ليبيا: دعوات لـ«انتفاضة شعبية مسلحة» غدا ضد الجماعات الإرهابية

اختراق حسابات الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي

صحافيون تونسيون يحملون صورا لاثنين من الصحافيين المختطفين في ليبيا تضامنا معهم خلال مظاهرة في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
صحافيون تونسيون يحملون صورا لاثنين من الصحافيين المختطفين في ليبيا تضامنا معهم خلال مظاهرة في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: دعوات لـ«انتفاضة شعبية مسلحة» غدا ضد الجماعات الإرهابية

صحافيون تونسيون يحملون صورا لاثنين من الصحافيين المختطفين في ليبيا تضامنا معهم خلال مظاهرة في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
صحافيون تونسيون يحملون صورا لاثنين من الصحافيين المختطفين في ليبيا تضامنا معهم خلال مظاهرة في العاصمة أمس (أ.ف.ب)

تحت عنوان «حراك شعبي مدني»، و«لا للإرهاب والإخوان»، يستعد سكان معظم المدن الليبية غدا الأربعاء لأول «انتفاضة شعبية مسلحة» ضد كل الجماعات المتطرفة والإرهابية في ليبيا، بينما اخترق قراصنة إلكترونيون (هاكرز) من أنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي الحساب الرسمي لحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر».
وتأتي تلك التحركات في وقت وجهت فيه كتيبة «راف الله السحاتي» المتطرفة في مدينة بنغازي رسالة تحذير شديدة اللهجة إلى سكان المدينة، وتوعدت بأنها سترد بشكل حاسم على أي اعتداء يستهدف أي نقاط تابعة لمن وصفتهم بثوار بنغازي. وقالت الكتيبة في صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»: «لن نتهاون مثل المرات السابقة التي نهبت فيها مقراتنا وسُرق منها الآلاف من قطع السلاح والذخيرة».
ويتأهب سكان مدينة بنغازي منذ يومين لهذه الانتفاضة المسلحة، فيما أطلق ناشطون إعلاميون وسياسيون دعوات للسكان في مختلف مناطق المدينة للانضمام إلى هذه الانتفاضة. بينما وصف العقيد ونيس بوخمادة، آمر القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني الليبي في بنغازي، الوضع الحالي في ليبيا بأنه «ليس مجرد معركة حكومة وبرلمان وغيره»، وقال في تصريحات له أمس إنه «أصبح موضوع وطن يحتاج إلى رجاله». وأضاف: «الوضع خطير، ويجب على الكل مناصرة الجيش. نحن نقاتل شرذمة معنفة ولا نرغب في مناصب، المعركة من أجل الوطن فقط».
وتوقعت مصادر ليبية وسكان في المدينة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يقوم السكان وخصوصا من الشباب المسلحين بمهاجمة مختلف المقرات والمواقع التابعة لكل التنظيمات المسلحة، بما في ذلك تنظيم «أنصار الشريعة» وما يسمى بـ«مجلس شورى ثوار بنغازي».
في المقابل، دعا الجيش الوطني الليبي سكان بنغازي إلى تأمين مناطقهم بحيث لا يسمحون لمن وصفهم بـ«الخوارج» بالرماية على آليات وأفراد الجيش حين دخوله للمدينة، ولا يسمحون لهم بالاختباء داخل الأحياء في حال تمت مطاردتهم. وطلب الجيش ابتعاد المواطنين عن الطرق الرئيسية لتسهيل مرور آليات الجيش، كما دعا الشباب غير المسلحين إلى عدم تعريض أنفسهم للخطر.
واعتبر الجيش في بيان له أن الهدف من انتفاضة الشباب هو دعم قوات الجيش وحمايتها من غدر «الخوارج»، وكذلك اعتقال عناصرهم المطلوبة في جرائم قتل واعتداء، ونبه إلى ضرورة ألا يكون الانتقام أو القتل هدفاً في حد ذاته.
ويخوض الجيش الليبي منذ شهر مارس (آذار) الماضي معارك يومية في منطقة بنينا ضد المتطرفين الساعين للسيطرة على المطار الرئيسي والقاعدة الجوية بالمدينة. وأطلق اللواء المتقاعد خليفة حفتر عملية الكرامة بهدف «تنظيف ليبيا من الإخوان المسلمين والمتطرفين»، حيث تسانده القوات الخاصة وسلاح الطيران، لكن السلطات الليبية لا تعترف رسميا بدور حفتر.
إلى ذلك، أعلن قراصنة إلكترونيون (هاكرز) ليبيون أنهم اخترقوا الصفحة الرسمية لحزب الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر». وأضافوا في تغريدة على حساب حزب الإخوان المخترق على «تويتر»: «نحن رجال لم نرض يوما بالعار. اختراق صفحة حزب الإخوان. معمر في قلوبنا».
من جهة أخرى، هدأت أمس حدة الاشتباكات في منطقة الجبل الغربي بجنوب العاصمة الليبية طرابلس بين قوات ما يعرف بـ«فجر ليبيا» وقوات جيش القبائل بعدما ارتفع عدد ضحايا هذه الاشتباكات إلى 27 قتيلاً و80 جريحا وفقا لما أكدته مصادر طبية عسكرية.
وشيّع أهالي مدينتي غريان ثلاثة قتلى من ضحايا الهجوم بالراجمات الذي تعرضت له مدينة ككلة يومي السبت والأحد الماضيين. وطالب أعضاء سابقون في المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية فترة ولايته) منظمة الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها تجاه ما أسموه بـ«الهجوم الوحشي» من قِبل من وصفوهم بـ«فلول جيش القبائل المنهزمة»، والفارة من منطقتي «أبوشيبة» و«رأس اللفع».
إلى ذلك، دعت وزارة الصحة الليبية إلى الانتباه وأخذ الحيطة والحذر من مخاطر تفشي مرض «إيبولا» القاتل. وطالبت الوزارة في تعميم لها برفع حالة التأهب في كل المنشآت الطبية والمنافذ الحدودية، وحثت المواطنين على الانتباه لأعراض هذا المرض وعدم التعامل مع المهاجرين الأفارقة أو الاختلاط الحميم بهم.
وكانت وزارة الصحة الليبية قد أعلنت خلال شهر أغسطس (آب) الماضي خلو البلاد من مرض الـ«إيبولا»، مؤكدة عدم رصد أي حالة من هذا المرض داخل ليبيا. ولفتت الوزارة التي أكدت على أن كل المنافذ الرسمية تخضع لإشرافها، إلى تخصيص 36 عنصرا للرصد، بالإضافة إلى 100 فريق موزعين على مختلف المناطق الليبية، ضمن تعليمات منظمة الصحة العالمية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.