بولا يعقوبيان تبتكر حقائب نسائية مصنوعة من إطارات السيارات

هل تخيلت يوما أن تهدي زوجتك أو حبيبتك حقيبة مصنوعة من إطار سيارتك؟ أو هل أنت على استعداد سيدتي أن تساهمي في الحفاظ على البيئة، فتحملي على كتفك حقيبة فريدة من نوعها لا تشبه أيا من حقائب صديقاتك؟
الإعلامية بولا يعقوبيان جعلت هذه الأفكار الخيالية واقعا ترجمته من خلال إطلاقها موديلات لحقائب نسائية مصنوعة من إطارات السيارات، تحت عنوان «vea / bag to life» وتخاطب من خلالها المرأة المثقفة أكثر من غيرها على ما يبدو كون هذه الأخيرة تبحث عن الجديد والمبتكر ولكن بأسلوب مختلف ومفيد.
فبعيدا عن الماركات العالمية كـ«غوتشي» و«سيلين» و«بيربيري» وغيرها فكرت الإعلامية اللبنانية الناشطة في مجال البيئة والحفاظ عليها، في إطلاق حقائب نسائية أنثوية بامتياز رغم أنها مصنوعة من مادة قاسية ألا وهي الـ«كاوتشوك» الموجود داخل الإطار (chamber a air).
وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الأرض ما عادت تتحمل كل هذا الكم من النفايات الموجود عليها، ولذلك علينا أن نبحث عن طرق تخفف من هذه المشكلة وتساهم في استعادة تنفسها الطبيعي سيما وأنها تشعر بالاختناق كما أن تربتها تلوثت بشكل كبير مما ينذر بتلوث بيئي شامل». وأضافت بولا يعقوبيان المحاورة السياسية المعروفة في لبنان من خلال برامجها التلفزيونية وأحدثها «إنترفيوز» على شاشة قناة «المستقبل»، أن «مادة الكاوتشوك المصنوعة منها إطارات السيارات هي مادة تعيش آلاف السنين ولا يمكن أن تتحلل ألا على درجة عالية من الحماوة، وإن استخدامنا لها على طريقة الـ(upcycling) أي في استخدامها على حالها وليس على طريقة (recycling) أي إعادة تدويرها في مصانع خاصة) من شأنها أن تخفف من وطأة هذا التلوث البيئي الذي تتسبب به، خصوصا وأن استخدام نسبة من (الستوكات) الضخمة منها يدور في فلك حرقها لإقفال الطرقات في لبنان بشكل كبير». وتؤكد الإعلامية اللبنانية أنها بهذه الفكرة تردها (الإطارات) إلى الطبيعة دون أن تتسبب بأزمات صحية ولا سيما التنفسية منها وذلك من خلال المواد السامة التي تلفظها في الهواء عند احتراقها.
حقائب ملونة بأقمشة متنوعة، وأخرى محفور عليها أسماء أصحابها أو شعارات تدعو إلى تحفيز الفكر والحس الوطني، إضافة إلى أخرى مزينة بمسامير نحاسية وبتطريزات منوعة، تتألف منها لائحة حقائب «vea / bag to life» والمشتق اسمها من كلمة «avea» (التي تعني الإطار في اللاتينية، كما تلعب فيها على الكلام في عبارة «bag to life» أي حقيبة للحياة بدلا من «back to life» أي العودة إلى الحياة.
لمن تتوجه بهذه الحقائب وإلى أين يذهب ريعها؟ ترد بولا يعقوبيان في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أتوجه بهذه الحقائب للجيل الجديد من الشباب الذي يعي تماما مشكلاتنا البيئية ويعمل من أجل حلها دون إهمالها، فطلاب الجامعات إضافة إلى النساء المثقفات هن المعنيات في هذا الموضوع، وأعتقد أن النساء الأخريات اللاتي تستقطبهن الحقائب الفاخرة واللاتي يتكبدن مبلغا ماليا لا يستهان به لشرائها من أجل التفاخر بها أمام صديقاتهن، لن يهتممن بهذا الموضوع إلا إذا أعدن حساباتهن وفضلن عالم البيئة على عالم الموضة العادي». وتضيف: «هي حقائب جميلة جدا وأنا لا أحمل غيرها حاليا وتلاقي رواجا كبيرا من بين الناس الذين ألتقي بهم، كما أن أهميتها تكمن في أنها خفيفة الوزن وعملية لا تؤذيها حرارة الشمس أو أي تغيير في الحرارة، زيدي على ذلك فهي فريدة من نوعها، بحيث إن من تحملها لن تجدها محمولة من قبل أي امرأة أخرى، كوننا استعنا بمواهب جديدة من مصممي الأزياء الذين أخذوا على عاتقهم ابتكار موديلات مختلفة لا تشبه بعضها وموقعة بأسمائهم لتكون بمثابة (limited edition)».
وتتضمن لائحة الحقائب هذه حقائب أخرى تحت عنوان «special limited edition»، وتتميز بالإضافات الخاصة عليها والمطلوبة من صاحبتها مباشرة. أما ريع هذه الحقائب التي لا تتجاوز أسعارها الـ300 دولار، فيعود إلى جمعيات تهتم بإعادة تشجير المناطق اللبنانية وإلى أخرى يمكن أن يحددها كل من يشتري الحقائب. وأكدت بولا يعقوبيان أن صناعة هذه الحقائب تجري يدويا، وأنها تتكبد كلفة لا يستهان بها لتسديد أجور اليد العاملة فيها. وأكدت أنها صارت تملك مشغلا خاصا بها في منطقة الزلقا وستطرح قريبا في الأسواق نحو 500 قطعة منها تم استهلاك 80 إطارا (المستخدم هو الإطار المطاطي الداخلي) لصناعتها. كما أن المهندس الميكانيكي باتريك زغبي يتولى الإشراف على صناعتها وعلى كافة تفاصيل رحلتها بدءا من مكبات محلات بيع الإطارات وصولا إلى المشغل لديها.
وأشارت إلى أنها لم توفر الاستعانة بشخصيات وفعاليات سياسية واجتماعية، لتسهيل العمل بفكرتها هذه وبينها مؤسسة «سوكلين» والقيمون عليها، ووزير البيئة في لبنان محمد المشنوق الذي وصفته بالشخص المناسب في المكان المناسب وقالت: «سأستخدم كل الوسائل لإنجاح فكرتي هذه ولن أوفر عددا من نجوم الفن والإعلام أصدقائي في هذا الصدد، الذين سيساندونني من خلال وجودهم يوم افتتاح محل بيع هذه الحقائب في سوق بيروت في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والواقع في ساحة العنتبلي بالتحديد».
ولكن هل فكرت بالرجل أيضا؟ ترد: «طبعا فلقد خصصناهم بحافظات نقود وأحزمة وغيرها من أدوات المكتب، ويهمنا أيضا الرجل في هذا الموضوع إذ باستطاعته المساهمة بشكل فعال في هذا المجال».
أما طريقة تصنيع هذه الحقائب فتمر بمراحل عدة، تبدأ باستقدامها من مكبات محلات الإطارات والنفايات، ثم يتم تنفيسها من الهواء في داخلها وغسلها جيدا في آلات غسيل كهربائية، ولتقص بعدها ويصير إلى تفصيلها ودرزها وتطريزها كما يتطلب موديلها بالضبط.
وعما إذا كانت هذه الحقائب صحية رد المهندس باتريك زغبي بالقول: «طبعا هي صحية كما أن هذه المادة تؤذي الإنسان في حال تعرضها للاحتراق فقط، وهي تدخل ضمن لائحة (ايكو فرندلي) أي المنتجات الصديقة للطبيعة».
والمعروف أن الإعلامية اللبنانية سبق وشاركت في حملات توعية بيئوية في لبنان، بينها حملة تنظيف أعماق البحر اللبناني وقريبا تطلق حملة تنظيف أعماق مرفأ جبيل التاريخي الأثري. وختمت بولا يعقوبيان متوجهة إلى النساء بالقول: «هذه الحقائب تجمع عدة صفات تميزها عن غيرها فهي جميلة وتواكب الموضة و(ستايلش) وصديقة للطبيعة في الوقت نفسه، حاولي عدم تفويت فرصة حملك لها من أجل تأمين بيئة أفضل لأولادنا».