«الشاباك» يعترض على موقف الجيش في منح تسهيلات لقطاع غزة

يتهم الجيش الإسرائيلي بوضع ثقة زائدة بـ«حماس»

TT

«الشاباك» يعترض على موقف الجيش في منح تسهيلات لقطاع غزة

كشفت مصادر أمنية في تل أبيب، أمس الاثنين، عن نشوب خلافات بين الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات العامة (الشاباك)، حول تخفيف الحصار على قطاع غزة. ففي حين يؤيد الجيش تقديم تسهيلات بعيدة المدى في القطاع مقابل تهدئة، ويصر على ضرورة إصدار تصاريح تسمح لآلاف العمال بالخروج من القطاع للعمل في إسرائيل، فإن المخابرات تتحفظ على ذلك، وتعتبره مغامرة أمنية خطيرة.
وقالت هذه المصادر إن «الشاباك» يرى أن منح مثل هذه التسهيلات، في ظل الأزمة السياسية في إسرائيل، الناجمة عن فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس كتلة «كحول لفان» بيني غانتس، في تشكيل حكومة، يمكن أن يستغل من أطراف فلسطينية. وقالت إن «الشاباك» يعتقد أن جهات فلسطينية عديدة تتابع الأوضاع في إسرائيل، وتدرك أن عدم وجود حكومة مستقرة في إسرائيل يمكن أن يتحول إلى فرصة لضربها أمنياً.
كان الجيش الإسرائيلي قد طرح اقتراحاته لتخفيف الحصار عن قطاع غزة مكافأةً لحركة «حماس»، التي امتنعت عن إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل خلال جولة التصعيد الأخيرة بين إسرائيل وحركة «الجهاد الإسلامي». واعتبر الجيش الإسرائيلي انضباط «حماس»، «فرصة نادرة للتقدم» نحو تهدئة، بادعاء أن اغتيال إسرائيل للقيادي العسكري في «الجهاد»، بهاء أبو العطا: «أزال من الطريق التهديد المركزي على الهدوء في القطاع في السنة الأخيرة». وقال ناطق بلسان الجيش إن أبو العطا كان مسؤولاً عن 90 في المائة من حوادث إطلاق الصواريخ على إسرائيل في السنة الأخيرة، بينما قيادة «حماس» في القطاع، برئاسة يحيى السنوار، تُبدي اهتماماً بالتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد.
ويتهم الجيش، «الشاباك»، بأنه يؤثر على حكومة نتنياهو، ويجعلها مترددة في المفاوضات مع «حماس» حول تبادل الأسرى، والتقدم نحو تهدئة طويلة الأمد. ويقول الجيش إن «النهاية السريعة لجولة التصعيد الأخيرة، بعد يومين على اندلاعها، وضع إسرائيل أمام فرصة نادرة للتقدم، وربما لتصحيح ما تم إهداره قبل خمس سنوات، بعد عملية (الجرف الصامد) (أي الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في عام 2014). ففي أعقاب اغتيال أبو العطا، و20 مقاتلاً من (الجهاد)، في جولة التصعيد الأخيرة، نشأ احتمال بإعادة (الجهاد) إلى حجمه الطبيعي كفصيل ثانوي لـ(حماس)، وليس كمن ينجح في إملاء مجرى التطورات، مثلما حدث في السنة الأخيرة».
وتضيف مصادر مقربة من الجيش، أن «حماس» في خطوة نادرة وغير مسبوقة، قررت عدم الانضمام إلى جولة التصعيد بين إسرائيل و«الجهاد»، باستثناء إطلاق قذيفتين صاروخيتين باتجاه مدينة بئر السبع، بعد يومين من وقف إطلاق النار. ويعتبر الجيش الإسرائيلي أنها كانت عبارة عن «ضريبة كلامية». وهو، أي الجيش، مقتنع بأن «حماس» تريد الآن الامتناع عن مواجهة، وهي معنية بالتوصل إلى إنجازات اقتصادية ملموسة. وهكذا، نشأت ظروف جيدة لدفع تهدئة طويلة الأمد. وأعطت إشارة على ذلك في قرارها إلغاء مظاهرات «مسيرة العودة» في يومي الجمعة الأخيرين. وحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن هذا هو الوقت المناسب لوضع التهدئة على خطوط إيجابية، بواسطة سلسلة تسهيلات أخرى في القطاع، وبضمنها يجري الحديث عن بدء التخطيط لمشروعات كبير في مجال البنية التحتية، مثل تشغيل خط كهرباء آخر للقطاع، وإقامة منشأة لتحلية المياه، واستعدادات أولية لإعادة إقامة منطقة صناعية في معبر كرني (المنطار). وأكد الجيش الإسرائيلي أنه يؤيد أيضاً توسيعاً ملموساً لعدد التصاريح للعمال من القطاع للعمل في بلدات غلاف غزة، وربما في مناطق أخرى في البلاد.
ورد الجيش الإسرائيلي على تخوفات «الشاباك» من استغلال الفصائل الفلسطينية هذه التسهيلات لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وقال إنه «بالإمكان ضمان مراقبة أمنية وثيقة على العاملين، مثلما يحدث اليوم، على سبيل المثال، في المناطق الصناعية في المستوطنات في الضفة الغربية، وكذلك على 5 آلاف عامل ورجال أعمال يغادرون قطاع غزة إلى إسرائيل في صبيحة كل يوم، حالياً».
ويعتبر «الشاباك»، هذا الموقف، «أقرب إلى الأوهام من الواقع»، ويقول إن الجيش يضع ثقة زائدة بـ«حماس»، ولذلك يتردد نتنياهو أيضاً في الإقدام على تحقيق رغبة الجيش.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».