موسكو تحذر من «استفزاز يحاكي هجوماً كيماوياً» في إدلب

موسكو تحذر من «استفزاز يحاكي هجوماً كيماوياً» في إدلب
TT

موسكو تحذر من «استفزاز يحاكي هجوماً كيماوياً» في إدلب

موسكو تحذر من «استفزاز يحاكي هجوماً كيماوياً» في إدلب

عادت موسكو، أمس، إلى استخدام خطاب التحذير من «هجمات كيماوية مفبركة»، قالت إن «إرهابيين في إدلب يعدون لها بالتعاون مع منظمة الخوذ البيضاء». وحمل إعلان المستويين العسكري والدبلوماسي عن توافر معطيات لدى روسيا حول «الهجوم المتوقع» استباقاً لنتائج اجتماعات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تبحث إصدار تقرير شامل يحدد المسؤولين عن استخدام «الكيماوي» في سوريا.
وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن «موسكو على دراية بقيام (الخوذ البيضاء) بالإعداد لاستفزازات في إدلب»، مشيراً إلى توفر «تقارير تؤكد ذلك». وأوضح الوزير الروسي خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في موسكو عقب مباحثاته مع نظيره الآيسلندي: «بالنسبة للاستفزازات التي يجري الإعداد لها في إدلب، فنحن نتلقى تقارير عن ذلك بانتظام، وفي معظم الحالات يتم تأكيدها. وربما يكون السبب في عدم تنفيذها حتى الآن، هو أننا نعلن عنها مع الحكومة السورية».
وزاد، أن الجانب الروسي «يعلم أنه يجري حالياً الإعداد لهجوم كيماوي مفبرك جديد. ونعلم أيضاً أن أعضاء ما تسمى (الخوذ البيضاء)، التي قامت الاستخبارات البريطانية بإنشائها وإدارتها بدعم من الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، يشاركون مشاركة مباشرة في إعداده». ولم يذكر الوزير مصادر المعطيات المتوافرة لدى بلاده، لكن وزارة الدفاع الروسية أشارت إلى أن المعلومات الروسية تم الحصول عليها من «مواطنين في بلدة سرمدا».
وأوضحت، أن «مقاتلين من تنظيم (هيئة تحرير الشام) بالاشتراك مع منظمة (الخوذ البيضاء) يخططون لتنفيذ استفزازات كيماوية في منطقة خفض التصعيد في إدلب». وزادت في بيان أن «شهوداً في بلدة سرمدا التي تقع على بعد 30 كيلومتراً شمال شرقي إدلب نقلوا معلومات عن أشخاص وصلوا في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) إلى البلدة ضمن قافلة مكونة من ثلاث شاحنات محملة بحاويات فيها مواد كيماوية، ومعدات تصوير فيديو احترافية». وزادت، أن مسلحين رافقوا القافلة «الكيماوية».
وقالت الوزارة، إنه «وفقاً لإفادة الشهود، إحدى الشاحنات احتوت على معدات فيديو احترافية وشظايا ذخيرة جوية ومدفعية تحمل علامات سوفياتية وروسية». وأضاف البيان، أنه «تم تأكيد معلومات أن مسلحين من مجموعة القائد الميداني أبو مالك، المنضوية تحت لواء (تحرير الشام)، وكذلك عناصر في (الخوذ البيضاء) هم الذين يقومون بإعداد الأعمال الاستفزازية».
وأشار البيان إلى أن «الإرهابيين يقومون بانتقاء أفراد من السكان المحليين للمشاركة في تصوير مشاهد ستقدم على أنها تظهر آثار الغارات الجوية واستخدام المواد السامة».
ولفتت الوزارة إلى أن «الفيديوهات الزائفة التي يزعم أنها تظهر أهدافاً مدنية مدمرة بالغارات الجوية والقصف وتوثق استخدام الأسلحة الكيماوية المزعوم في إدلب، من المقرر نشرها على شبكات التواصل الاجتماع وتقديمها دليلاً على جرائم الحكومة السورية والقوات الجوية الروسية ضد المدنيين».
وكانت موسكو استخدمت لهجة التحذير من «هجمات كيماوية مفبركة» يتم إعدادها في مناطق مختلفة في سوريا، في كل بؤرة تقترب فيها منظمة حظر السلاح الكيماوي من تحقيق نتائج لتحرياتها أو إصدار استنتاجات حول عمل مبعوثيها. واللافت أن موسكو التي بنت تحذيرها على «إفادات شهود» كانت رفضت استنتاجات اللجنة الأممية لأنها «استندت إلى شهادات أشخاص لا يمكن الوثوق بها». وتستبق التحذيرات الروسية الجديدة مواجهة منتظرة بين روسيا وأطراف غربية في إطار الاجتماع السنوي لمنظمة حظر السلاح الكيماوي التي يستعد محققوها للمرة الأولى لإصدار تقرير يحدد المسؤولين عن هجمات كيماوية في سوريا.
ومن المنتظر أن يصدر التقرير في بداية العام المقبل، لكن موسكو رفضت سلفاً نتائج عمل مبعوثي المنظمة واتهمت أطرافاً غربية بـ«تسييس» التحقيقات. واستخدم لافروف أمس، عبارات لاذعة في انتقاد القائمين على إعداد تقرير أممي حول الهجوم الكيماوي الذي وقع في دوماً في أبريل (نيسان) من العام الماضي؛ إذ قال إنه «يشكك في حياد قيادة المنظمة لدى إعداد هذا التقرير»، ووصف الخبراء الذين عملوا على وضعه بأنهم «قذرون».
وكانت موسكو رفضت بشدة قراراً سابقاً للمنظمة يمنحها الحق في تحديد المسؤولين عن ارتكاب هجمات باستخدام مكونات كيماوية، وصوّتت المنظمة بغالبية الدول الأعضاء والبالغ 193 دولة، في يونيو (حزيران) من العام الماضي لصالح تعزيز سلطات المنظمة، عبر السماح لها بتحميل المسؤولية لأطراف عن ارتكاب الهجمات الكيماوية بعدما كانت صلاحياتها السابقة تقتصر على توثيق استخدام نوع معين من السلاح.
وبررت موسكو معارضتها الشديدة للقرار بأن «توجيه الاتهامات هو من صلاحيات مجلس الأمن وليس منظمة حظر الكيماوي التي يجب أن يبقى نشاطها مقتصراً على الشق الفني المحترف». وتُهدد موسكو بعرقلة التصويت على ميزانية منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لعام 2020 في حال تضمنت تمويلاً لفريق المحققين.
على صعيد آخر، حث لافروف قيادات الأكراد السوريين على تنفيذ التزاماتهم المتعلقة بالمذكرة الروسية التركية بشأن شمال شرقي سوريا، محذراً إياهم من الانخراط فيما وصفها «ممارسات مريبة».
وقال لافروف، إنه ليس لدى موسكو أسباب للتشكيك بالتزام أنقرة باتفاق سوتشي، أو سعيها لاستئناف العمليات العسكرية، وزاد: «لا توجد لدينا معلومات بأن تركيا تعتزم انتهاك مذكرة سوتشي بشأن شمال شرقي سوريا، بخلاف ما يزعمه الأكراد».
وقال إنه يود أن «ينصح (قوات سوريا الديمقراطية) والقيادة السياسية الكردية عموماً بالوفاء بوعودهم؛ لأننا فور إبرام مذكرة سوتشي حصلنا على الموافقة على تنفيذها من رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد، وكذلك من القيادة الكردية، التي أكدت بقوة أنها ستتعاون في تنفيذها».
وشدد لافروف على أنه لا يمكن ضمان حقوق الأكراد إلا في إطار سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وحث «قوات سوريا الديمقراطية» على الانخراط في حوار شامل مع الحكومة السورية، ورأى أن «اهتمام الأكراد بهذا الحوار وبالمذكرة الروسية - التركية تقلص بعد تراجع واشنطن عن قرار سحب قواتها من الشمال السوري»، وقال: عندما أعلن الأميركيون قرار الرحيل عن سوريا، عبر الأكراد على الفور عن استعدادهم لمثل هذا الحوار، ثم انتقلوا مرة أخرى إلى مواقف غير بنّاءة إلى حد ما؛ لذا فإنني أنصح زملاءنا الأكراد بأن يكونوا ثابتين في مواقفهم، وألا يحاولوا بشكل انتهازي الانخراط في ممارسات مريبة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».