عراقيون يقطعون طرقاً بالجنوب... ومقتل 5 في تصاعد الاحتجاجات

جانب من الاحتجاجات العراقية (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات العراقية (أ.ف.ب)
TT

عراقيون يقطعون طرقاً بالجنوب... ومقتل 5 في تصاعد الاحتجاجات

جانب من الاحتجاجات العراقية (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات العراقية (أ.ف.ب)

أغلق المحتجون الكثير من الطرق في جنوب العراق بالإطارات المشتعلة واشتبكوا مع الشرطة في بغداد اليوم الأربعاء بهدف استغلال الاضطرابات الاقتصادية كأداة ضغط للإطاحة بالحكومة‭‭‭‭ ‬‬‬‬واقتلاع جذور الفساد المستشري على مستوى المسؤولين.
وقتلت قوات الأمن شخصين بالرصاص في كربلاء الليلة الماضية وقتلت اثنين آخرين في بغداد اليوم الأربعاء، بينما قتل خامس بأعيرة نارية أطلقتها قوات الأمن خلال احتجاجات في البصرة، كبرى مدن الجنوب.
وقال شاهد من «رويترز» إن المتظاهرين منعوا الموظفين الحكوميين من الوصول إلى العمل في البصرة بإقامة حواجز من الخرسانة تم طلاؤها لتصبح مثل نعوش أقاربهم الذين قتلوا خلال الاضطرابات المستمرة منذ أسابيع.
وتمثل الاحتجاجات الكبيرة والسلمية بالأساس في العراق التحدي الأكثر تعقيدا للطبقة الحاكمة التي يهيمن عليها الشيعة والتي تدير مؤسسات الدولة وشبكات من المحسوبية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 وأطاح بصدام حسين.
ويقول المحتجون، وهم شبان أكثرهم من الشيعة، إن السياسيين فاسدون ويتهمونهم بالمسؤولية عن إخفاق العراق في التعافي من عقود من الصراع والعقوبات رغم عامين شهدا هدوءا نسبيا بعد هزيمة «تنظيم داعش».
وبددت الاضطرابات هذا الهدوء وتحذر السلطات من استغلاله من قبل جماعات مسلحة، خاصة إذا امتد العنف المرتبط بالاحتجاجات إلى شمال العراق حيث يشن مقاتلو «تنظيم داعش» هجمات.
وأعلن التنظيم المتطرف يوم الخميس المسؤولية عن ثلاثة تفجيرات في بغداد وقعت ليلا، وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن ستة أشخاص، لكنه لم يقدم دليلا على مسؤوليته.
ولم تصل إصلاحات الحكومة إلى أكثر من توفير بضع وظائف بالدولة للخريجين ومقررات مالية للفقراء ووعود ضبابية بإصلاح انتخابي بالكاد بدأ النواب مناقشته.
وقال علي ناصر، وهو مهندس عاطل عن العمل عمره 28 عاما ويشارك في مظاهرات بالبصرة: «في البداية كان مطلبنا الإصلاح ومحاربة الفساد».
وأضاف «لكن بعد أن قتلتنا الحكومة وسالت دماء الشباب السلمي... لن نرجع قبل إسقاط هذه الحكومة والطبقة الفاسدة التي تتحكم بنا».
قالت علياء (23 عاما) والتي تدرس الطب: «الإصلاحات مجرد كلام. نريد أفعالا. أمضينا 16 عاما من الكلام دون أفعال. تعرضنا للسرقة طوال 16 عاما».
وقتلت قوات الأمن المزيد من المتظاهرين بالرصاص. واستخدمت الذخيرة الحية في مدينة كربلاء جنوب بغداد الليلة الماضية وقتلت اثنين من المحتجين. وقتل شخصان آخران في اشتباكات قرب جسر الأحرار في بغداد اليوم الأربعاء.
وقالت الشرطة ومسعفون إن محتجا توفي بالقرب من البصرة متأثرا بإصابات بأعيرة نارية، مما يرفع عدد القتلى منذ بدء الاضطرابات في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) إلى 344 قتيلا في أنحاء البلاد.
وعبر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في وقت متأخر يوم الثلاثاء عن قلقه إزاء العنف والخسائر المالية الناجمة عن الاضطرابات، لكنه اتهم مخربين لم يحددهم بالمسؤولية عن الأضرار.
وقال في اجتماع لمجلس الوزراء بثه التلفزيون إن شهداء سقطوا بين المحتجين وقوات الأمن، كما أصيب عدد كبير واعتقل الكثيرون.
وأضاف أن السلطات تحاول تحديد الأخطاء التي ارتكبتها قوات الأمن وهي تحاول إخماد الاحتجاجات.
وذكر أن إغلاق الموانئ كلف الدولة مليارات الدولارات. وأوقف المحتجون مرارا حركة المرور إلى الميناء الرئيسي للسلع بالعراق القريب من البصرة هذا الشهر وحاولوا حصار البنك المركزي في بغداد عازمين على ما يبدو على تعطيل الاقتصاد بعد فشل المطالبات بإقالة الحكومة.
وتتحرك الحكومة ببطء عند تنفيذ أي نوع من التغيير. ولم يصادق البرلمان بعد على أي وعود بالإصلاح الانتخابي وبإجراء انتخابات عامة مبكرة، والطبقة السياسية متحدة في وجه أي تحد كبير لقبضتها على السلطة.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.