«داعش» يتقدم في الأنبار ويفرض سيطرته الكاملة على هيت

شيخ الجبور لـ {الشرق الأوسط} : لن يدخل التنظيم المتطرف الضلوعية إلا على جثثنا

عنصر أمن يفتش مدنيا عند نقطة تفتيش في الرمادي أول من أمس (رويترز)
عنصر أمن يفتش مدنيا عند نقطة تفتيش في الرمادي أول من أمس (رويترز)
TT

«داعش» يتقدم في الأنبار ويفرض سيطرته الكاملة على هيت

عنصر أمن يفتش مدنيا عند نقطة تفتيش في الرمادي أول من أمس (رويترز)
عنصر أمن يفتش مدنيا عند نقطة تفتيش في الرمادي أول من أمس (رويترز)

بينما يتراجع تنظيم داعش في الضلوعية في محافظة صلاح الدين إلى الشمال من بغداد فإنه لا يزال يسجل تقدما في محافظة الأنبار الغربية بعد أن تقدم باتجاه معسكر تدريب هيت.
وطبقا لمصدر أمني فإن «داعش» تمكن من السيطرة على معسكر هيت (150 كلم غرب بغداد) بعد انسحاب تكتيكي للجيش العراقي الموجود في المعسكر باتجاه ناحية البغدادي التي تقع فيها قاعدة «عين الأسد» الجوية. لكن الشيخ أركان الكعود أحد شيوخ قضاء هيت أبلغ «الشرق الأوسط» أن «عملية سقوط المعسكر جرت على إثر اشتباكات بين القوات الأمنية و(داعش) وجرى خلالها تبادل شتى أنواع القصف بين الطرفين إلى الحد الذي طالبت فيه جوامع القضاء الأهالي بالاستمرار في فتح النوافذ في المنازل حتى لا تتأثر من العصف جراء القصف بقذائف وقصف الطائرات على الرغم من أن القصف كان قليلا بعكس ما كان متوقعا».
بدوره، قال أحمد حميد، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قرار الانسحاب للقوة التي يبلغ عددها أكثر من 300 جندي، اتخذ بالتنسيق بين القادة العسكريين والمسؤولين في المحافظة»، مؤكدا أن «الانسحاب ليس بسبب تعرضها لهجوم».
وأضاف أن «قضاء هيت أصبح 100 في المائة تحت سيطرة (داعش)».
بدورها، نقلت وكالة رويترز عن ضابط في الجيش العراقي و3 أعضاء في ميليشيا سنية تدعمها الحكومة أن مقاتلي «داعش» اقتحموا معسكر تدريب هيت في وقت سابق أمس وأنهم استولوا على 3 عربات مدرعة و5 دبابات على الأقل ثم أضرموا النار في المعسكر.
وكان مصدر أمني رفيع في مجلس محافظة الأنبار أعلن أمس أن القوات الأمنية نقلت المعتقلين من سجني الرمادي والخالدية إلى العاصمة بغداد، عازيا السبب إلى وجود «مخاوف من سقوط مدينة الرمادي بيد تنظيم (داعش)». وكان مجلس محافظة الأنبار تقدم بطلب رسمي إلى البرلمان العراقي للموافقة على دخول قوات برية أميركية إلى مدينة الرمادي بسبب عدم قدرة القوات العسكرية العراقية على مواجهة مسلحي تنظيم «داعش».
من جهتها، قالت الأمم المتحدة أمس إن نحو 180 ألف شخص نزحوا بسبب القتال الدائر داخل وحول مدينة هيت. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان أوردته وكالة رويترز إنه نتيجة للقتال والضربات الجوية التي شنتها القوات العراقية والتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة فر نحو 30 ألف أسرة أو 180 ألف شخص من هيت الواقعة على بعد 20 كيلومترا غربي الرمادي.
وحول الوضع الأمني في محافظة صلاح الدين التي مركزها تكريت، أكد شيخ عشائر الجبور في المحافظة، خميس آل جبارة، أن «محاولات تنظيم (داعش) للدخول إلى قضاء الضلوعية لا سيما المناطق التي تسيطر عليها قبيلة الجبور باءت كلها بالفشل بسبب صمود أهالي المنطقة». وقال الشيخ آل جبارة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم (داعش) عمل طوال الفترة الماضية كل ما من شأنه تسهيل دخوله إلى القضاء بما في ذلك استخدام أسلحة الهاون والقاذفات والمفخخات والانتحاريين، لكنه لم يتمكن من اختراق الضلوعية من جهة عشيرة الجبور»، مبينا في الوقت نفسه أن «هناك مناطق لقبائل أخرى هي بيد (داعش) وهي مناطق تابعة للضلوعية من جهة سامراء وناحية المعتصم وخاصة مناطق عشائر البوفراج والبوجواري والخزرج».
وتابع «بسبب صمود عشيرة الجبور لم يتمكن (داعش) ولن يتمكن من دخول القضاء إلا على جثثنا». وحول أسباب عدم قدرة داعش على دخول الضلوعية بينما تمكن من التمدد في مناطق أخرى قال آل جبارة إن «المسألة المهمة هي إننا في المنطقة كلمتنا واحدة وهو أمر جعل الكثير من الجهات تقف إلى جانبنا وفي المقدمة منها الحكومة وأستطيع القول إن من وقف إلى جانبنا وأمدنا بالمساعدات رئيس البرلمان سليم الجبوري والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي وأفراد الحشد الشعبي والمتطوعون من مناطق ومحافظات أخرى وكنا وما زلنا يدا واحدة في مواجهة (داعش)».
وكان مدير شرطة الضلوعية العميد قنديل خليل أعلن أمس أن «تنظيم (داعش) انهار في مناطق شرق الضلوعية بعد تلقيه ضربات قوية ومواجهات على الأرض كبدته خسائر جسيمة»، مبينا أن «وجود قوات عمليات دجلة قرب نهر العظيم، والصمود الذي تبديه العشائر والقوات المساندة لها في القضاء جعل (داعش) يبحث عن ملاذ». وكشف خليل عن تلقيه اتصالات «عبر وسيط من عدد من مسلحي داعش يطلبون الصفح عنهم مقابل معلومات عن التنظيم وتحركاته وترك السلاح»، مشيرا إلى أن «العمل متواصل مع هؤلاء وسيجري التعامل معهم على أنهم من المغرر بهم، بعد إثبات حسن النية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».