أوبئة تقتل اليمنيين في 4 محافظات على الرغم من التدخل الأممي

يمنية تحمل طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنية تحمل طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
TT

أوبئة تقتل اليمنيين في 4 محافظات على الرغم من التدخل الأممي

يمنية تحمل طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنية تحمل طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)

على الرغم من التدخلات الأممية في أغلب المناطق اليمنية، من أجل السيطرة على الأوبئة المختلفة، إلا أن نسبة كبيرة من السكان لا يزالون عرضة للوفاة والإصابة بالمرض في 4 محافظات يمنية، هي الحديدة وحجة وتعز وعدن.
وفيما أفادت تقارير طبية بارتفاع نسبة تفشي وباء «حمى الضنك» في مناطق واسعة من محافظتي الحديدة وحجة، اتهم ناشطون يمنيون الميليشيات الحوثية بعرقلة وصول الفرق الطبية الممولة من منظمة الصحة العالمية إلى المناطق التي تشهد تفشياً للمرض.
وأوضح مسؤولون محليون في القطاع الصحي بمحافظة الحديدة، أن منظمة الصحة العالمية استطاعت توفير نحو 18 طناً من المبيدات التي تستهدف البعوض الناقل الأول للمرض، بكلفة تناهز 2 مليون دولار، في حين تبلغ تكلفة تنفيذ العمل نحو مليون دولار أخرى.
وذكرت المصادر أن الميليشيات الحوثية عن طريق القيادات المحلية في محافظة الحديدة لا تزال تعيق عملية مكافحة الوباء عن طريق عرقلة نزول الفرق، واشتراط الحصول على جزء من المبالغ المالية المخصصة للمشروع.
وتشهد أغلب مديريات محافظة الحديدة والأجزاء الساحلية من محافظة حجة، لا سيما مديريات عبس والقناوص وأسلم، بشكل يومي، تسجيل عشرات الحالات التي يشتبه أنها مصابة بمرض «حمى الضنك»، وسط عجز المنشآت الطبية الخاضعة للحوثيين عن تقديم المساعدة اللازمة.
وفي محافظة تعز، أفادت أحدث التقارير الصحية المحلية بوفاة 10 أشخاص وإصابة نحو 8 آلاف آخرين بالحميات الموسمية، من بينها «حمى الضنك» في مناطق المحافظة التي لا تزال أجزاء واسعة منها تقبع تحت سيطرة الميليشيات الحوثية.
وفي الوقت الذي أكد فريق الترصد الوبائي في المحافظة، أن عدد الإصابات والوفيات مرشح للارتفاع مع عدم وجود الموارد اللازمة للتصدي للمرض، أوضح أن أكثر من 100 حالة إصابة لا تزال تحت الملاحظة الطبية.
ومع انتشار المرض على نحو خاص في مديريات المخا وذوباب وموزع والوازعية، غرب محافظة تعز، أفادت المصادر المحلية بأن أغلب المنشآت الطبية في تعز تلقت دعماً بالأدوية والمستلزمات الطبية من قبل مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي.
إلى ذلك، ذكرت مصادر طبية في العاصمة المؤقتة عدن أن المدينة تشهد انتشاراً غير مسبوق للأمراض والأوبئة المعدية، بسبب انهيار الصرف الصحي والمياه الراكدة وتكدس القمامة. وأوضحت تقارير صحية حديثة أن 4 أشخاص على الأقل فارقوا الحياة في الأيام الماضية في المدينة، إثر إصابتهم بمرض «حمى الضنك»، الذي عاود الانتشار بعد أن كان شهد انحساراً في الأشهر المنصرمة.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من مليون إنسان في اليمن يعانون من أمراض معدية، ولا يتلقون العلاج المنقذ للحياة، من بينهم مرضى الفشل الكلوي وارتفاع نسبة السكر في الجسم.
ووفقاً لتقديرات المنظمة، فإن أكثر من 24 مليون إنسان يحتاجون إلى المساعدة، منهم 19.4 مليون في حاجة إلى الرعاية الصحية، إضافة إلى نحو 20 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يقاسي أكثر من ربع مليون من سوء التغذية الحاد، وهم الأكثر عرضة للخطر، وعلى شفا المجاعة، مع افتقار 17.8 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي.
وتؤكد المنظمة أن تقييد الوصول إلى المرافق الصحية يؤدي إلى تصاعد نسبة المخاطر الصحية الرئيسية، لا سيما مع عدم قدرة المرافق الصحية والفرق على الاستجابة السريعة لتفشي الأمراض والأوبئة، وذلك أيضاً بسبب نقص الموظفين والموارد. وتشير المنظمة، في أحدث تقاريرها، إلى وجود صعوبات في استعادة وظائف المرافق الصحية التي تضررت جزئياً أو كلياً في المناطق ذات الأولوية العالية، بسبب نقص ميزانيات إعادة التشغيل.
كان المتحدث باسم المنظمة، أوضح أن نحو ألف شخص فارقوا الحياة بسبب إصابتهم بالكوليرا خلال العام الحالي، على الرغم من حملة التحصين التي نفذتها المنظمة الدولية مع شركائها، وطالت 1.13 مليون شخص.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن مرض «الدفتيريا» تفشى أيضاً في اليمن بإصابة 1600 إنسان، ووفاة 95 آخرين منذ بداية 2019 وحتى 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على الرغم من أن المنظمة عززت الاستجابة لمواجهة هذا المرض من خلال إجراء تطعيم ضد «الدفتيريا» في 186 مقاطعة في 12 محافظة يمنية تستهدف 5.7 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 أسابيع و15 سنة، بطريقة تدريجية انتهت في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويؤكد مراقبون للأوضاع الصحية في اليمن أن الانقلاب الحوثي على الشرعية كان المعبر الأول لعودة تفشي الأوبئة في اليمن، بسبب تدمير الجماعة للمرافق الصحية، وتحويلها إلى أماكن للكسب، وتعيين المقربين منها، والاستحواذ على جزء كبير من الدعم الصحي الإنساني.
في غضون ذلك، كشفت الأمم المتحدة، أمس (الأحد)، أن امرأة يمنية تموت كل ساعتين بسبب الولادة، وفق ما جاء في تغريدة على «تويتر» لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وتؤكد الأمم المتحدة، في تقاريرها السابقة، أن أكثر من مليون امرأة يمنية في حاجة ماسة إلى توفر التمويل اللازم كيلا يفقدن إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة.


مقالات ذات صلة

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.