سنوات السينما

إيزابيل أوبير في «بوابة الجنة»
إيزابيل أوبير في «بوابة الجنة»
TT

سنوات السينما

إيزابيل أوبير في «بوابة الجنة»
إيزابيل أوبير في «بوابة الجنة»

Heaven‪’‬s Gate
تحفة هاجمها النقاد
> إخراج: مايكل شيمينو
> الولايات المتحدة (1980)
> تقييم: ★★★★

كلما جاء ذكر هذا الفيلم كتب المعلقون والنقاد ملياً عن الفوضى الكبيرة التي خاضها صانعوه لأجل إنجاز هذا العمل. عن الميزانية التي قفزت من أقل من عشرين مليون دولار إلى نحو 44 مليون دولار، وعن مخرج كان يعيد كتابة المشاهد بينما التصوير كان جارياً، وعن هدم ديكورات وبناء غيرها وعن ممثلين التبست عليهم رغبات المخرج فانتظروا إلى أن تتضح الصورة أمامهم، ثم عن ناقد «ذا نيويورك تايمز» الذي حكم على الفيلم بالإعدام فتم سحب الفيلم من العروض التجارية بعد أسبوع واحد من العرض.
كيف إذن يمكن لهذا الفيلم أن يتجاوز كل هذه المآزق وينجلي عن عمل رائع وبديع وذي سياق لا يكشف عن أي مصاعب من تلك التي خاضها؟
كان مايكل شيمينو خرج من انتصار باهر قبل ثلاث سنوات عندما حقق «صائد الغزلان» سنة 1978. ذلك الفيلم الذي خاض حرب فيتنام بموضوع ذي عناصر ملحمية وأسس لميريل ستريب وقدم روبرت دينيرو في وجهة جديدة حقق له نجاحاً لافتاً انطلق منه لينجز «بوابة الجنة» كفيلم وسترن مأخوذ عن وقائع تاريخية حول ما عُرف بـ«حرب مقاطعة كاونتي» التي خاضها أصحاب الأراضي في ولاية وايومينغ (في تسعينات القرن التاسع عشر) ضد أصحاب أراض صغيرة بغية الاستيلاء عليها مستخدمين في ذلك قوات حكومية.
للغاية جلب إليه مدير التصوير ڤيلموس زيغموند والممثلين كريستوفر ووكن وجون هيرت وكريس كريستوفرسون وجف بردجز والفرنسية إيزابل أوبير ووضع الجميع في وسط مواقف متباينة: شريف يحاول حماية حقوق المزارعين المهاجرين (بولنديين وسواهم) ضد الأثرياء الكبار. القوات التي جمعها الإقطاعيون الكبار استندت إلى مباركة حاكم الولاية الذي أرسل الجيش لمساعدتهم في اقتلاع هؤلاء من أراضيهم. بوضع هذا النص في سياق الثمانينات القريبة من تاريخ الحرب الفيتنامية يمكن ربط الفيلم بما حدث في تلك الحرب كتعبير مواز وليس على نحو مباشر. ما هو أكثر تأكيداً أنها الحرب ذاتها بين أصحاب المصالح الاقتصادية وأولئك الواقفين حجر عثرة في وجه ما يعتبره الجانب الأول تقدماً.
ما هو لافت، إذا ما أخذنا بهذا التأويل المحتمل، أن استخدام الجيش تم لمواجهة أصحاب المهاجرين تماماً كما استخدم لقتال المواطنين الأميركيين الأصليين وتحت أسماء شتّى لكن غالباً لسبب وحيد هو التوسع الاقتصادي.
ڤنسنت كانبي في «ذا نيويورك تايمز» وروجر إيبرت في «ذا واشنطن صن» كانا من بين أشد منتقدي الفيلم الذي سحب من العرض وكان أحد أهم الأسباب في ترنح شركة الإنتاج (يونايتد أرتستس) تحت وطأة ديونها وقبولها بالانضمام لشركة مترو - غولدوين - ماير. الفيلم الذي بلغت مدته في الأصل 5 ساعات، تم تقليصه إلى ثلاث ساعات ثم إلى 93 دقيقة قبل أن يُسحب الفيلم تماماً ليعود على نسخ DVD بنسخة من ثلاث ساعات ونصف.
رغم كل هذه المشاكل التسويقية التي قضت على الفيلم وفرص عرضه، يحمل الفيلم معالجة بصرية جميلة وبعد بداية تبدو كما لو كانت تتجه بالمشاهد صوب وجهات متعددة، يوحد المخرج عناصر حكايته في سياق جيد يستمر حتى نهاية الوقت.
ساهم «بوابة الجنة» في تقويض امتلاك المخرجين ناصية العمل في هوليوود وعودة المنتجين كأصحاب القرار. أكثر من ذلك أن مايكل شيمينو لم يحصل على فرصة عمل إلا بعد مرور خمس سنوات على ذلك الفيلم وعبر المنتج الإيطالي دينو ديلارونتس. ذلك الفيلم كان «سنة التنين»، فيلم آخر جيد لم ينل ما كان يستحقه من نجاح.

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.