التوتر يخيم على المناطق اللبنانية... واستنفار أمني لضبط الوضع

من المسيرة النسائية في منطقة الشياح - عين الرمانة في بيروت (تصوير: نبيل إسماعيل)
من المسيرة النسائية في منطقة الشياح - عين الرمانة في بيروت (تصوير: نبيل إسماعيل)
TT

التوتر يخيم على المناطق اللبنانية... واستنفار أمني لضبط الوضع

من المسيرة النسائية في منطقة الشياح - عين الرمانة في بيروت (تصوير: نبيل إسماعيل)
من المسيرة النسائية في منطقة الشياح - عين الرمانة في بيروت (تصوير: نبيل إسماعيل)

لا يشبه «شارع صنين» الذي يفصل منطقتي عين الرمانة ذات الأكثرية المسيحية والشياح ذات الأكثرية الشيعية خلال ساعات الظهيرة، يوم أمس (الأربعاء)، بشيء ما كان عليه ليل الثلاثاء - الأربعاء، حين تحول إلى ساحة تراشق بالحجارة بين أبناء المنطقتين؛ فالتوتر الأمني الذي أصبح يتنقل بين مختلف المناطق اللبنانية في ساعات المساء والليل وصل إلى الشياح وعين الرمانة اللتين كانت شوارعهما الرئيسية خطوط تماس خلال الحرب الأهلية التي انفجرت أصلاً انطلاقاً من تلك المنطقة، بسبب ما يُعرف بـ«بوسطة عين الرمانة».
ولا توحي زحمة السير الخانقة، كما الحركة الناشطة في المحال التجارية في «صنين»، بأن المنطقة كادت تنزلق مجدداً إلى مواجهات طائفية دامية، إذ يؤكد السكان أن ما حصل عابر وتم احتواؤه بحكمة القيادات الحزبية وبوعي شباب المنطقتين. ويقول أحد سكان منطقة الشياح لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل هو أن «أخباراً وصلت لأبناء المنطقة تقول بانتشار شبان في عين الرمانة وقسم كبير منهم أتى من خارجها محملين بالعصي والحجارة، بالتزامن مع تعميم فيديو قديم لمجموعة كبيرة تشتم أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ما استدعى تجمعاً في الشياح أدى لتراشق بالحجارة بين أبناء المنطقتين، بينما قام الجيش بالفصل بينهما منعاً للتصادم».
وكما هو متوقَّع، تتضارب روايتا أبناء المنطقتين، بحيث يتحدث أحد أبناء عين الرمانة لـ«الشرق الأوسط» عن أن «مجموعة من المخربين من الشياح هي التي حاولت اقتحام منطقتهم، في إطار الحملات التي تُشنّ في معظم المناطق اللبنانية لنشر الفوضى وإنهاء الحراك الشعبي الصامد»، وهو ما تؤكد عليه مصادر حزب «القوات اللبنانية»، لافتة إلى أن «الاشتباك الذي حصل في عين الرمانة - الشياح كما في بكفيا وغيرها من المناطق هو بين أبناء هذه المناطق ومجموعات المخربين التي تسعى لضرب الحراك»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤيدين لـ(القوات) هم من أبناء هذه المناطق، وبالتالي المشكل لم يكن بتاتاً حزبياً مع (أمل) و(حزب الله)، كما يحاول البعض أن يصور بأن للموضوع خلفيات حزبية أو طائفية».
أما مصادر «أمل»، فتؤكد أن ما حصل قد تم احتواؤه سريعاً، وقد عادت الأمور إلى طبيعتها، شارحة أن «كوادر الحركة لعبوا دور الإطفائي، من منطلق أن التعايش بالنسبة لنا خط أحمر لا يمكن المساس به تحت أي عنوان من العناوين»، مضيفة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن ما شهدته منطقتا عين الرمانة - الشياح أشكالاً بين أمل والقوات على الإطلاق، إنما هو إشكال بين شارعين قد تمت معالجته بتحكيم لغة العقل والحوار».
وفي محاولة للتأكيد على حرص أبناء المنطقتين على عدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، تجمعت عشرات الأمهات، يوم أمس، في الشارع الذي شهد مواجهات بالحجارة، وبالتحديد أمام محمصة صنين «رفضاً لمحاولات التقسيم والتخويف».
ورفعت المشاركات الأعلام اللبنانية، وأضأن الشموع وسرن في مسيرات في الشوارع الداخلية، وشددن على أنه لا رغبة لدى أي من الأطراف في العودة إلى الحرب الأهلية، وبأن أبناء عين الرمانة والشياح هم بالنهاية أبناء منطقة واحدة.
وكان عشرات المناصرين لـ«التيار الوطني الحر» توجهوا مساء الثلاثاء بموكب سيّار ضخم إلى منطقة بكفيا، التي يؤيد معظم أهاليها حزب «الكتائب اللبنانية»، بهدف التظاهر أمام منزل رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، فتصدى لهم أبناء المنطقة، وقاموا بتكسير عدد من السيارات قبل أن يتدخل الجيش لفرض الأمن. وقال أحد أبناء المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن «العشرات من الكتائبيين الذين يعيشون في بيروت توجهوا إلى بكفيا عند سماعهم خبر توجه موكب من التيار إلى المنطقة التي شهدت حالة استنفار غير مسبوقة»، لافتاً إلى أنه لولا تدخل الجيش لكانت الفتنة وقعت نتيجة التصرفات الاستفزازية لقيادة وجمهور (التيار)». أما العونيون ففسروا تحركهم بحقهم بالتظاهر السلمي ورداً على المظاهرة التي قالوا إن كتائبيين نظموها أمام منزل رئيس «التيار»، جبران باسيل، في وقت سابق.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.