الخلافات تطفو على السطح بين أعضاء «الناتو» في الذكرى الـ70 لتأسيسه

باريس تعتبره «ميتاً دماغياً» وبرلين تنأى بنفسها عن تصريحات ماكرون حول تكتل الحرب الباردة

ماكرون مع ستولتنبرغ في باريس أمس لتسوية الخلافات بين فرنسا والحلف إثر تصريحات الرئيس الفرنسي (أ.ب)
ماكرون مع ستولتنبرغ في باريس أمس لتسوية الخلافات بين فرنسا والحلف إثر تصريحات الرئيس الفرنسي (أ.ب)
TT

الخلافات تطفو على السطح بين أعضاء «الناتو» في الذكرى الـ70 لتأسيسه

ماكرون مع ستولتنبرغ في باريس أمس لتسوية الخلافات بين فرنسا والحلف إثر تصريحات الرئيس الفرنسي (أ.ب)
ماكرون مع ستولتنبرغ في باريس أمس لتسوية الخلافات بين فرنسا والحلف إثر تصريحات الرئيس الفرنسي (أ.ب)

يطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمزيد من الاستقلالية الأوروبية عن الولايات المتحدة، معتبرا أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) أصبح «ميتاً دماغياً» بسبب مواقف إدارة الرئيس دونالد ترمب، في مقابلة نشرتها مجلة «ذي إيكونوميست»، منتقداً قلّة التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا والسلوك الأحادي الذي اعتمدته تركيا، الحليفة الأطلسية، في سوريا.
وأثارت الأحداث الجارية في شمال شرقي سوريا تحديا للناتو، وهو عدم قدرته على اتخاذ إجراء ضد أعضائه الذين يخرجون عن خطه. وقال أحد الدبلوماسيين مؤخرا إن الناتو «يمكنه فقط أن يتخذ خطوة ما في حالة اتخاذ الدول الأعضاء قرارات بالإجماع»، مشيرا إلى أن معاهدة تأسيس الحلف «لم تتضمن اتخاذ إجراءات ضد أحد الأعضاء».
ونأت برلين بنفسها عما عبرت عنه باريس. وحذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من حدوث انقسام بين الأوروبيين، بسبب الموقف الفرنسي وذلك قبل وقت قصير من انعقاد قمة الحلف. وقال ماس أمس الخميس في خطابه لدى مؤسسة «فريدريش - إبرت» في برلين: «الألعاب الذهنية حول فصل الأمن الأميركي والأوروبي تقلقني، ليس فقط فيما يتعلق بأمننا الخاص... إنني أتخوف من أن تقسم صفوف أوروبا».
وسوف يجتمع رؤساء دول وحكومات الحلف البالغ عددها 29 دولة في لندن الأسبوع القادم بمناسبة الذكرى السبعين على تأسيسه. وبعد تصريحات ماكرون طرحت ألمانيا وفرنسا مقترحات لتشكيل لجنة من الخبراء، للتوصل إلى توصيات لإصلاح التحالف الذي يرجع تأسيسه لحقبة الحرب الباردة. ورحبت الدول الأعضاء بهذه الفكرة خلال اجتماع لوزراء خارجية الحلف الأسبوع الماضي في بروكسل وفقا لما قاله أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ. ومن المرجح أن تؤتي الفكرة ثمارها في اجتماع لندن. ويعمل الناتو ليظهر أنه يواكب الأحداث المتسارعة في عالم متغير، فأعلن الأسبوع الماضي أنه سيضيف فرعا جديدا خامسا للقوات العسكرية وهو الفضاء، إلى جانب الأفرع التقليدية للدفاع وهي القوات البرية والبحرية والجوية، فضلا عن الفرع الذي أضيف مؤخرا وهو الفضاء السيبراني. في الأمس استقبل ماكرون ستولتنبرغ في الإليزيه، في محاولة لتسوية «الخلافات» بعد الضجّة التي أثارها كلامه. وقال ستولتنبرغ قبل لقاء الإليزيه إنّه سيأتي للقاء ماكرون «من أجل أن يفهم بشكل أفضل رسالته والأسباب الكامنة وراء» انتقاداته. وأضاف «عندما تكون لدينا اختلافات، الأفضل هو التحدّث عنها». ومن المتوقّع أن يلتقي ماكرون قادة آخرين قبل القمّة، وفقاً للرئاسة. كما سيعقد اجتماعات ثنائيّة لدى وصوله إلى لندن، حيث سيكون الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان أيضا حاضرين. كما دافعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأربعاء عن الحلف الأطلسي وقالت إن لألمانيا مصلحة في ضمان وحدة التكتل اليوم أكثر من أي وقت مضى حتى أثناء الحرب الباردة. وقبل أيام على انعقاد قمة الحلف، قالت ميركل إن التكتل كان «سدا منيعا من أجل السلام والحرية». وكان من المفترض أن يكون اجتماع هذا العام لزعماء الحلف في إحدى ضواحي لندن، بمثابة فرصة لتهدئة الخلافات الناجمة عن أحداث الماضي والتركيز على الوحدة، وأيضا على الدور الأساسي لبريطانيا في هذا التحالف العسكري على الرغم مما يتعلق بخروجها من الاتحاد الأوروبي. وكان قد صرح ستولتنبرغ قبل أسبوعين أن «هذا الاجتماع للزعماء يجيء في وقته المناسب، ليس فقط بسبب التساؤلات المثارة حول قوة العلاقات عبر الأطلسي».
وكان الرئيس ترمب قد سحب فجأة في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي القوات الأميركية المرابطة في شمال شرقي سوريا، حيث كانت تساند الميليشيات الكردية التي قادت العمليات القتالية الدولية ضد «تنظيم داعش»، وأدى هذا الانسحاب إلى تمهيد الطريق أمام التدخل العسكري التركي الذي استهدف المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة تهديدا إرهابيا. وتسارعت مجريات الأحداث في أعقاب اتصال هاتفي بين ترمب والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ولم تقم الولايات المتحدة ولا تركيا بتنسيق خطواتهما مع الحلف. وتساءل ماكرون قائلا: «ماذا تعني المادة الخامسة من ميثاق الحلف مستقبلا؟»، وذلك في إشارة إلى التعهد الأساسي للناتو بأن يدافع جميع الحلفاء عن أي عضو يتعرض لهجوم، مضيفا «يجب أن نعيد تقييم الواقع الذي يعايشه الناتو في ضوء التزام الولايات المتحدة حياله».
وسارع زعماء آخرون بالناتو إلى التنصل من تصريحات الرئيس الفرنسي، بينما حذر المحلل الفرنسي فرنسوا هيزبورغ وهو مستشار سابق لماكرون في شؤون الدفاع، في تغريدة له على «تويتر» من «خطر نبوءة يمكن أن تتحقق لتماشيها مع الواقع». بينما علقت المستشارة الألمانية ميركل على تصريحات ماكرون بقولها: «وجهة النظر هذه لا تتوافق مع وجهة نظري»، وبالنسبة لموقف واشنطن قال سفير الولايات المتحدة لدى الناتو كاي بيلي هوتشيسون إن بلاده تختلف «بشدة» مع هذا التقييم.
وعلق رئيس الوزراء البولندي ماتيوز مورافسكي إنه «لأمر خطير» أن نشكك في المادة المعنية بالدفاع المشترك عن أعضاء الناتو، وقال لصحيفة «فاينانشيال تايمز» إن ماكرون «لا يشعر بملامسة الأنفاس الحارة للدب الروسي لرقبته». ولكن بالعودة إلى أرض الواقع يعمل الحلفاء الأوروبيون من أجل تعزيز القدرات الدفاعية داخل الاتحاد الأوروبي، في إطار جهود أوسع نطاقا لإعطاء التكتل الأوروبي استقلالية أكبر عن الولايات المتحدة، ومع ذلك يشكك عدد قليل من الأعضاء في دور الناتو المحوري في الدفاع عن أوروبا.
ووجه ترمب انتقادات منذ فترة طويلة للحلفاء في الناتو لعدم تحملهم نصيبهم في عبء نفقات الدفاع، وفي قمة الناتو العام الماضي أثار ترمب احتمال انسحاب واشنطن من الحلف في حالة عدم زيادة الدول الأعضاء الأخرى معدلات إنفاقها العسكري.
ويبدو أن هذا المنهاج الذي طرحه ترمب قد أتى بثماره، حيث زادت الدول المتحالفة بنود ميزانيات الدفاع، وتسير الآن ألمانيا - وهي إحدى الدول الرئيسية التي تركزت عليها انتقادات ترمب - على طريق إنفاق 42.‏1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لديها على الدفاع خلال العام المقبل، وبذلك تقترب من الهدف المحدد للناتو برفع هذه النسبة إلى 2 في المائة. وأكد روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي للرئيس ترمب، في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية أن هدف الـ2 في المائة «ليس سوى العتبة الدنيا». وقال، كما اقتبست عنه الوكالة الألمانية، «سيكون من الرائع أن تكون ألمانيا بمستوى دورها في قيادة العالم. قدرتها الاقتصادية هائلة وهي تلعب دورا مهما في العالم». وتابع «نتيجة لذلك من واجب ألمانيا الاستثمار بشكل مناسب في الدفاع لمصلحة الدفاع عنها وعن حلفائها».
وأوضحت المستشارة الألمانية التي خصصت الجزء الأكبر من عرض الميزانية الفيدرالية للعام 2020 للحديث عن الحلف، أن «أوروبا لا يمكنها أن تدافع عن نفسها بمفردها حاليا، نحن نعتمد على حلف الأطلسي ومن المهم أن نعمل من أجل هذا الحلف ونتحمل مزيدا من المسؤوليات».
ووعدت بأن تحقق ألمانيا هدفها في الإنفاق العسكري «مطلع» العقد المقبل، ملمحة في هذه الثناء إلى أنها تنوي البقاء في السلطة حتى انتهاء الدورة التشريعية الحالية في 2021 على الرغم من التهديد الذي يواجهه تحالفها الحكومي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي. ولا يزال المراقبون ينتظرون قمة الناتو ليروا ما إذا كان هذا المعدل الذي تحقق من التقدم كافيا بالنسبة للرئيس ترمب.
كما سيواجه زعماء الناتو جدول أعمال حافلا يجرون حوله مباحثاتهم في مقر بملعب للغولف شمالي لندن، حيث من المقرر أن تستغرق جلسة المناقشات الرسمية ثلاث ساعات فقط يتم خلالها اتخاذ نحو 50 قرارا.
ومن القضايا المطروحة على بساط البحث التهديد الذي تشكله روسيا، وإجراءات الناتو لاتخاذ رد الفعل بسرعة إزاء الأحداث الجارية على حدود أعضائه، إلى جانب صعود الصين عالميا، ومواجهة مجموعة متنوعة من التهديدات، وما تمثله التكنولوجيا الجديدة من تحديات مثل الحروب بالروبوتات، كما تشمل المناقشات عمليات تدريب الجيوش الوطنية في كل من العراق وأفغانستان.



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.