أرقام رسمية صادمة عن العنف ضد المرأة في مصر

أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، أمس، أرقاماً صادمة عن حالة العنف ضد المرأة في مصر، عبر بيان صحافي نشره على موقعه الرسمي بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي أحياه العالم أمس، أي في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، للمطالبة بوقف العنف ضد المرأة، ووضع تشريعات تجرمه وتعاقب عليه، ويشمل العنف ضد المرأة «العنف الجسدي من قبل الزوج، والعنف النفسي والجنسي، بالإضافة إلى زواج القاصرات، والتحرش الجنسي، وختان الإناث».
وأفاد تقرير جهاز الإحصاء الرسمي، وفقاً لـ«نتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف الاجتماعي ضد المرأة في الفئة العمرية (18-64) بمصر 2015»، بأن 34 في المائة من النساء اللاتي سبق لهن الزواج تعرضن لعنف بدني أو جنسي من قبل الأزواج، بجانب تعرض نحو 90 في المائة من السيدات للختان، وزواج أكثر من ربع النساء المصريات (27.4 في المائة) قبل بلوغهن 18 سنة.
وذكر جهاز الإحصاء أيضاً أن نحو 7 في المائة من النساء المصريات تعرضن للتحرش في المواصلات العامة، بجانب تعرض نحو 10 في المائة منهن للتحرش في الشارع، وذلك خلال الـ12 شهراً السابقة للمسح.
وترى نهاد أبو القمصان، رئيس مجلس إدارة المركز المصري لحقوق المرأة، أن «أرقام التقرير ليست جديدة بسبب ارتفاع معدلات العنف الأسري في مصر، وضعف وسائل الحماية».
وتقول أبو القمصان لـ«الشرق الأوسط»: «رغم جهود الدولة المبذولة من أجل تقليل حالات العنف الأسري، فإنها تقتصر حتى الآن على حملات التوعية، والاستشهاد بالقيم والأخلاق، وكل هذه الأمور لم تؤتِ ثمارها بسبب غياب الرادع، وهو في رأيي عبارة عن تشريعات قانونية جديدة تطبق على الزوج الذي يمارس العنف ضد زوجته». ولفتت إلى أن المجلس القومي للمرأة، وعدداً من المنظمات الحقوقية، تقدموا بمقترح للحكومة لسن قانون خاص بالعنف الأسري، لكن المقترح لم يطرح للمناقشة العامة أو الخاصة حتى الآن.
وبجانب إشارة تقرير المركزي للتعبئة والإحصاء إلى النسب المرتفعة للعنف الأسري في مصر، فإنه يسلط الضوء كذلك على تراجع نسبة التحرش الجنسي في مصر خلال الآونة الأخيرة، بعد حملات توعية مكثفة ضد الظاهرة التي كانت تعاني منها البلاد بشكل لافت في بداية الألفية الجديدة، وفق أبو القمصان التي أكدت أن الحملات الإعلامية المنظمة نجحت في تقليل نسب التحرش ونسب الختان، فبعدما كان يراهن بعض الذكور على صمت السيدات في أثناء التحرش بهن، فإن الأمور قد تغيرت حالياً، وتستطيع الفتيات الآن أن تتحدث وتحرر ضدهم محاضر في الشرطة، وقد ساهم هذا الرادع القوي، بجانب وعي الفتيات، في تراجع هذه الظاهرة.
ورغم إشارة التقرير إلى تعرض نحو 90 في المائة من سيدات مصر إلى الختان، فإن أبو القمصان تؤكد أن مصر حققت انتصاراً كبيراً في هذا الأمر المتأصل في المجتمع المصري منذ آلاف السنين، بعد حملات التوعية والعقوبات القانونية الرادعة ضد المخالفين.
وينص دستور مصر في عام 2014 على قضية التمييز ضد المرأة من خلال المواد (11| 53| 214)، حيث نصت المادة 11 على أن «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور».
وتبذل مصر جهوداً متنوعة في محاربة العنف ضد المرأة، عبر المبادرات التي أطلقها المجلس القومي للمرأة، والتي من بينها إنشاء «مكتب شكاوى المرأة»، وحملة «مش قبل 18» لمناهضة زواج القاصرات، وحملة القضاء على ختان الإناث بحلول 2030.
ولمواجهة العنف الأسري، خصصت وزارة التضامن الاجتماعي من جانبها بيوتاً آمنة للنساء لإيواء ضحايا العنف من خلال مراكز لاستضافة وتوجيه المرأة أو الفتاة التي تتعرض للعنف وليس لها مأوى، للمشورة أو للإقامة لفترة معينة، ومساعدتها على تخطى الصعاب من خلال 9 مراكز منتشرة على مستوى أنحاء الجمهورية، لكن أبو القمصان ترى أن هذا العدد قليل جداً، مقارنة بعدد سكان مصر الكبير، بجانب ارتفاع معدلات العنف والتفكك الأسري بالبلاد.
وتؤكد أن رؤية وثقافة كثير من السيدات في مصر تغيرت في الآونة الأخيرة، فبعدما كانت تتحمل الزوجة العنف من زوجها من أجل تربية أبنائها، فإنها الآن تترك الأبناء لزوجها أو طليقها، ليتحمل مسؤولياتهم وينفق عليهم، خصوصاً بعد مشاهدة آلاف السيدات اللاتي تعانين في محاكم الأسرة لشهور طويلة للحصول على نفقة الأبناء التي تقدر في النهاية بجنيهات معدودة، وهذا تغير كبير قد سيساهم في زيادة نسبة تشرد الأطفال، والحل الأمثل لهذه القضية هو وجود رادع قانوني قوي سريع ضد المخالفين.
وفي شهر مارس (آذار) الماضي، قدر جهاز الإحصاء عدد السيدات المصريات بـنحو 47.5 مليون نسمة داخل الجمهورية حتى الأول من يناير (كانون الثاني) 2019، وأشار إلى تراجع عدد عقود الزواج على مستوى الجمهورية ليبلغ 887 ألفاً و315 عقداً عام 2018، مقابل 912 ألفاً و606 عقود خلال عام 2017، بينما ارتفع عدد إشهادات الطلاق ليبلغ 211 ألفاً و521 إشهادة عام 2018، مقابل 198 ألفاً و269 إشهادة عام 2017.