مصر: قرب تشغيل مقرات الحكومة في العاصمة الإدارية يمهد لزيادة الأسعار

تنفيذ 70 % من إنشاءات الوزارات... ولجنة لتقييم المقابل المادي

مصر تخطط لنقل وزاراتها إلى العاصمة الجديدة العام المقبل
مصر تخطط لنقل وزاراتها إلى العاصمة الجديدة العام المقبل
TT

مصر: قرب تشغيل مقرات الحكومة في العاصمة الإدارية يمهد لزيادة الأسعار

مصر تخطط لنقل وزاراتها إلى العاصمة الجديدة العام المقبل
مصر تخطط لنقل وزاراتها إلى العاصمة الجديدة العام المقبل

يتوقع مسؤولون مصريون زيادة أسعار أراضي وعقارات العاصمة الجديدة (شرق القاهرة) بعد تشغيل مقرات الحكومة المصرية بها منتصف العام المقبل. وتسابق الشركات المصرية الزمن للانتهاء من إنشاءات الحي الحكومي بالعاصمة تمهيداً لنقل الوزارات إليها منتصف العام المقبل، وبلغ معدل تنفيذ البناء في الحي الحكومي نحو 70 في المائة، بينما تم الانتهاء من 50 في المائة من المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة التي تضم 40 ألف فدان، وفقا للتصريحات الرسمية.
ويعقد مجلس الوزراء المصري اجتماعات دورية لمتابعة سير العمل بالعاصمة الإدارية الجديدة، وترتيبات نقل الوزارات والموظفين إليها بحلول منتصف العام المقبل، في حين بدأت شركات القطاع الخاص العاملة في مشروعات سكنية وإدارية في العاصمة تقديم تسهيلات أكثر في أنظمة السداد لتنشيط حركة المبيعات التي شهدت انخفاضا في الفترة الأخيرة وفقا للمراقبين.
العميد خالد الحسيني، المتحدث باسم شركة العاصمة الإدارية الجديدة، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «العمل في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يسير وفقا للجدول الزمني المقترح، حيث تم الانتهاء من 50 في المائة من المرحلة الأولى للمشروع التي يتم تنفيذها على مساحة 40 ألف فدان، خلال السنوات الثلاث الماضية، ومن المقرر الانتهاء من باقي المرحلة الأولى بعد 3 سنوات وفقا للجدول الزمني للمشروع». وأوضح أنه «تم الانتهاء من 70 في المائة من الحي الحكومي الذي يضم 36 مبنى، بينها مبان للوزارات ومجلس الوزراء، ومجلس النواب».
وتدرس شركة العاصمة الإدارية رفع الأسعار في الفترة المقبلة مع بدء تشغيل المقرات الحكومية، وأوضح الحسيني أن «لجنة تقييم الأسعار تدرس حاليا أسعار المتر في العاصمة، وهناك تفكير في زيادة السعر مع بدء الحياة في العاصمة، وانتقال 50 ألف موظف إليها، لذلك لم تطرح الشركة أراضي بشكل كبير حتى الآن».
وتتحمل شركة العاصمة الإدارية الجديدة تكلفة إنشاء الحي الحكومي بالكامل، والبالغة وفقا للحسيني 50 مليار جنيه. وإلى جانب الحي الحكومي تنفذ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مجموعة من مشروعات الإسكان تتضمن 2174 عمارة تضم نحو 63 ألف وحدة سكنية، و2620 فيلا، ومُنشآت خدمية وتجارية، وحي المال والأعمال ويشمل مقر البنك المركزي و12 بنكاً، إضافة إلى مدينة رياضية، بصالة مغطاة تسع 7 آلاف متفرج، ومستشفى العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات الطرق والكباري التي تضم 4 كباري سيارات، و9 أنفاق سيارات، و34 طريقاً ليصبح إجمالي أطوال الطرق بالعاصمة الإدارية نحو 472.2 كيلومتر.
وتسهيلا على الموظفين الذين سيتم نقلهم للعاصمة الإدارية الجديدة، يجري حاليا تنفيذ 10 آلاف وحدة سكنية في مدينة بدر للعاملين بالوزارات، كما بدأت الحكومة تنفيذ 33 ألف وحدة سكنية ضمن الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر، وأكد مدبولي تخصيص جزء منها لشباب الموظفين الذين سينتقلون للعاصمة، وتسعى العاصمة الجديدة لاستيعاب 6.5 مليون نسمة.
ولا يقتصر العمل في العاصمة الإدارية الجديدة على المشروعات التي تنفذها شركة العاصمة الإدارية ووزارة الإسكان، حيث يوجد الكثير من المشروعات الخاصة لكبار المطورين العقاريين، والتي يتم الإعلان عنها باستمرار، ويستعد بعضها ليكون جاهزا مع انتقال الوزارات إلى العاصمة منتصف العام المقبل، ووفقا لمراقبين ومسوقين عقاريين فإن «المبيعات في هذه المشروعات واجهت انخفاضا في الفترة الأخيرة، مما أدى لتوقف بعض المشروعات، أو تأخر تنفيذها».
الخبير العقاري حسين الحمصاني قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المشاريع السكنية في العاصمة الإدارية الجديدة واجهت انخفاضا في حجم المبيعات في الفترة الأخيرة، مما دفع الشركات إلى تقديم تسهيلات أكثر في السداد وصلت إلى 10 سنوات في بعض المشروعات»، مشيرا إلى أن «المواطن المصري كان يشتري وحدات سكنية في المشروعات الجديدة بهدف الاستثمار، ومن انخفاض الإقبال على الوحدات السكنية، بدأ الاتجاه للوحدات الإدارية والتجارية، والتي زاد معدل بيعها وتأجيرها مؤخرا، ومن هنا نجد إقبالا أكبر على تنفيذ مشروعات تجارية، ومراكز تسوق. وأضاف الحمصاني أن «مشروعات العاصمة الإدارية تستهدف شريحة مرتفعة من المواطنين، نظرا لارتفاع الأسعار، وبالتالي فالشركات الكبيرة ذات الخبرات السابقة ستكون أكثر ثباتا وتنفيذا للمشروعات وجذبا لهذه الشريحة من المستهلكين».
بدوره أكد الحسيني أن «جميع المطورين أمامهم 4 سنوات لتنفيذ مشروعاتهم منذ بدء التعاقد، وشراء الأراضي، والشركة لا تترك المسألة لاجتهاد المطور، وتضع شروطا للتنفيذ، وقيودا على الارتفاعات والمساحات، كما أن المطور مطالب بإرسال تقارير ربع سنوية لشركة العاصمة الإدارية الجديدة، حول معدلات التنفيذ، إضافة إلى قيام فريق من شركة العاصمة الإدارية بعمل جولات ميدانية للتأكد من معدلات التنفيذ واتساقها مع الجدول الزمني ومع المشروع المتفق عليه»، مشيرا إلى أن «العاصمة لديها 230 مطورا عقاريا يعملون في مشروعات مختلفة».
ويتراوح سعر المتر السكني في العاصمة الإدارية الجديدة بين 4 آلاف، و4500 جنيه، طبقا لنسب التميز المتعلقة بوجود الوحدة السكنية داخل مربع تجاري من عدمه، بحسب الحسيني، مشيرا إلى أن «سعر المتر السكني كان 2000 جنيه عند بداية المشروع»، بينما يصل متوسط سعر المتر التجاري داخل الكمبوند إلى 15 ألف جنيه.
ويختلف سعر المتر التجاري بالعاصمة باختلاف المنطقة، ففي الطرح الجديد الذي أعلنته الشركة في المنطقة «إم يو 4» و«إم يو 7» حول النهر الأخضر ومحور محمد بن زايد يتراوح سعر المتر التجاري من 22 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه، وذلك لاختلاف طبيعة الطرح، حيث يسمح في هذه النوعية ببناء 80 طابقا، أو 320 مترا كحد أقصى، وفقا للمتحدث باسم شركة العاصمة.
وقال الحمصاني إن «الأسعار سترتفع بعد انتقال الوزارات والهيئات الحكومية للعاصمة، ومن المتوقع أن يزيد الإقبال أيضا على شراء وحدات سكنية وتجارية في العاصمة عندما تدب الحياة فيها».
ويفرض انتقال الوزارات والهيئات الرسمية للعاصمة الإدارية الجديدة، انتقال البعثات الدبلوماسية أيضا، لتكون قريبة من مراكز صنع القرار، ومن المقرات الحكومية التي تشاركها عملها، وهو ما تسعى شركة العاصمة الإدارية لتحقيقه، ويواجه هذا الأمر «صعوبات كبيرة»، خاصة أن معظم البعثات الدبلوماسية في مصر لديها مقرات مطلة على النيل: «من الصعب أن يتخلوا عنها لصالح مقرات بديلة»، وفقا لتصريحات عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية العاملة في مصر لـ«الشرق الأوسط».
لكن الحسيني قال إن «شركة العاصمة الإدارية تلقت حتى الآن 60 طلبا من البعثات الدبلوماسية لشراء أراض ومقرات بالعاصمة الجديدة»، وهناك زيارات أسبوعية بالتنسيق مع وزارة الخارجية لممثلي بعثات دبلوماسية أجنبية للعاصمة، مضيفا أن «شركة العاصمة تعمل حاليا على تلبية رغبات البعثات الدبلوماسية المختلفة، حيث طرحت الشركة أراضي تتراوح مساحتها ما بين فدان و24 فدانا (الفدان 4200 متر)، للبعثات الدبلوماسية، بسعر 400 دولار للمتر»، مشيرا إلى أن «البعثات الصغيرة طلبت مساحات أصغر، فلا يعقل أن تدفع مبلغا يصل إلى 2 مليون دولار في الأرض ناهيك عن تكلفة المباني والتجهيزات، في حين لا يزيد عدد أفراد البعثة عن فردين أو ثلاثة».
وكحل لهذه المشكلة «بدأت شركة العاصمة الإدارية تنفيذ مبان تصلح كمقرات للبعثات الدبلوماسية، وكسكن لأعضاء البعثات الدبلوماسية، مساحة الطابق فيها تصل إلى 600 متر، ويحق للبعثة شراء الطابق كاملا أو نصفه حسب الحاجة» بحسب الحسيني.
وتعتبر العاصمة الإدارية الجديدة أول النماذج الواقعية للمدن الذكية التي تعتزم مصر إنشاءها في الفترة الحالية، والتي تتضمن أنظمة تحكم إلكترونية، وكاميرات مراقبة في الشوارع، ونظام التعرف على الوجوه، وغير ذلك.
وأوضح الحسيني أن «تعبير المدن الذكية يعني المدن الآمنة، التي تتوفر فيها كاميرات مراقبة وأجهزة تحكم، وتعالج مشاكل الاختناقات المرورية»، مشيرا إلى أن العاصمة الإدارية لديها مركز تحكم رئيسي لإدارة المرافق، ومركز آخر لإدارة المدينة بالكامل، إضافة إلى نظام لإدارة المخلفات، وأعمدة إنارة وإعلانات ذكية، كما سيكون لدى سكان العاصمة كارت ذكي يتم التعامل به في أرجاء العاصمة».



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»