سرّ صعوبة إنقاذ «وي وورك»

الشركة تحاول جني أموال بعد تعرضها لخسائر متراكمة مع وجود مساحات عقارية خالية تابعة لها

مبنى «دوك 72» على شكل سفينة في نيويورك يقع على ضفة المياه ويضم أحدث المساحات المكتبية التي طورتها شركة «وي وورك»
مبنى «دوك 72» على شكل سفينة في نيويورك يقع على ضفة المياه ويضم أحدث المساحات المكتبية التي طورتها شركة «وي وورك»
TT

سرّ صعوبة إنقاذ «وي وورك»

مبنى «دوك 72» على شكل سفينة في نيويورك يقع على ضفة المياه ويضم أحدث المساحات المكتبية التي طورتها شركة «وي وورك»
مبنى «دوك 72» على شكل سفينة في نيويورك يقع على ضفة المياه ويضم أحدث المساحات المكتبية التي طورتها شركة «وي وورك»

في الوقت الذي كانت فيه شركة «وي وورك» تناضل للحصول على دعم مالي الأسبوع الماضي، كرس سيباستيان غننغهام، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين بالشركة، جزءاً من وقته للإشراف على افتتاح «دوك 72»، وهو مبنى رائع على شكل سفينة يقع على «بروكلين» على ضفة المياه ويضم أحدث المساحات المكتبية المشتركة التي أبدعتها الشركة.
وبينما وقف غننغهام يقص شريط افتتاح المبنى الجديد وبرفقته ملاك المبنى ومسؤول من مجلس المدينة، لاحت من فوق رؤوسهم مكاتب «وي وورك» الفسيحة التي بدت بمثابة تجسيد لأي مدى وسعت الشركة دائرة نشاطها على نحو مفرط وبات يتحتم عليها الآن محاولة جني أموال بعدما دفنت نفسها تقريباً في خسائر متراكمة.
يذكر أن المساحة المملوكة لـ«وي وورك» داخل «دوك 72» والبالغة نحو 220 ألف قدم مربعة، لا تزال خالية في معظمها. أما المنطقة المشتركة والتي تتمتع بإطلالة ساحرة على مانهاتن، فكانت تعج بالحركة يوم الافتتاح. إلا إنه خلال الأيام السابقة والتالية للافتتاح، جرى استخدامها بالكاد. ورغم أن بعض الشركات بدأت بالفعل في الانتقال إلى المبنى الجديد، فإن غالبية المكاتب الخاصة التي تسعى «وي وورك» لتأجيرها لشركات، ظلت خالية.
من ناحيتها، أعلنت الشركة أن أكثر من 30 في المائة من المساحة جرى شغلها، ما يعادل تقريباً المساحة المعيارية السائدة على مستوى الصناعة بأكملها خلال فترة الافتتاح.
وقال جورين سوارتس، الذي نقل شركته الناشئة «ستويو» العاملة بمجال صناعة أكواب قابلة للطي إلى بناية «دوك 72» من مساحة أخرى تتبع «وي وورك» في بروكلين: «المبنى خالٍ بالتأكيد بدرجة كبيرة».
من ناحية أخرى، من المنتظر أن تضيف «وي وورك» مساحة مكتبية جديدة تبلغ نحو 10 ملايين قدم مربعة، بينها «دوك 72»، إلى حزمة ممتلكاتها العقارية الضخمة داخل الولايات المتحدة وبريطانيا خلال هذا العام فقط. وتسلط المواقع التي توجد بها هذه المساحات، والتي غالباً ما يجري بناؤها بتكلفة ضخمة، الضوء على التحديات الاقتصادية الضخمة التي تواجه المسؤولين التنفيذيين بالشركة والذين يحاولون إنقاذها، والذين تلقوا هذا الأسبوع شريان حياة في اللحظة الأخيرة من «سوفت بنك» بعدما أجبرت على إلغاء خطط لتنظيم طرح أولي للاكتتاب العام.
وربما يشكل النمو المحموم الذي حققته الشركة تحت قيادة مؤسسها، آدم نيومان، عبئاً يظل يثقل كاهلها لسنوات ويعوق محاولات إعادة رسم ملامح «وي وورك»، التي ظل يجري النظر إليها حتى وقت قريب على أنها واحدة من أكثر الشركات الناشئة القيمة على مستوى العالم.
ومن المقرر أن يشرف على هذه الجهود مارسيلو كلوري، الرئيس التنفيذي الرفيع لدى «سوفت بنك»، بعد أن وافق «سوفت بنك» مؤخراً، على السيطرة على «وي وورك» والاستثمار بها وإقراضها مليارات الدولارات. وذلك علاوة على الـ9 مليارات دولار التي ضخها «سوفت بنك» بالفعل في «وي وورك»، الأمر الذي مكن الشركة من تحقيق توسع هائل تحت قيادة نيومان.
الآن، يرغب «سوفت بنك» من «وي وورك» أن تبطئ وتيرة نموها وتركز على نشاطها التجاري المحوري (تأجير مساحات مكتبية وإعادة تجهيزها، ثم تأجيرها إلى «أعضاء») وتخصيص طاقتها للأسواق الكبرى مثل نيويورك وسان فرنسيسكو. وخلال اجتماع مع موظفي الشركة، عقد مؤخراً، قال إنه سيمنح الأرباح أولوية عن النمو، وأشار كذلك إلى أنه سيجري تسريح بعض العمالة، لكن لم يذكر العدد بالتحديد، تبعاً لما أفادت به 4 مصادر مطلعة.
يذكر أن كثيراً من كبار المسؤولين التنفيذيين بالشركة، بجانب نيومان، رحلوا بالفعل عن الشركة أو قالوا إنهم في طريقهم للرحيل.
والآن، أصبح لزاماً على كلوري، الذي جرى تعيينه رئيساً تنفيذياً للشركة، أن يقرر ما سيُبقي عليه وما السياسات التي سينفذها، لكن المؤكد أن تحقيق الاستقرار داخل «وي وورك» لن يكون بالأمر السهل.
يذكر أن الوثائق المرتبطة بالطرح العام للاكتتاب الأولي للشركة كشفت عن أن «وي وورك» تكبدت خسائر هائلة وأهدرت مليارات الدولارات سنوياً.
ومن بين أكبر الأسباب وراء ذلك أن «وي وورك» في طريقها نحو إضافة مساحات مكتبية تقدر بـ9.9 مليون قدم مكعبة هذا العام داخل الولايات المتحدة وبريطانيا، تبعاً لما أفادت به بيانات صادرة عن مؤسسة «كوستار» المختصة في معلومات العقارات التجارية. ويتجاوز ذلك بأكثر من 3 أضعاف المساحة الموجودة في مقر شركة «أبل» الذي يتخذ شكل سفينة فضاء، علاوة على أنه أكبر بكثير من الـ6.3 مليون قدم مربعة التي أضافتها «وي وورك» العام الماضي. وداخل مدينة نيويورك، حيث تعدّ «وي وورك» المستأجر الخاص الأكبر، تعهدت الشركة بإضافة 2.6 مليون قدم مربعة عام 2019، تبعاً لما كشفت عنه بيانات «كوستار».
الملاحظ أنه في أماكن أخرى، يبدو معدل الإشغال في المساحات المتميزة المملوكة لـ«وي وورك» نشطاً، بما في ذلك كثير من المواقع في بوسطن وسان فرنسيسكو. وخلال زيارة أخيرة، بدت المنطقة المشتركة والمكاتب الخاصة داخل مبنى في شارع «126» في هارليم تابع للشركة، مشغولة عن آخرها.
من جانبهم، ذكر مقاولون أن العمل في واحد من المواقع التابعة للشركة يوفر إمكانية مقابلة مستثمرين وعملاء جدد والتعاون معهم.
من جهته، قال سوارتس، المستأجر في «دوك 72»، إن «وي وورك» قدمت عوناً هائلاً لشركته. وأوضح أنه عبر المشاركة في «وي وورك لابس»، وهي خدمة موجهة للشركات الناشئة، حصل على استثمارات بقيمة 75 ألف دولار من الذراع المعنية برأس المال المخاطر التابعة للشركة. وقال: «أشعر بقدر بالغ من التقدير والعرفان والامتنان تجاه ما وفره نظام عمل (وي وورك) للشركة».
ورغم هذا، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت حتى أكثر المواقع التابعة لـ«وي وورك» إشغالاً تحقق أرباحاً كبيرة.
يذكر أنه في إطار وثائق الأوراق المالية التي قدمتها الشركة، لم تفصح «وي وورك» عن الأداء المالي لمواقعها الأقدم، والتي نالت الفرصة لتحقيق الإشغال الكامل، وإثبات نفسها ولو نظرياً على الأقل. في المقابل، تفضح شركة «إنترناشونال ووركبليس غروب»، وهي واحدة من أكبر منافسي «وي وورك» والتي يجري التداول في أسهمها بصورة عامة، عن مثل هذه التفاصيل.
وأفاد مسؤولون تنفيذيون بالصناعة بأن السعي وراء جني أموال من وراء نشاطات تأجير «مساحات مشتركة» يتطلب إدارة بالغة الدقة للتكاليف واتباع توجه مدروس إزاء النمو. ويرى منتقدو «وي وورك» أنها افتقرت إلى الأمرين. وأضاف هذا الفريق أنه بينما تخلق الشركة مساحات جذابة، فإنها تنفق أموالاً طائلة على نحو مفرط على ذلك، وستواجه صعوبات جمة في تحقيق متوسط هامش الربح في هذه الصناعة.
من جانبه، شبه مارك ديكسون، الرئيس التنفيذي لـ«إنترناشونال ووركبليس غروب»، التوجه الذي تتبعه «وي وورك» بإدارة فندق يوفر خدمة الغرف مجاناً. وقال: «ربما يحقق لك ذلك امتلاء غرف الفندق بأكملها، لكنك لن تجني مالاً».
وإذا كان بعض المواقع عاجزة عن إدرار أي أرباح، فإنه باستطاعة «وي وورك» الرحيل عنها قبل نهاية عقد تأجيرها، لكن إذا أقدمت الشركة على مثل هذا الإجراء على نحو متكرر وبمعدل كبير، فإن أصحاب العقارات قد يترددون إزاء التعاون معها. بجانب ذلك، فإن مالكي البنايات يملكون حمايات مالية ضد انسحاب «وي وورك»، مثل ضمانات من الشركة وخطابات ائتمان وودائع تأمين.
وذكر مسؤول تنفيذي في «وي وورك» أنه بنهاية يونيو (حزيران) الماضي، بلغ إجمالي قيمة مثل تلك الإجراءات الحمائية 6 مليارات دولار، تبعاً لما ورد في وثائق الأوراق المالية لـ«وي وورك».
وفي بيان أصدره، قال المسؤول إنه حال حصولها على وقت كاف، فستحرز المساحات المكتبية المميزة التابعة لشركته نجاحاً كبيراً. وقال نيك وورسويك، رئيس قسم المبيعات العالمية في «وي وورك»: «الموقع ومستوى نضج السوق يلعبان دوراً مهماً في تحفيز معدلات إشغال المباني وربحيتها، الأمر الذي نوليه اهتماماً بالغاً في ظل إدارتنا الجديدة. ونتطلع قدماً نحو توفير تجربة مكان عمل أفضل لعملائنا في الفترة المقبلة».
ومع رحيل نيومان، الذي وافق «سوفت بنك» على الاستعانة به مستشاراً على مدار 4 سنوات مقابل 185 مليون دولار، ربما لا تخاطر «وي وورك» بعد الآن بالدخول في مشروعات تشتت انتباه عامليها وتكبد الشركة أموالاً ضخمة.
يذكر أنه في ظل قيادة نيومان، أسست «وي وورك» مدرسة خاصة في مانهاتن، حملت اسم «وي غرو»، تولت زوجته إدارتها وتخطط الشركة اليوم لإغلاقها. كما ألغت الشركة خطة لتوسيع نطاق عروضها السكنية تحت عنوان «وي ليف»، إلى داخل سياتل.
أيضاً، ربما توفر الإدارة الجديدة للشركة المال ببساطة من خلال تجنب الدخول في عمليات استحواذ مكلفة. يذكر أن «وي وورك» دفعت هذا العام 43 مليون دولار مقابل شركة صغيرة «سبيشس» في مجال العمل المشترك، تبعاً لما ذكرته وثائق اضطلعت عليها «نيويورك تايمز». وفاقت نفقات «سبيشس» إيراداتها بدرجة كبيرة، تبعاً لما أوضحته البيانات المالية.
وربما تضطر الشركة كذلك إلى التخلي عن ممارسة تجارية باهظة أخرى تتمثل في عرض خصومات ضخمة لاجتذاب المستأجرين. من جانبه، قال جيمي هوداري، الرئيس التنفيذي لـ«إندستريوس»، وهي شركة أخرى منافسة بمجال العمل المشترك، إن نيومان عمل بجد على إغواء العملاء لترك شركته.
وقال هوداري إنه سافر عام 2017 إلى أتلانتا مع نيومان على متن طائرة تجارية فاخرة لا يتمتع بالسفر عبرها سوى القليل من المسؤولين التنفيذيين بشركات ناشئة. وخلال الرحلة، طلب نيومان الحديث إليه على انفراد، ما تبع ذلك بدا أنه مقتبس من مسلسل تلفزيوني درامي، ذلك أن نيومان أخبره بأنه «سيدفن» «إندستريوس»، حسبما قال هوداري.
في البداية، قال نيومان إنه سيعرض على عملاء «إندستريوس» إعفاءً من الإيجار لمدة عام، تبعاً لما قاله هوداري. وإذا بقي أحدهم مع «إندستريوس» فسيعرض عليه إعفاءً لمدة عامين، وإذا استمر أي منهم مع الشركة فسيعرض عليه ما يصل إلى 3 سنوات إعفاء من الإيجار. وقال هوداري إنه في الواقع رحل أقل من 5 في المائة من عملاء «إندستريوس»، ونجحت الشركة بسهولة في تعويض مكانهم. وقد رفض ممثل لنيومان التعليق على هذا الأمر.
من ناحية أخرى، فإن «وي وورك» ربما تظل بحاجة لعرض صفقات مميزة لاجتذاب العملاء، خصوصاً إذا ما لحق الضعف بالاقتصاد. وخلال زيارتين هذا الأسبوع، لم نجد سوى قليل من الأعضاء الحاضرين داخل موقع افتتحته الشركة قريباً في قلب أتلانتا. وبدا موقع آخر يتبع «وي وورك» في موسكو ممتلئاً للنصف فقط.
وذكر 3 أعضاء في «دوك 72» أنهم حصلوا على خصومات حافزاً للتوقيع مع الشركة. وقال مسؤول في «وي وورك» إن الشركة عرضت خصماً بما بين 15 و20 في المائة من الإيجار المستحق.

- خدمة «نيويورك تايمز»



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».


«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.


هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»