حقق مؤشر بورصة أثينا ارتفاعاً بنسبة 45 في المائة منذ بداية عام 2019، مقارنة بارتفاع موازٍ بلغ 24 في المائة للمؤشر الأوروبي «يورو ستوكس 50» و26 في المائة للمؤشر الأميركي «إس آند بي 500».
ويعدّ ذلك أكبر قفزة لأسعار الأسهم اليونانية منذ 20 عاماً، علماً بأن بورصة أثينا لا تتمتع بسيولة عالية والقيمة السوقية للأسهم المدرجة في مؤشر «إيه إس إي» اليوناني لا تتجاوز 55 مليار يورو (60.5 مليار دولار).
ويربط المحللون الماليون بين هذا الارتفاع القياسي للأسهم والعودة «الميمونة» للسندات اليونانية إلى الأسواق المالية. ويضيف المحللون: «إن كثيراً من المستثمرين يلومون أنفسهم هذه الأيام لأنهم لم يركبوا موجة المخاطرة للاستثمار في الأسهم الأوروبية والأميركية هذه السنة، لأن الحذر كان غالباً أو مسيطراً عليهم، ويلومون أنفسهم أكثر لأنهم بالغوا في الحذر من الأسهم اليونانية التي حققت ما لم تحققه بورصات كثيرة أخرى حول العالم. لا بل تتجه بورصة أثينا لتسجيل أفضل أداء عالمي مع نهاية 2019، إذا استمر الاتجاه فيها على النحو الذي ساد منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي بذلك تحقق ارتفاعاً غير مسبوق منذ 1999، أي السنة التي كانت فيها الأسهم اليونانية مسعرة بالـ(دراخما) وليس اليورو. وهذا الأداء سيدفع المستثمرين العالميين إلى إعادة تقييم نظرتهم للسوق اليونانية، بحيث يعودون إليها بعدما هجروها سنين طويلة، وتحديداً منذ وقوع أزمة الدين الكارثية وخروج بورصة أثينا من مؤشر (إم إس سي آي) للدول المتقدمة في 2013».
ويؤكد محللو الأسواق أن بورصة أثينا كانت منذ ذلك الحين مرتعاً لمضاربات ومراهنات صناديق التحوط، رغم صغر حجم هذه السوق التي لا تساوي قيمة إجمالي الأسهم فيها قيمة سهم عالمي واحد من أسهم الشركات العملاقة».
ويشير محلل في شركة استثمار يونانية إلى أن بورصة أثينا تعود كـ«العنقاء» من بعيد، أي من الهاوية السحيقة، حسب تعبيره. فبعد عام 2009، وانهيار الأسهم المصرفية، تبخر من إجمالي القيمة السوقية ما نسبته 80 في المائة في أقل من 3 سنوات. أما القيمة حالياً، وبعد الانتعاش، فتساوي ضعف ما كانت عليه في 2016. لكن ورغم ذلك تبقى أقل بنسبة 70 في المائة من القيمة التي كانت عليها قبل 2009.
وعادت، منذ الشهر الماضي، الشركات والصناديق الاستثمارية الدولية إلى متابعة الأسهم اليونانية، كما عاد المحللون الدوليون إلى مراقبة بورصة أثينا عن قرب. وللمثال، قررت فرق عمل «بنك أوف أميركا» الشهر الماضي زيادة الاهتمام بتغطية أسهم المصارف اليونانية بالتحليل والمتابعة والتصنيف والتوصية.
ويؤكد محللو الأسواق أن الفضل في ارتفاع بورصة أثينا يعود بالدرجة الأولى إلى الأسهم المصرفية. فالمؤشر الفرعي الخاص بالبنوك تضاعفت نقاطه منذ بداية العام. وحققت أسهم أكبر 4 مصارف قفزات خيالية، إذ ارتفع سعر سهم «بيريوس بنك» بنسبة 275 في المائة، وسهم «ناشيونال بنك أوف غريس» 180 في المائة، وسهم «يوروبانك» 75 في المائة، وسهم «ألفا بنك» 70 في المائة. ويتوقع المصرفيون استمرار صعود الأسهم البنكية في 2020 أيضاً.
محللون آخرون يربطون بين الصعود الإضافي الممكن واستمرار الإصلاحات التي تعهدت الحكومة بتنفيذها، كما ربطوا صعود الأسهم المصرفية أكثر باستمرار المصارف في تخفيض نسب الديون المشكوك في تحصيلها.
إلى ذلك، يربط المصرفيون التفاؤل الذي أدى إلى صعود البورصة بعودة السندات اليونانية السيادية إلى التداول في الأسواق المالية بعوائد تنخفض مع زيادة إقبال المستثمرين على اقتنائها بثقة أكبر، ويعني ذلك بالنسبة للمستثمرين أن اليونان لم تعد دولة فاشلة مالياً، خصوصاً أن معدلات الفائدة على السندات باتت الآن قريبة من نظيرتها الإيطالية.
على صعيد متصل، يشير المحللون إلى الأثر الإيجابي الذي خلفته نتائج انتخابات الصيف الماضي التي فاز بها الحزب اليميني المحافظ، والتي زادت من جرعة التفاؤل عند المستثمرين لأن برنامج ذلك الحزب يقوم على خفض الضرائب وتحسين بيئة الأعمال.
ووفقاً لوكالة «بلومبرغ»، فإن ذلك دفع بالمستثمرين والمحللين إلى إعادة تقييم الأسهم لجهة رفعها باتجاه قيم عادلة أكثر، في موازاة تحسن اقتصادي نسبي ملموس، وعودة المستثمرين الأجانب تدريجياً. فعدد هؤلاء المستثمرين تضاعف 3 مرات بين 2015 و2019. ومنذ السنة الماضية، زاد عدد الشركات المؤسسة حديثاً على تلك التي تفلس أو تقفل وتوقف نشاطها، وثقة المستهلكين كما الشركات تتحسن، ومؤشر نشاط القطاع الصناعي عاد ليرتفع فوق مستوى 50 نقطة، ما يعني أن الأنشطة الصناعية تتوسع نسبياً.
وبالعودة إلى سوق السندات اليونانية، فإن العوائد تنخفض، أي أن الثقة بتلك الأوراق المالية ترتفع، في موازاة تنفيذ الحكومة التزاماتها بالسداد، إذ سددت الأسبوع الماضي 2.7 مليار يورو (3 مليارات دولار) لصندوق النقد الدولي. ومع توالي الالتزام بالدفع تنخفض الفوائد التي تدفعها الحكومة لخدمة دينها العام. وتشير معطيات الأسواق إلى أن عوائد سندات استحقاق 10 سنوات انخفضت إلى 1.3 في المائة، وسندات استحقاق 5 سنوات إلى 0.36 في المائة. وهذه المعدلات هي بين الأدنى تاريخياً، ما يعني أن «الانهيار المالي ليس نهاية العالم، وبالإصلاحات الجدية تعود الثقة بالدول مهما كانت درجة تعثرها كارثية»؛ وفقاً لمحلل يعمل مع وزارة المالية اليونانية.
بورصة اليونان... «عنقاء» تستعيد أمجاد «أيام الدراخما»
تتجه لأفضل أداء عالمي في 2019 مع عودة الثقة والمستثمرين
بورصة اليونان... «عنقاء» تستعيد أمجاد «أيام الدراخما»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة