ويلف ماكغينيس: اعتقدت أن كارثة ميونيخ قضت على مانشستر يونايتد إلى الأبد

اللاعب والمدرب السابق يتحدث عن الأسطورة بيسبي وعن اللعب مقابل 20 جنيهاً في الأسبوع

بيسبي حول مانشستر يونايتد إلى واحد من أعظم الأندية في العالم
بيسبي حول مانشستر يونايتد إلى واحد من أعظم الأندية في العالم
TT

ويلف ماكغينيس: اعتقدت أن كارثة ميونيخ قضت على مانشستر يونايتد إلى الأبد

بيسبي حول مانشستر يونايتد إلى واحد من أعظم الأندية في العالم
بيسبي حول مانشستر يونايتد إلى واحد من أعظم الأندية في العالم

يبلغ اللاعب والمدير الفني السابق لمانشستر يونايتد ويلف ماكغينيس من العمر 82 عاماً، لكن وجهه يضيء بذكريات حية عن الرجل الذي كان له تأثير كبير للغاية على حياته، وهو السير مات بيسبي، الذي يصفه ماكغينيس بأنه «عظيم في مجال كرة القدم» وبأنه الرجل الذي حول مانشستر يونايتد إلى واحد من أعظم الأندية في العالم. يقول ماكغينيس عن بيسبي: «لقد اعتدنا أن ننظر إليه بإعجاب ونحن نكبر، ونقول: إنه هناك، هذا هو الرئيس، فقد كان هذا هو اللقب الذي كنا نطلقه عليه: الرئيس. لقد كان رجلا رائعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى».
وكان ماكغينيس واحداً من لاعبي الفريق الرائع الذي كونه بيسبي، والذي تعرضت طائرته للتحطم فيما يعرف بكارثة ميونيخ عام 1958، وكان ماكغينيس قد تعرض للإصابة وكان غائبا عن قائمة الفريق، وبالتالي لم يستقل الطائرة التي تحطمت وأودت بحياة الكثير من أفضل أصدقائه وزملائه في الفريق. وكان ماكغينيس جزءا مما يمكن وصفه بـ«الموجة الثانية» للفريق الذي كونه مات بيسبي، والذي أصبح في نهاية المطاف أول فريق إنجليزي يفوز بكأس أوروبا في عام 1968، وتعرض ماكغينيس لإصابة قوية أخرى أنهت مسيرته الكروية وهو في سن صغيرة، لكن بيسبي كان يحترمه كثيرا وأقنعه بأن يعمل مدربا في «أولد ترافورد».
وعندما اعتزل بيسبي التدريب لأول مرة عام 1969، اختار ماكغينيس لكي يخلفه في قيادة مانشستر يونايتد. وخلال الـ18 شهراً التالية، قام ماكغينيس بعمل جيد، لكنه واجه الصعوبات التي يواجهها أي شخص يخلف شخصية أسطورية مثل مات بيسبي في ناد عملاق بحجم مانشستر يونايتد. وكانت هذه هي نفس الصعوبات التي واجهها جميع المديرين الفنيين الذين تولوا قيادة مانشستر يونايتد بعد اعتزال المدير الفني الأسطوري للنادي السير أليكس فيرغسون.
ويشارك ماكغينيس في فيلم وثائقي جديد عن حياة مات بيسبي. ويلقي هذا الفيلم الضوء على بيسبي باعتباره أول مدير فني في كرة القدم الإنجليزية يدرك قوة وتأثير وأهمية البطولات الأوروبية وباعتباره الشخص الذي أدرك أيضاً أن كرة القدم ستتحول إلى صناعة عالمية ضخمة قريبا. لكن الفيلم يلقي الضوء أيضا على كارثة ميونيخ وشعور بيسبي بالذنب، لأنه هو الشخص الذي ضغط بشدة على مانشستر يونايتد من أجل خوض غمار التحدي الأوروبي، لكن هذه الكارثة التي تعرض لها الفريق خلال إحدى مبارياته الأوروبية قد أودت بحياة 23 شخصاً عندما تحطمت طائرتهم أثناء محاولتها الإقلاع من مدرج المطار للمرة الثالثة بعد ظهر يوم سيء الطقس في ميونيخ.
وكان هناك شيء جميل لكنه مؤلم في كلمات ماكغينيس عندما قال: «ميونيخ ستظل دائما محفورة في ذاكرتي؟ ستظل دائما كذلك. لقد كانوا أشخاصاً مميزين للغاية. وفي الحقيقة، لم يكن مستواي في اللعب يقترب من مستواهم، رغم أنني كنت ألعب كثيرا في تلك الأيام. لقد حاولت أن أنسى الأجزاء الحزينة حول هذا الموضوع، لكنني لا أريد أن أنسى اللاعبين، لأنهم كانوا رائعين. إنني أحاول ألا أتذكر تلك الكارثة كثيراً، لأنها كانت بالتأكيد أتعس لحظات مررت بها على الإطلاق. لقد غبت عن هذه الرحلة لأنني كنت مصابا، لذلك فقد كنت محظوظا للغاية. لقد كان إدي كولمان ودانكان إدواردز يلعبان في مركز الجناح، لكنني كنت ألعب في هذا المركز أيضا».
ومن الصعب على ماكغينيس أن يتذكر اليوم الذي سمع فيه أنباء هذه المأساة، لكن ابنه بول، الذي عمل أيضا كمدير فني في مانشستر يونايتد، يساعد والده على التذكر من خلال جلوسه معنا في منزل العائلة أثناء هذا الحوار. ويقول بول لوالده: «أعتقد أنك كنت في المدينة، أليس كذلك؟ وقد رأيت تفاصيل القصة في أكشاك بيع الصحف. أعتقد أنك ذهبت إلى مكتب صحيفة الغارديان حيث كان الناس يحصلون على المعلومات». ويهز ماكغينيس رأسه قائلا: «نعم. ذهبت إلى مقر صحيفة الغارديان وأخبروني هناك بما حدث. لقد فقدت أصدقائي وزملائي في الفريق».
وتنهد ماكغينيس ثم قال: «اعتقدت أن هذه الكارثة هي نهاية العالم. لقد انتابني شعور قوي بذلك. وقلت لنفسي إن مانشستر يونايتد قد انتهى الآن، وأنه لا يمكننا الاستمرار، لأنه لم يعد لدينا فريق. واعتقدت أيضا أن مات بيسبي من ضمن الضحايا. وعلمت بأن دونكان إدواردز قد لقي حتفه. يا له من لاعب رائع وعظيم. لقد كانوا جميعا لاعبين عظماء. لكن دونكان على وجه التحديد كان بمثابة مثل أعلى لنا جميعا. لقد كان أفضل لاعب رأيته على الإطلاق».
ويتضمن الفيلم الوثائقي لحظة مؤثرة للغاية، وهي اللحظة التي اتجه فيها مات بيسبي، وهو لا يزال يعاني من تداعيات إصابته في هذه الكارثة، إلى ملعب التدريب لتوجيه كلمة إلى لاعبيه. لقد انخرط بيسبي بالبكاء لدرجة أنه لم يتمكن من الحديث. وعندما سئل ماكغينيس عما إذا كان يتذكر هذه اللحظة، رد قائلا: «ما أتذكره هو أنه كان رجلا عظيما. لقد كنت في صفوف الفريق بعد كارثة ميونيخ، لكن الحقيقة هي أن مستواي لم يكن يقترب من مستوى هؤلاء اللاعبين العظماء الذين لقوا حتفهم. لقد كنا ممتنين فقط لأن مات بيسبي قد عاد إلينا. لقد كان بيسبي هو وجيمي ميرفي [مساعد مات بيسبي والمشرف على سياسة الناشئين بالنادي] رائعين. في الواقع، لم أقابل في حياتي أي شخص لديه مثل هذه الشخصية والإرادة».
ويضيف: «كان بيسبي يقول لي دائما: اذهب والعب جيدا من أجل الجماهير. كان يطالبني بألا ألعب لنفسي ولكن أن ألعب من أجل الجماهير. لقد كنا محظوظين للغاية لأن مانشستر يونايتد، تحت قيادة مات بيسبي، كان فريقاً رائعاً. لم يكن مانشستر يونايتد فريقا عظيما قبل مات بيسبي، الذي كان مديرا فنيا رائعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى».
ورغم أن الطبيعة القاسية للحياة في سنوات ما بعد الحرب العالمية كانت واضحة في اللقطات التي كان يعرضها الفيلم الوثائقي، فإن بيسبي كان مصرا على جلب الفرح والسعادة لمانشستر يونايتد من خلال كرة القدم. يقول ماكغينيس عن بيسبي، الذي أصبح مديراً فنيا لمانشستر يونايتد في عام 1945: «لقد أراد منا أن نعطي الناس شيئا يتطلعون إليه».
وبعد عشر سنوات من هذا التاريخ، وبالتحديد في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1955، شارك ماكغينيس في أول مباراة له مع الفريق الأول لمانشستر يونايتد وهو في السابعة عشرة من عمره. وكان إدواردز وبوبي تشارلتون أيضا من ضمن اللاعبين الشباب الواعدين الذين ضمهم مات بيسبي لفريق مانشستر يونايتد آنذاك. يقول ماكغينيس: «كان أعلى أجر لأي لاعب في الفريق هو 20 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع، ولم يكن يمكننا الحصول على أكثر من ذلك. لكنني كنت سعيداً وأنا استقل الحافلة للذهاب إلى تدريبات الفريق أو لخوض المباريات على ملعب أولد ترافورد».
وبسؤاله عما إذا كان الجمهور يشعر بحماس شديد عندما كانوا يرون اللاعبين وهم يستقلون حافلة الفريق، قال ماكغينيس: «نعم، لقد كانوا يشعرون بحماس شديد. كنت آمل أن يكون هذا الحماس الكبير لدى الفتيات أيضا، لكنهن لم يكن كذلك. وكان معظم الجمهور الذي يشجعنا من الفتيان، لكن الأمر كان جيدا على أي حال! لقد كنت أجلس دائما بجوار بوبي، الذي كان صديقاً حميماً جداً. كنا في نفس العمر ولعبنا في صفوف المنتخب الإنجليزي للشباب معا عندما كنا في الخامسة عشرة من عمرنا. لقد كنت أنا قائد المنتخب الإنجليزي للشباب».
وقد اختار بيسبي ماكغينيس للعب مع الفريق الأول لمانشستر يونايتد قبل اختياره لبوبي تشارلتون. يقول ماكغينيس عن ذلك: «كان السبب الرئيسي في ذلك أن مركزي قد بات شاغرا. لقد كان بوبي لاعبا رائعا، وقد نشأنا معاً وكنا صديقين جيدين. لقد مكث بوبي في منزلنا لبعض الوقت، لأنني من أبناء مدينة مانشستر، أما هو فجاء إلى مانشستر من نورثمبرلاند. لقد كنا نفعل كل شيء معا». وقد نجا تشارلتون من كارثة ميونيخ، كما هو الحال مع بيسبي، لكنه كان يشعر بالذعر والخوف. لكن هل تحدث تشارلتون مع صديقه المقرب عن هذه المأساة؟ يقول ماكغينيس: «لا، لقد كانت هذه أمورا شخصية تتعلق به».
ورغم هذا الحزن والألم، تمكن بيسبي من بناء فريق قوي فاز بكأس أوروبا عام 1968، وكان الفوز الساحق لمانشستر يونايتد على بنفيكا البرتغالي بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في المباراة النهائية بمثابة تتويج لجهود بيسبي خلال هذه السنوات الطويلة. وبعد ذلك، تولى ماكغينيس تدريب فريق الرديف بمانشستر يونايتد، بعد أن اضطر لاعتزال كرة القدم وهو في الثانية والعشرين من عمره بعد إصابته بكسر في الساق، وكان مقربا للغاية من بيسبي وميرفي. وقد أشرف ماكغينيس على تدريب أسطورة مانشستر يونايتد جورج بيست في بعض مباريات فريق الرديف، قبل أن يتم تصعيد بيست إلى الفريق الأول ويصبح عنصرا أساسيا في الفريق الفائز بالبطولة الأوروبية.
فهل ظهرت موهبة بيست على الفور وكان واضحا من البداية أنه لاعب فذ؟ يقول ماكغينيس: «أنت تعلم أنه كان لاعبا استثنائيا، والأعمى فقط هو الذي لم يكن بإمكانه رؤية إمكانياته الهائلة. لقد كان جورج بيست خجولا حتى بدأ يذهب إلى قاعات الرقص، ثم تخلى عن الخجل بعض الشيء بعد ذلك. لكن الفريق بأكمله كان استثنائيا، ولكي تدرك ذلك عليك التفكير فقط في لاعبين مثل بوبي ونوبي ستيلز، بالإضافة إلى بيل فولكس وهاري غريغ، الذين نجا من كارثة ميونيخ. لقد كان هذان اللاعبان يملكان شخصية قوية للغاية».
وأضاف: «عندما تمكنا من الفوز بالبطولة الأوروبية، كان هذا يعني الكثير بالنسبة لنا، وخاصة بالنسبة لمات بيسبي. لقد كان شيئا يجعلنا نقول بكل فخر واعتزاز: انظروا، لقد تمكنا من تحقيق ذلك رغم كل ما حدث. دعونا نفعل ذلك مرة أخرى». ومع ذلك، شعر بيسبي بالتعب والإرهاق بعد قيادته لمانشستر يونايتد لمدة 24 عاما، لذا قرر في يناير (كانون الثاني) من عام 1969 أن يعتزل التدريب، وأعلن أنه سيترك الفريق بنهاية الموسم. لقد كان بيسبي يبلغ من العمر 60 عاما آنذاك، واختار أن يكون خليفته ماكغينيس الذي كان في الحادية والثلاثين من عمره، والذي تولى بالفعل قيادة مانشستر يونايتد في يوليو (تموز) 1969، يقول ماكغينيس عن ذلك: «لقد كنت فخورا للغاية بذلك. لقد انتابني شعور بالدهشة بعض الشيء، لكنني كنت فخورا للغاية».
لكن هل كانت هذه «مهمة مستحيلة» لماكغينيس لأنه تولى قيادة الفريق بعد أسطورة مثل بيسبي؟ يقول ماكغينيس: «لم أنظر إلى الأمر بهذه الطريقة. لقد كانت وظيفة رائعة وحياة رائعة». وقد أنهى مانشستر يونايتد الدوري الإنجليزي الممتاز في المركز الثامن في موسمه الكامل الوحيد مع الفريق؛ حيث أقيل ماكغينيس من منصبه في ديسمبر (كانون الأول) 1970 وعاد بيسبي لمنصبه لفترة وجيزة، لكن مانشستر يونايتد احتل المركز الثامن مرة أخرى في هذا الموسم.
يقول بول ماكغينيس لوالده: «لقد أشرفت على خمس مباريات في الدور نصف النهائي، بما في ذلك مباريات الإعادة، في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وكأس الاتحاد الإنجليزي. لم تكن محظوظا بعض الشيء، ولم تتمكن من تدعيم صفوف الفريق بالشكل الذي كنت تريده. لقد توليت قيادة فريق يعاني من ارتفاع معدل الأعمار، وكنت تريد التعاقد مع لاعبين أصغر في السن، مثل مالكولم ماكدونالد ومايك ميلز وكولين تود».
يبتسم والده ويقول: «لكن يجب ألا تنسى أنني كنت لا أزال أتعلم كمدير فني». فهل يشعر ماكغينيس بالتعاطف مع جميع المديرين الفنيين الذين تولوا قيادة مانشستر يونايتد بعد اعتزال السير أليكس فيرغسون؟ يبتسم ماكغينيس ويبدو مرتبكاً قليلاً. ثم يقول بول لوالده: «بعد كل هذه السنوات مع السير أليكس فيرغسون، كان من الصعب على أي شخص آخر أن يأتي، أليس كذلك يا أبي؟. أعتقد أنك شعرت بالأسف والتعاطف مع ديفيد مويس في ذلك الوقت».
لكن من المؤكد أنه من الصعب مشاهدة مانشستر يونايتد وهو يعاني في الوقت الحالي، بالمقارنة بما كان يقدمه النادي تحت قيادة بيسبي وفيرغسون. يقول ماكغينيس عن ذلك: «يتعين عليهم أن يجدوا الحافز الذي كان موجودا في عصرنا».


مقالات ذات صلة

رياضة عالمية روميلو لوكاكو يعود إلى صفوف منتخب بلجيكا (رويترز)

«دوري الأمم»: لوكاكو يعود لمنتخب بلجيكا على أمل التأهل

قال دومينيكو تيديسكو، مدرب بلجيكا، الجمعة، إنه استدعى هداف المنتخب روميلو لوكاكو لتشكيلته التي تضم 23 لاعباً.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
رياضة عالمية نوري شاهين مدرب بروسيا دورتموند (رويترز)

شاهين: الانتصارات المتتالية ستساعد دورتموند رغم الإصابات

قال نوري شاهين مدرب بروسيا دورتموند، إن انتصار فريقه في مباراتين متتاليتين خلال الأسبوع ساعد في رفع الروح المعنوية.

«الشرق الأوسط» (دورتموند)
رياضة عالمية سامو أوموروديون (يسار) تألق مع بورتو فانضم إلى تشكيلة إسبانيا (أ.ف.ب)

أوموروديون وكاسادو في تشكيلة إسبانيا لدوري الأمم

شهدت تشكيلة منتخب إسبانيا، الجمعة، استدعاء سامو أوموروديون قبل مباراتي الدنمارك وسويسرا في دوري الأمم الأوروبية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية البرتغالي نونو إسبيريتو سانتو المدير الفني لفريق نوتينغهام فورست (د.ب.أ)

«البريميرليغ»: نونو سانتو يفوز بجائزة مدرب الشهر

توّج البرتغالي نونو إسبيريتو سانتو، المدير الفني لفريق نوتينغهام فورست، بجائزة أفضل مدرب ببطولة الدوري الإنجليزي عن شهر أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)
TT

ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)

خفف تتويج المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية لمسابقة "الخماسي الحديث" للرجال، بجانب فضية اللاعبة سارة سمير في "رفع الأثقال" الضغط على البعثة الأولمبية المصرية في أولمبياد باريس بعد سلسلة من الاخفاقات المتتالية والتي عرضت البعثة إلى حالة من الهجوم العنيف من قبل الجمهور والنقاد المصريين.

حالة من "الارتياح النسبي" لدى البعثة المصرية الأولمبية وسط حالة من الهجوم وعدم الرضا عن النتائج التي حققتها، لاسيما أنها

احتفاء واسع في مصر بأحمد الجندي بعد فوزه بالميدالية الذهبية (أ.ب)

وفاز اللاعب المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية الوحيدة لمصر في "أولمبياد باريس" بمسابقة الخماسي الحديث للرجال، محطماً الرقم القياسي العالمي في المسابقة بعدما وصل إلى 1555 نقطة، فيما كان الرقم القديم 1482، فيما حققت المصرية سارة سمير الميدالية الفضية لبلادها في وزن 81 كيلوغراما في رفع الأثقال للسيدات.

وتداول مستخدمو مواقع "التواصل" صور البطلين، وسط موجة من الاحتفاء، والتأثر لاسيما بمقطع الفيديو الذي راج للاعبة المصرية سارة سمير وهي تبكي لعدم حصولها على الميدالية الذهبية، وسط دعم من البعثة المصرية وتهنئتها بـ"الفضية" بعد منافسة شرسة.

ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، رسالة تهنئة، للثلاثي أحمد الجندي وسارة سمير ومحمد السيد، بعد تحقيقهم لثلاث ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية.

وأعلنت وزارة الشباب والرياضة، الأحد، إطلاق اسم سارة سمير صاحبة الميدالية الفضية على مركز "شباب الهوانيا" في محافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، كما أعرب وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي عن سعادته بتحقيق أحمد الجندي للميدالية الذهبية في الخماسي الحديث، وقال صبحي في تصريحات إعلامية لقناة (بي إن سبورتس): " كنا ننتظر في باريس من ست إلى ثماني ميداليات، كان لدينا تقييم جيد لكل الألعاب ولم نضع كرة القدم أو كرة اليد في الحسابات ولكنها ظهرت بشكل جيد، وقمنا في الدورة السابقة بطوكيو بتحقيق ست ميداليات لوجود رياضة الكاراتيه التي نحن الأول على العالم في هذه الرياضة".

سارة سمير الفائزة بالميدالية الفضية (أ.ف.ب)

وواجهت البعثة المصرية الأكبر عربياً وأفريقياً بأولمبياد باريس انتقادات حادة لاسيما بعد خسارة منتخب كرة اليد المصري مباراته في ربع النهائي أمام إسبانيا بصورة مفاجئة، وهي الهزيمة التي تبعت خسائر جماعية أخرى في ألعاب مثل: الرماية والملاكمة والسلاح وتنس الطاولة والمصارعة والوثب العالي ورمي الرمح والسباحة التوقيعية والغطس، علاوة على عدم تحقيق لاعبين مصنفين دولياً في مراكز متقدمة أي ميدالية مثل زياد السيسي في لعبة سلاح الشيش، رغم التعويل عليه لتحقيق ميدالية لمصر إلا أنه أضاع فرصة الحصول على الميدالية البرونزية بعد تحقيقه المركز الرابع بعد خسارته أمام بطل إيطاليا، وكذلك لم ينجح كل من عزمي محيلبة في الرماية، وعبد اللطيف منيع في المصارعة الرومانية من إحراز ميداليات.

كما صدمت هزيمة منتخب مصر لكرة القدم أمام منتخب المغرب بنتيجة 6 أهداف مقابل لا شيء في المنافسة على الميدالية البرونزية الجمهور المصري.

منتخب مصر تعرض لهزيمة ثقيلة من المغرب (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

وحسب البرلماني المصري عمرو السنباطي، عضو لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، فإن تقدير أداء البعثة الأولمبية المصرية يجب أن يستند إلى الخطة أو التوقعات التي كانت تستهدفها بالأساس، ويتساءل في حديثه مع "الشرق الأوسط": "هل كان طموحنا الوصول إلى ثلاث ميداليات في الأولمبياد رغم أنها تعتبر أكبر بعثة مصرية؟ الأمر يحتاج إعادة النظر في الاستراتيجيات على المدى القصير والطويل، والتركيز على الرياضيات الأولمبية، فالكاراتيه ليس لعبة أولمبية بالأساس، وتم إدراجها في طوكيو بشكل استثنائي".

ويضيف: "أحمد الجندي وسارة سمير حققا فوزا أولمبياً مُقدرا، لكنهما قد لا يشاركان في الدورة الأولمبية المقبلة، ما يطرح سؤالاً عن تجهيز الصف الثاني والثالت في الألعاب الأولمبية، وتأهيل أجيال منافسة، وهذا كلام نكرره منذ دورة طوكيو الماضية، رغم مضاعفة الإنفاقات على هذا القطاع".

الجندي بطل الخماسي الحديث (أ.ف.ب)

ويعتبر الناقد الرياضي أيمن أبو عايد، أن النتائج التي حققها كل من أحمد الجندي وسارة سمير "حفظاً لماء وجه البعثة الأولمبية"، ويضيف لـ"الشرق الأوسط": "النتائج التي وصلنا إليها تأتي وسط شكاوى من اللاعبين من التقصير في الإعداد والتأهيل والتدريب الخاص وسط ظروف رياضية ضاغطة، وقد مهدت لنا تصريحات البعثة أننا بصدد تحقيق من ست إلى تسع ميداليات، ويبدو أن تلك كانت مبالغة وإسراف في القول، حتى لو لم يحالفنا الحظ في بعض المرات كما حدث مع لاعب المبارزة زياد السيسي بعد إخفاقه في الحصول على البرونزية".

سارة سمير (رويترز)

يضيف أبو عايد: "نتائج البعثة لا تتخطى ما وصلنا إليه من قبل، رغم الوعود مع كل دورة أولمبية بنتائج أفضل، وصار هذا خطاب نسمعه كل أربعة أعوام، حيث تظل تقارير لجان التحقيق في نتائج البعثة الأوليمبية حبيسة الأدراج، فمن غير المنطقي أن تحصل دولة عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة على 3 ميداليات فقط".

الجندي خفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية (رويترز)

وأعلن المهندس ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية بالتنسيق مع الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، الأحد، رفع قيمة مكافآت الفوز بالميداليات خلال أولمبياد باريس 2024 إلى 5 ملايين جنيه (الدولار يساوي 49.2 جنيه) للميدالية الذهبية، و4 ملايين جنيه للميدالية الفضية، و3 ملايين للبرونزية، بخلاف صرف مكافأة فورية لكل فائز ألف يورو وساعة يد قيمة.

وشاركت مصر بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس بـ149 لاعباً ولاعبة و16 لاعباً احتياطياً؛ 79 من الرجال و52 من السيدات، في 24 لعبة أوليمبية، منها 4 ألعاب جماعية، وهي كرة القدم، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والكرة الطائرة الشاطئية سيدات.