سخط في الجزائر حول مبادرة نائب فرنسي تدين «قمع الحراك»

أضحت قضية أساسية في حملات المترشحين الخمسة لانتخابات الرئاسة

أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الجزائرية عبد العزيز بلعيد مع أنصاره في بومرداس أمس (أ.ف.ب)
أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الجزائرية عبد العزيز بلعيد مع أنصاره في بومرداس أمس (أ.ف.ب)
TT

سخط في الجزائر حول مبادرة نائب فرنسي تدين «قمع الحراك»

أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الجزائرية عبد العزيز بلعيد مع أنصاره في بومرداس أمس (أ.ف.ب)
أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الجزائرية عبد العزيز بلعيد مع أنصاره في بومرداس أمس (أ.ف.ب)

يبحث برلمانيون جزائريون تنظيم نقاش سياسي حول احتجاج «السترات الصفراء» في فرنسا، كردٍ على مبادرة أطلقها نائب فرنسي في البرلمان الأوروبي تدعو إلى إصدار قرار يدين «القمع» الذي يتعرض له الحراك الشعبي على يدي السلطات الجزائرية. وأضحى هذا الموضوع قضية أساسية، في حملة المترشحين الخمسة لانتخابات الرئاسة المقررة في 12 من الشهر المقبل.
وأطلق نواب من الأغلبية، المحسوبة على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، مسعى مناقشة أزمة «السترات الصفراء»، بشكل رمزي، وذلك بدعم غير ظاهر من الحكومة، التي تابعت باستياء إعلان برلماني الحزب الاشتراكي الفرنسي، رافائيل غلوكسمان، الخميس الماضي، في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، عن «فتح نقاش وإصدار لائحة مستعجلة بالبرلمان الأوروبي حول الأزمة الجزائرية الأسبوع المقبل».
وذكر النائب أنه «يريد أن يُعلم أصدقاءه الجزائريين بأنني أعتزم فتح نقاش حول الجزائر ينتهي بتبني لائحة مستعجلة». وأضاف أنه «سيحارب حتى تكون اللائحة في مستوى الثورة الجزائرية التي أتمنى لها النجاح»، في إشارة إلى المظاهرات الشعبية الجارية في الجزائر منذ 9 أشهر، التي تعرض فيها المئات للاعتقال والإدانة بالسجن. وانتقد غلوكسمان «صمت الاتحاد الأوروبي حيال القمع الجاري في الجزائر»، مشيراً إلى أنه حاول ضم برلمانيين أوروبيين إلى مسعاه، لكنه فشل.
وهاجم المترشحون الخمسة لانتخابات الرئاسة، في تجمعاتهم أثناء الحملة الانتخابية، ما اعتبره «تدخلاً سافراً في شأن جزائري داخلي». وقال عز الدين ميهوبي مرشح حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، إن «بعض الفرنسيين لم يستوعبوا بعد أن زمن الوصاية انتهى، وأن الجزائر بلد مستقل». وذكر حزب «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية)، في بيان، أمس، أن التحضير للائحة بالبرلمان الأوروبي «استفزاز خطير وتدخل في الشؤون الداخلية لبلد صاحب سيادة». ودان «موقفاً عدائياً يعكس عدم احترام سيادة الجزائر وحرية شعبها، وقدرة مؤسساتها الدستورية على تجاوز الوضع الحالي». وأضاف أن «ما تعيشه الجزائر يهم بالدرجة الأولى والأخيرة الشعب الجزائري، والجزائر تملك الإمكانات لتجاوز الوضع الحالي، والمضي إلى مرحلة جديدة تستجيب لتطلعات الشعب ومطالبه المشروعة التي عبر عنها في مظاهراته التي رافقها الجيش».
من جهته، استنكر بوزيد لزهاري رئيس «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، الموالي للحكومة، أمس، «التشويش على الجزائر في ظرف حساس تمر به، خصوصاً أنها في المنعرج الأخير من انتخابات الرئاسة». وقال إنه «يستغرب الطابع الاستعجالي لتنظيم نقاش بالبرلمان الأوروبي يخص الجزائر». وأضاف: «كنا ننتظر منح الشعب الجزائري جائزة نوبل للسلم والتحضر»، في إشارة إلى الطابع السلمي الذي يتميز به الحراك. وقال إن «بلداناً أخرى تشهد انتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن لا أحد اهتم لذلك (...) لدي شك في هذه العملية (التحضير للائحة)، ومن حركها أشخاص محل شبهة، ينتمون لمنظمة غايتها التشويش على الجزائر».
وتابع لزهاري، الذي ينتمي سياسياً إلى جبهة التحرير: «في الجزائر لا توجد جرائم رأي، ولا أحد يعاقب بسبب التعبير عن رأيه، والأشخاص الذين تم توقيفهم خلال المظاهرات تم إطلاق سراح الكثير منهم بعد مثلوهم أمام العدالة». يشار إلى أن العشرات من معتقلي الحراك أدانهم القضاء بالسجن بتهمة «المس بالوحدة الوطنية». ويوجد عدد كبير من الناشطين السياسيين رهن الحبس الاحتياطي، بسبب تصريحاتهم للإعلام التي اعتبرتها السلطات «مسيئة للجيش وقائده»، الفريق أحمد قايد صالح.
وانتقد لزهاري المظاهرات التي تجري في الليل، في سياق الرفض الشعبي للانتخابات، قائلاً إنها «تشكل ضغطاً كبيراً على عناصر الأمن الساهرين على حفظ النظام العام»، وأكد أنه «يدعم الحق في تنظيم المظاهرات، لكن يجب أن تتم في إطار احترام ما ينص عليه القانون».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.