، التي جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي. وكان آخرها قد نشر يوم الجمعة الماضي في صحيفة «معريب»، وأظهر أن حزب الليكود سيعيد انتخاب بنيامين نتنياهو إذا تنافس ضده جدعون ساعر. كما أظهر أن الليكود سيحصل على 33 مقعدا إذا خاض الانتخابات برئاسة نتنياهو مقابل 31 مقعدا إذا ما تولى ساعر رئاسته. وحسب هذا الاستطلاع، فإن عدد المقاعد التي سيحصل عليها حزب الجنرالات بقيادة غانتس سيرتفع من 33 حاليا إلى 35 نائبا. لكن النتيجة لن تغير التوازن القائم بين معسكر اليمين ومعسكر اليسار والوسط. وفحص الاستطلاع مسألة أخرى تتعلق بقدرة نتنياهو على أن يكون رئيس وزراء في ضوء وضعه القانوني ولوائح الاتهام ضده، وكانت النتيجة أن 48 في المائة قالوا إنه لن يستطيع فيما قال 46 في المائة إنه سيستطيع.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».