سبايا «داعش».. غنائم أبو بكر البغدادي ورفاقه في العراق

في تحقيق تنشره الشقيقة «المجلة».. سعر الجارية في أسواق «داعش» يبدأ من 10 دولارات

لاجئة بالقرب من نهر دجلة (أ.ف.ب)
لاجئة بالقرب من نهر دجلة (أ.ف.ب)
TT

سبايا «داعش».. غنائم أبو بكر البغدادي ورفاقه في العراق

لاجئة بالقرب من نهر دجلة (أ.ف.ب)
لاجئة بالقرب من نهر دجلة (أ.ف.ب)

أن تتحدى مصيرا محتوما ليس بالأمر السهل، وأن تعلن في قرارة نفسك أنك لن تستسلم وأن هناك حظا في أن تغير الأحداث، وفي أن تعلن عدم رغبتك في الاستسلام لما فرض عليك، مع الإصرار على أن تستمر في الحياة، رغم هول الفاجعة بهذه الكلمات اختصرن تجربتهن.. هن سبايا، ولكن عائدات إلى الحياة.
وفيما يلي تحقيق ميداني نشر في عدد الشهر الحالي من الشقيقة «المجلة». بشأن سبي وبيع تنظيم «داعش» للنساء في العراق.
عمشة (19 عاما) أم لطفل لم يكمل عامه الثاني بعد، وجنين في رحمها ما زال أمامه 4 أشهر ليرى النور، وهو يتيم الأب الذي ذبح على أيدي تنظيم «داعش»، وأم أجبرت على خوض تجربة مريرة تحت عنوان «السبايا».
تتحدث عمشة التي نجحت في الفرار من رجل مسن من أهالي الموصل، (كان ينوي اصطحابها معه إلى سوريا لبيعها هناك) قالت: «نحن كنا من بين الذين فشلوا في الهروب إلى جبل سنجار، والذي فر إليه مئات الآلاف من الإيزيديين بعد مهاجمة (داعش) مناطقنا»، مضيفة: أنني «شاهدت بأم عيني كيف كان يذبح الرجال والعجزة من الرجال والنساء، وحتى الأطفال ممن تجاوزا الـ10 أعوام». وبحسرة تتابع: «ومن بين من ذبح زوجي وعائلته، وجرى اقتيادنا نحن النساء في سيارة (بيك أب) إلى قاعة كبيرة في مدينة موصل».

وتستأنف سردها بأن «عددنا كان كبيرا، يزيد على الألفين، جميعنا كنا من الإيزيديات اللاتي جرى اختطافهن»، نافية «وجود أي من المسيحيات أو التركمانيات في القاعة»، مضيفة: «كانت تجربة مريرة، لقد رأيت بأم عيني كيف أن الفتيات الإيزيديات كان يجري بيعهن فقط بـ10000 أو 15000 دينار عراقي، أي ما يعادل 10 دولارات أميركية، لليلة الواحدة، وهكذا تباع لأكثر من مرة، وعلى مرات متتالية يجري اغتصابهن، وفي بعض الأحيان كان هناك أنصار من التنظيم من مختلف الجنسيات يقصدون المكان الذي احتجزن فيه، حيث إنهم كانوا يشترون الإيزيديات بـ10000 أو 15000 دينار عراقي ثم يجري بيعهن في سوريا وبلدان أخرى بـ200 دولار»، مؤكدة أنه كان يجري إجبارهن على اعتناق الإسلام ليجري تزويجهن بعناصر من التنظيم فيما بعد، ومن يمتنعن يجري تهديدهن بذبح أطفالهن أو ذبحهن، وفي كثير من الأحيان كان يطلب من بعضهن الحديث لعائلاتهن وسرد ما يتعرضن له من اغتصاب وعنف.
كانت عمشة إحدى الضحايا التي اختطفت مع مئات الإيزيديات الأخريات بعد هجوم «داعش» في 3 من الشهر الماضي ناحية القحطانية أو ما يعرف بـ«بمجمع القحطانية» الذي يقطنه أبناء الطائفة الإيزيدية بالقرب من ناحية سنجار (محافظة نينوى) بشمال العراق، والتي لها تجارب مريرة مع المتطرفين، ففي 14 أغسطس (آب) 2007 شهدت هجوما عد آنذاك الأكثر دموية خلال سلسلة بصهريج وقود و3 شاحنات محملة بمواد تفجيرية وقنابل، والعقل المدبر للتفجيرات كان المدعو أبو محمد العفري من أهالي تلعفر، على بعد عدة كيلومترات كانت دنيا من قرية كوجو التي تبعد 15 كم عن سنجار تلاقي نفس المصير، فقد حاصر التنظيم القرية وأمهلوا أهلها بضع سويعات لإعلان إسلامهم وفيما بعد أخبروهم بأنه صدر عفو عن أهالي القرية. دنيا 22 عاما كانت وأخواتها الـ4 سبايا لدى «داعش» ووصلت فقط قبل يومين إلى ذويها بعد هروبها وإخوتها الـ4. تقول دنيا: «لقد جرى جمع الأهالي في مدرسة القرية وفصل الرجال عن النساء، فيما بعد سمعنا أصوات طلقات وحتى الآن لا نعرف ماذا حصل لهم، وبقيت النساء فقط داخل المدرسة وطلبوا منا وضع الهواتف والحلي والذهب وما نحمله من النقود وإلا سوف يجري ذبح من تخبئ أي شيء مما ذكرته».
وتتابع: «لقد أخذونا إلى معهد تلعفر، وهناك طلبوا أن تنفصل الأبكار عن النساء المتزوجات، إلا أننا لم نقبل وأمي رفضت بشدة فصلنا عنها، وعندما حاول أحدهم التحرش بأختي ونزع غطاء رأسها قام بذبح أمي وأخي أمام أعيننا». تضيف وهي تجهش بالبكاء: «أخذونا بسيارات (بيك أب) إلى بيت في موصل. كنا نحو 500 إيزيدية، كان أعضاء التنظيم يطلبون منا الوقوف ليجري اختيار من سيجري تزويجها ولدى اعتراض أي واحدة يجري الاعتداء عليها بالضرب، حيث كانت تؤخذ الفتيات خاصة الأبكار على دفعات ولم نعرف أين كانت وجهتهم»، مستأنفة: «ولكن أحيانا كانت تعود فتيات كن قد اغتصبن من قبل أعضاء التنظيم، وإحداهن كانت قاصرا، أي 15 عاما، وقد جرى اغتصابها من قبل 4 داعشيين، وما زلت أتذكر آثار الضرب بالسلاح على جسدها»، مضيفة: «كانت صغيرة لا تعرف أصلا ماذا يعني الزواج، حتى إنها كانت غير قادرة على وصف ما جرى لها هناك، حيث كان يجري اغتصاب الفتيات». وتكشف عن أن غالبية أعضاء التنظيم الذين اختطفوا الإيزيديات وهاجموا قريتها كانوا عراقيين، وكلهم «عافرة»، أي تلعفر.

* مساع مستعصية
* وفي الوقت الذي تتمنى فيه الكثيرات من أبناء جلدة عمشة ودنيا، نهاية تشبه نهاية تجربتهما المريرة مع السبي، فقد تواردت أنباء حول شراء شيوخ عشائر في قضاء الحويجة 55 كلم غرب مدينة كركوك، نساء إيزيديات جرى جلبهن من محافظة نينوى، وإن مفاوضات مع تنظيم «داعش» في القضاء، تجري لإطلاق سراحهن.
والحديث عن أن مئات النساء الإيزيديات جرى جلبهن إلى الحويجة، المدينة ذات الغالبية العربية السنية، والتي يفرض تنظيم داعش سيطرته عليها، منذ أكثر من 3 أشهر ويحكم قبضته على مركز القضاء و5 نواح أخرى هي الزاب الأسفل والعباسي والرياض والرشاد والملتقى.
ويكشف مصدر فضل عدم ذكر اسمه أن عددا من شيوخ العشائر وغيرهم قاموا بشرائهن، بـ800 دولار، وأن أبناء أحد الشيوخ قد اشترى بـ3 منهن الإيزيديات»، مضيفا أن «المفاوضات عصية ولم يجر التوصل إلى إطلاق سراح النساء وأنه لم يستطع التوصل إلى جهة تعلن استعدادها للتعاون بشكل فعلي من العشائر حول هذا الأمر، وأن عدد النساء الإيزيديات اللاتي جرى جلبهن إلى مناطق جنوب غربي كركوك يتراوح بين 500 و600 امرأة».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن أن تنظيم «داعش»، «وزع على عناصره في سوريا، خلال الأيام والأسابيع الماضية نحو 300 فتاة وسيدة من أتباع الديانة الإيزيدية، ممن اختطفن في العراق قبل عدة أسابيع، وذلك على أساس أنهن سبايا من غنائم الحرب»
وأكد المرصد قيام «عناصر التنظيم ببيع تلك المختطفات لعناصر آخرين من التنظيم بمبلغ مالي قدره ألف دولار أميركي للأنثى الواحدة، بعد أن قيل إنهن دخلن الإسلام».
وفي حالة مماثلة وبهدف إنقاذ ضحايا النساء من الإيزيديات في سوريا فقد حاول بعض وجهاء العرب والكرد دفع الأموال من خلال وسطاء لعناصر تنظيم داعش بحجة أنهم يريدون الزواج من الإناث الإيزيديات المختطفات، وذلك ضمن عملية التفاف من أجل تحريرهن وإعادتهن إلى ذويهن، ولكن المحاولة لم تظهر نتائجها حتى الآن.
من جهتها، طالبت بخشان زنكنة، الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون المرأة في إقليم كردستان، الجهات الدولية والعربية والإسلامية بأن تلعب دورها من أجل إنقاذ هؤلاء الفتيات، عادة أن «تحرير المختطفات وإنقاذهن والمحافظة على حياتهن وكرامتهن واجب إنساني».
وتحث زنكنة في حديثها لنا على «ضرورة احتضانهن والاهتمام بهن من أجل تجاوز هذه النكسة التي تعرضن لها، وأن هناك خططا لمساعدتهن على تجاوز هذه المحنة والأهوال التي تفوق قدرة تحمل البشر»، مشيرة إلى «الدور الإيجابي الذي لعبته المرجعية الدينية والشيوخ الإيزيديون في هذا المجال»، كاشفة عن بيان صدر من شيخ الديانة الإيزيدية يوصي بحسن معاملة النسوة الإيزيديات ضحايا الممارسات الإجرامية لـ«داعش».
وتنتقد زنكنة صمت المنظمات النسوية العربية إزاء سبي النساء الإيزيديات من قبل مسلحي «داعش»، التي عدتها جرائم حرب، مضيفة أن «على المجلس الأعلى لشؤون المرأة بتحديد أولياته، لإغاثة المناطق المنكوبة، العمل مع الجهات المختصة في الإقليم لمعرفة مصير المفقودين وتحرير الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة، والضغط على المجتمع الدولي لاستصدار قرار خاص بالممارسات الوحشية التي قام بها الإرهابيون بحق الأطفال والنساء، وإعلان حملة وطنية لجمع المساعدات الإنسانية للنازحين، وخصوصا المتعلقة باحتياجات النساء والأطفال».
وتؤكد زنكنة أن «اللاتي جرى اختطافهن من قبل الجماعات الإرهابية هن ضحايا حرب، وعلى المجتمع التعامل معهن بكل احترام والعمل على معالجة الأضرار النفسية التي ألحقت بهن».

* حكم جبري
* خالد دخيل سيدو حمو باشا، زعيم قبيلة الفقراء الإيزيديين وأحد شيوخ الديانة الإيزيدية، كشف لنا عن قصص مروعة للنازحين من أبناء الطائفة الإيزيدية الذين فروا من ملاحقة مسلحي «داعش» ووصلوا إلى دهوك، ومنهم فتيات إيزيديات ألقين بأنفسهن من فوق جبل سنجار تجنبا لاختطافهن على أيدي الجهاديين وأخذهن سبايا وأبناء تركوا أمهاتهم في مغارات الجبل لعدم قدرتهن على مواصلة رحلة النزوح إلى مكان آمن. في حين روى صحافي أنه شاهد الكلاب تتغذى على جثث الموتى.
ويؤكد دخيل أن الشيوخ الإيزيديين أصدروا بيانات بمعاملة الفتيات الفارات من «داعش» بكل احترام، وأن ما تعرضن له هو حكم جبري، وأن هؤلاء الفتيات لسن من اخترن خوض هذه المحنة أو أنهن بإرادتهن غيرن دينهن وعقيدتهن.
ونفى وجود أي مفاوضات مع أمراء «داعش» لتحرير الإيزيديات قائلا، إن «دورنا يقتصر على علاقاتنا الشخصية مع بعض من رؤساء العشائر العربية، ولكن ليس لدينا أي علاقة مع أمرائهم وليس هناك سبيل للتدخل».
ويكشف عن «وجود تشكيلات عسكرية من أبناء الإيزيديين في سبيل استعادة مناطقهم وحمايتها»، مؤكدا أن هناك «قوة تتشكل حاليا من قبل الإقليم من أبناء الإيزيديين، وتوجد قوة من وحدات الحماية الشعبية الـ«ypG» من الإيزيديين تتولى حماية مناطقنا التي جرى تحريرها إلى أن يجري تحرير سنجار عندها سنطالب بتشكيل قوة رسمية من الإقليم تتكون من أهالي المنطقة.
وينتقد دخيل الحكومة العراقية المركزية وقدرتها على حمية أبناء العراق، مؤكدا أن عدد الإيزيديات يتجاوز 4000 امرأة، إضافة إلى أعداد كبيرة يعتبرن مفقودات.

* العودة إلى الحياة
* مراد علي، أخو عمشة يقول: «في الثانية والنصف بعد منتصف الليل هجم (داعش) على ناحية القحطانية، واستمرت مقاومتنا 4 ساعات، في السادسة صباحا. فر غالبية سكان المجمع إلى جبل سنجار، وكل من كان لديهم عربات نقل استطاعوا الهروب في حال لم يحالفهم الحظ ولم تصادفهم عناصر (داعش) التي كانت تتقدم من الغرب من جبل سنجار من الحدود السورية العراقية باتجاه هذه المجمعات، أما كل من لم تكن لديهم حافلات جرى أسرهم، وعمشة كانت ضمن من حاصرهم (داعش) ومنعت فرارهم إلى جبل سنجار».
ويتابع قائلا: «لقد استطاعت أختي الهرب من الرجل الذي اشتراها، وهو من أهالي موصل، وكان ينوي بيعها في سوريا، إلا أنها استطاعت الهرب منهم، فعلت المستحيل لتنقذ ابنها ورغم خوفها استطاعت الهرب وسارت الليل وحيدة في شوارع الموصل وهي تبحث عن أحد ينقذها، إلى أن لجأت إلى إحدى العائلات التي منحتني فرصة اللقاء بها مجددا بعد إنقاذها ومساعدتها في الوصول إلى منطقة (برده رش) بين شيخان أربيل وبمجرد لقائي بها شعرت أنني ولدت من جديد».
من جهته، بكى أبو تركي خال الضحية دنيا، إلا أنه ممتن إلى الله لاستطاعة دنيا الهروب مع أخواتها والعودة إلى عائلتها التي لم يبق منهم ألا أبو تركي.
ويقول: «يكفيني أنني الآن مع بنات أختي، فلم يتبق أحد من أفراد عائلتنا ارتكبت مجازر بحقنا. معاناتنا مستمرة، ليس لدينا كسرة خبز، لكن نشكر الله على عودة دنيا وأخواتنا وأفتخر بدنيا التي لم تيأس». ويتابع أبو تركي قائلا: «لطالما كانت دنيا ذكية، فقد أوهمتهم بأنها متزوجة وأختها رغم أنهم لم يصدقوا وهددوها بأنهم سيجرون فحصا لأختها، إلا أنها أصرت على أنها مستعدة لمرافقة أختها وإجراء فحص اختبار الحمل»، مضيفا: «فقد ماطلت في موضوع زواجها من اليد اليمنى للبغدادي متحججة بأنها لا يمكن أن تقبل الزواج، ولن تتزوج إلا بعد مرور 40 يوما على وفاة أمها، وهكذا جرى بيعها وأخواتها إلى رجل من التنظيم، وجرى حجزهن في منزل، إلا أن الرجل على ما يبدو كان من المقاتلين لا يأتي إلا متأخرا في الليل، ولم يمر أسبوع إلا واستطاعت دنيا الهرب، وطلبت المساعدة من سائق تاكسي أوصلها إلى خارج المدينة، وهناك لجأت هي وأخواتها إلى رجل فقير معدم الحال، إلا أنه لم يمانع في مساعدتهن والتواصل معنا في سبيل تسليمهن إلينا، وبالفعل فقط ليلة أول من أمس جرى تسليمهن لنا في كركوك».
ويذكر أنه في الثالث من أغسطس الماضي بسط تنظيم «داعش» سيطرته على مناطق واسعة في محافظة نينوى ومن ضمنها قضاء سنجار 124 كلم غرب الموصل، والذي تقطنه أغلبية من الإيزيديين، الأمر الذي تسبب بعملية نزوح غير مسبوقة بينهم، فضلا عن قتل وخطف وسبي ما يزيد على 3000 من النساء الإيزيديات. والإيزيديون هم مجموعة دينية يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق، ويقدر عددهم بنحو 600 ألف نسمة، وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا وإيران وجورجيا وأرمينيا. وبحسب باحثين، تعد الديانة الإيزيدية من الديانات الكردية القديمة، وتتلى جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.