«التمييز» ترفض تطبيق قانون مكافحة الإرهاب على المتظاهرين

طعنت في قرار لمجلس القضاء الأعلى بهذا الشأن

متظاهر وسط غمامة من غاز الدموع خلال مواجهة مع قوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)
متظاهر وسط غمامة من غاز الدموع خلال مواجهة مع قوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)
TT

«التمييز» ترفض تطبيق قانون مكافحة الإرهاب على المتظاهرين

متظاهر وسط غمامة من غاز الدموع خلال مواجهة مع قوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)
متظاهر وسط غمامة من غاز الدموع خلال مواجهة مع قوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)

ألغت محكمة التمييز العراقية قرارا اتخذه مجلس القضاء الأعلى مؤخرا عد فيه الأفعال التي ترتكب من قبل المحسوبين على المظاهرات بمثابة أعمال إرهابية تطبق عليها المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب.
وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان له أمس إن «الهيئة الجزائية في محكمة التمييز الاتحادية أصدرت قرارا بتاريخ 24 -11 - 2019 اعتبرت بموجبه الأفعال التي ترتكب خلاف القانون من (بعض المحسوبين) على المتظاهرين جرائم عادية يعاقب عليها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 بحسب ظروف وأدلة كل جريمة».
وأضاف البيان أن «هذه الأفعال لا يسري عليها قانون مكافحة الإرهاب لانتفاء القصد الجنائي لدى مرتكبيها والمتمثل (بتحقيق غايات إرهابية) حسب نص المادة (1) من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005».
وكان الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء الركن عبد الكريم خلف، أعلن الأسبوع الماضي صدور أوامر باعتقال مغلقي المدارس بتهمة الإرهاب. وقال خلف في بيان إن «أوامر صدرت باعتقال الذين يغلقون المدارس بموجب قانون مكافحة الإرهاب». وأضاف أن «إغلاق المدارس جرائم مشهودة، يحال مرتكبوها إلى المحاكم فوراً».
وفي هذا السياق يقول السياسي المستقل والخبير القانوني طارق المعموري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار محكمة التمييز انتصار لقضية الشعب العادلة التي تتمثل الآن بالمظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق المشروعة». وعد المعموري ما صدر عن محكمة التمييز «بمثابة تأكيد على عدم خضوع القضاء لعمليات التسييس، حيث إنه لم يصدر في الواقع إجراء من هذا النوع، وإنما هي محاولة من مكتب رئيس الوزراء وبالذات عبر الناطق الرسمي اللواء عبد الكريم خلف»، مبينا أن «القضاء وعبر هذا التفسير القانوني أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح». وأوضح أن «قانون العقوبات العراقي النافذ يعالج هذه الأعمال حيث مواده تجرم أي أعمال مماثلة وبالتالي لا علاقة لقانون مكافحة الإرهاب بمثل هذه الحالات التي يمكن إخضاعها للقانون النافذ».
من جهته أكد الإعلامي والناشط المدني منتظر ناصر لـ«الشرق الأوسط» أنه «كنا انتقدنا في المحافل الخاصة والعامة منذ اليوم الأول للمظاهرات معاملة المتظاهرين أو الناشطين كإرهابيين، وهو قرار مخجل في ظل دولة تدعي الديمقراطية»، مشيرا إلى أن «ما جرى اليوم من تغيير في التعامل مع المظاهرات، إذ يمثل استجابة جزئية لمثل تلك الدعوات، وتخفيفا لا بأس به في العقوبات المقرة بحق المحتجين، إلا أنه لا يعفي مجلس القضاء الأعلى من مسؤولية التصعيد الذي انتهجه في قراره السابق، والذي يؤشر إلى وجود تماهٍ واضح مع السلطة، وهو أمر يشكك في استقلاليته». وأوضح ناصر «أننا ما زلنا ننتظر الكثير من الإجراءات التي يمكنها أن تحسن سمعة القضاء التي طالتها الشكوك للسبب أعلاه، من بينها تفعيل دور المدعي العام للنظر بالمخالفات التي ترتكبها الحكومة من قبيل توفير الحماية لقتلة 330 متظاهرا، فضلا عن الاعتقالات العشوائية بلا أوامر قضائية، وحفلات التعذيب التي تقوم بها عناصر أمنية يوميا بحق المتظاهرين العزل، وجلهم من الشباب وطلاب الجامعات والمدارس».
إلى ذلك، حذر قائد عمليات بغداد الفريق الركن قيس المحمداوي من محاولات مجموعة صغيرة من المندسين تعمل على تشويه المظاهرات. وقال المحمداوي، في تصريح إن قواته «ستتعامل مع الأفراد الخارجين عن القانون بقوة وحزم». وأوضح أن القوات الأمنية تعمل على تأمين ساحات ومناطق الاحتجاج، مشيرا إلى أن العناصر الأمنية تتجنب الاحتكاك مع المتظاهرين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.