تساؤلات عن سبب تأخر عون بالدعوة للمشاورات الحكومية

«القوات» أبلغت الرئيس رفضها دخول التشكيل الجديد

TT

تساؤلات عن سبب تأخر عون بالدعوة للمشاورات الحكومية

أثار تريث الرئيس اللبناني ميشال عون في الدعوة إلى المشاورات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، تساؤلات عن رهاناته، خصوصاً في ظل تفاقم الوضع الميداني مع هجوم أنصار «الثنائي الشيعي» على متظاهرين في بيروت أول من أمس.
واستغرب مرجع حكومي سابق تأخر عون، متسائلاً: «على ماذا يراهن رئيس الجمهورية في إصراره على التريث بدعوة الكتل النيابية للمشاركة في الاستشارات المُلزمة؟ وهل يتحمل التداعيات الأمنية والسياسية المترتّبة على إقحام البلد في حرب شوارع كما حصل في هجوم محازبي الثنائي الشيعي على المتظاهرين أمام جسر الرينغ؟ وماذا سيقول للبنانيين عن الفلتان الأمني المفتوح على احتمالات ارتفاع منسوب الاحتقان الطائفي والمذهبي في ظل انسداد الأفق في وجه إخراج البلد من التأزّم الحكومي الذي بلغ ذروته؟».
وقال المرجع الحكومي السابق الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «لا مصلحة لرئيس الجمهورية في لجوء طرف سياسي من لون واحد إلى استخدام فائض القوة ضد الحراك الشعبي»، معتبراً أن «ما حصل (ليل أول من أمس) يشكل إحراجاً له قبل سواه من القوى السياسية التي قالت كلمتها في شأن المخرج المطروح لتشكيل الحكومة الجديدة في مقابل من يحاول فرض الحلول على الآخرين».
ودعا الرئيس إلى «الإفراج» عن الاستشارات المُلزمة «لعلها تكون المعبر الوحيد لوقف الفلتان الأمني، خصوصاً أن نقل الخلاف إلى الشارع ستترتب عليه مضاعفات جسيمة تدفع باتجاه انهيار البلد على المستويات كافة». وقال: «أنا لا أفهم لماذا الإصرار على ربط التكليف بعملية تأليف الحكومة، وصولاً إلى إيهام اللبنانيين بأن الكرة لا تزال في مرمى رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري بذريعة أنه لا يزال يتردد ولم يحسم أمره مع أنه كان أول من بادر فور استقالته إلى تحديد مواصفات الحكومة الجديدة انطلاقاً من تقديره بأن تشكيلها من اختصاصيين هو المدخل للالتفات إلى الأزمة المالية والاقتصادية وتوفير الحلول المرحلية لها».
ولفت المرجع الحكومي السابق إلى أن «البلد لا يحتمل المزيد من استدراج العروض بحثاً عمن يتولى تشكيل الحكومة العتيدة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التيار الوطني الحر هو من يقوم بتسريب أسماء المرشحين الواحد تلو الآخر ثم يبادر إلى حرقها، وإلا ما هي الدوافع التي أملت على الوزير جبران باسيل التصرف وكأنه الآمر الناهي في تحديد مواصفات رئيس الحكومة تكليفاً وتشكيلاً، وبالتالي يحرج رئيس الجمهورية ويقدّم نفسه على أنه هو من ينوب عنه؟».
واعتبر أن «المواقف من تسمية الرئيس المكلف باتت واضحة، وهذا لا يبرر الاستمرار في ترحيل الاستشارات المُلزمة في الوقت الذي ينهار فيه البلد»، لافتاً إلى أن «التذرّع بالتريث لا يُصرف سياسياً في مكان، خصوصاً أن رئيس الجمهورية وحلفاءه يشكّلون الغالبية في البرلمان، وهذا ما يسمح لهؤلاء بالتوافق على اسم معين يكلّف بتشكيل الحكومة التي تتمتع بثقة نيابية لا غبار عليها».
وأكد، أن الحريري «ليس في وارد تشكيل حكومة من غير الاختصاصيين». وقال إن «لا مجال لتعديل موقفه حتى لو بادرت الكتل النيابية إلى حشره بتسميته لتشكيل الحكومة». ورأى أن «التذرّع بعدم مبادرة الحريري إلى حسم موقفه ما هو إلا محاولة للهرب إلى الأمام مع أنه لم يعد من مجال لكسب الوقت، واتهامه بأنه لا يريد غيره على رأس الحكومة ليس في محله؛ لأنه ليس من الذين يحصرون الرئاسة بأشخاصهم». واتهم «التيار الوطني» بـ«امتهان سياسة التعطيل»، مشيراً إلى أنه «يبرر التأخّر في الدعوة إلى الاستشارات النيابية بعدم وجود نص في الدستور يُلزم رئيس الجمهورية القيام بها فور استقالة الحكومة، لكنه يغيب عن باله تعطيله لانتخابات رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وغيابه عن جلسات الانتخاب ما لم يُنتخب العماد عون رئيساً للجمهورية مع أن الدستور ينص على أن البرلمان يبقى في حالة انعقاد دائمة إلى حين انتخاب الرئيس».
وكشف عن أن «التيار الوطني» يميل إلى تشكيل «حكومة مواجهة من لون واحد كأمر واقع، لكنه يصطدم بمعارضة الثنائي الشيعي، وإن كان الأخير يتفق مع رئيس الجمهورية وتياره السياسي على أن تشكّل الحكومة من سياسيين وتكنوقراط». ورأى أن «الأكثرية النيابية في حاجة إلى غطاء سياسي لا يوفّره إلا الحريري أو من يسميه لرئاسة الحكومة».
في هذا السياق، سأل عما إذا كان «حزب الله» على استعداد للقبول بإعفاء باسيل من التركيبة الوزارية. وقال إنه «يصر على تعويمه مباشرة أو عبر حصة وزارية لئلا تتراجع حظوظه التي تمكّنه من المنافسة على رئاسة الجمهورية، رغم أنه لم يعد كما كان في السابق، بعد أن تمكن الحراك الشعبي من استهدافه بضربات سياسية أدت إلى فقدانه الكثير من أوراقه السياسية الضاغطة».
واعتبر المرجع الحكومي السابق، أن التذرّع لتبرير تأجيل الاستشارات بوجود تحرك دولي داعم لتشكيل الحكومة بلا شروط «في غير محله». وقال إن «لا توافق دولياً يتعلق بالأزمة الراهنة، وهناك ضرورة لإعادة تعويم مقررات مؤتمر سيدر، وهو ما يمكن أن يسهم به وجود الحريري على رأس الحكومة، وإن كان في حاجة إلى بذل جهد استثنائي لدى الأطراف المشاركة في المؤتمر، فكيف سيكون الحال إذا أوتي برئيس ينتمي إلى محور الممانعة، خصوصاً أن الأخير لا يلقى تجاوباً من الحريري الذي يرفض أن يكون مظلة لحكومة الآخرين».
وفي هذا السياق أيضاً، فإن «الحزب التقدمي الاشتراكي» باقٍ على موقفه بعدم المشاركة في الحكومة من جهة وإصراره على تشكيل حكومة تكنوقراط من اختصاصيين، وكذلك الحال بالنسبة لحزب «القوات اللبنانية».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وزارية، أن موقف «القوات» من الحكومة الجديدة أُثير في اجتماع عقده الوزير السابق ملحم رياشي وإيلي براغيد، مدير مكتب رئيس «القوات» سمير جعجع، مع عون بناءً على طلبه، لكن الاجتماع لم يبدّل من موقف «القوات». وكشفت المصادر، عن أن عون تبلغ من موفدي جعجع بعدم وجود رغبة لدى «القوات» للاشتراك في الحكومة، وأن الحزب يفضّل المجيء بحكومة مستقلة من الاختصاصيين، لكن عون أبلغهما بأن «حزب الله» يصر على تشكيل حكومة مختلطة من تكنوقراط وسياسيين.
لكن الوفد «القواتي» أصر على موقفه، ورأى أن لا مانع من مثول حكومة من هذا النوع أمام البرلمان، وقد تشكل له إحراجاً حتى لو لم تحصل على ثقته. وفي المقابل، رأى عون أن عدم نيلها الثقة سيحولها إلى حكومة تصريف أعمال، فرد الوفد: «ما المشكلة وتقوم أنت بإجراء استشارات ملزمة للمرة الثانية وعندها ننتظر لنرى ماذا سيحصل؟».
وعليه، فإن حرب الشوارع التي شهدها جسر الرينغ أحدثت مضاعفات لا يمكن القفز فوقها، وبالتالي فإن سحب فتيل التفجير من الشوارع لن يكون إلا بمبادرة رئيس الجمهورية إلى إعادة النظر في حساباته وصولاً إلى إقراره بوجوب إجراء الاستشارات المُلزمة اليوم قبل الغد؛ لأنها وحدها تعيد الاعتبار لدور المؤسسات الدستورية وضرورة تأمين انتظامها.
لذلك؛ لم يعد في وسع عون التأخير طالما أن المعطيات الخاصة بالحكومة الجديدة باتت واضحة تكليفاً وتشكيلاً، وإلا فإن مجرد التأخير سيؤدي حتماً إلى استنزاف النصف الثاني من الولاية الرئاسية بعد أن انتهى النصف الأول بلا إنجازات على صعيد إنقاذ الوضعين الاقتصادي والمالي رغم الوعود الوردية التي ظلت حبراً على ورق.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.