شركات إسرائيلية تدخل «القائمة السوداء» لتشجيعها الاستيطان

عشية المؤتمر الأربعين لمجلس حقوق الإنسان

TT

شركات إسرائيلية تدخل «القائمة السوداء» لتشجيعها الاستيطان

عشية انعقاد المؤتمر الأربعين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، التابع للأمم المتحدة، تلقت عدة شركات إسرائيلية بلاغا بأنها دخلت القائمة السوداء للشركات التي تخرق القانون الدولي وتشجع الاستيطان اليهودي في المناطق الفلسطينية المحتلة. وقد جددت الحكومة الإسرائيلية مسنودة بالإدارة الأميركية الجهود لمنع هذه اللائحة، بعد أن كانتا قد نجحتا في ذلك ثلاث مرات في الماضي.
وقالت مصادر سياسية بأن الشركات الإسرائيلية التي تلقت بلاغات كهذه، هي «مكوروت»، شركة المياه الرسمية في إسرائيل، «هوت»، «بيزك»، «بيزك بينلئومي»، و«سلكوم»، وهي شركات اتصالات هاتفية وبعضها يساهم في شبكات التلفزيون، وشركة المواصلات، «ايجد»، وبنك لئومي وبنك العمال، وشركة «إلبيط» للاتصالات التكنولوجية، ومخابز «إنجيل» وشبكة المقاهي «كافيه كافيه» وشركات النفط «باز» و«صونول» و«ديلك» و«أمشرا غاز»، وشركة الأجهزة الكهربائية «إلكترا» وشركة التجميل «أهفاه»، و«شركة الصناعات الجوية» في الجيش الإسرائيلي، وغيرها. وبموجب البلاغ فإن أي خدمة تقدمها هذه الشركات في الأراضي العربية المحتلة عام 1967. الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان السورية، تعتبر خرقا للقانون الدولي لن يمر من دون محاسبة.
واعتبرت إسرائيل هذا الإجراء مقدمة لنشر لائحة بأسماء ألوف الشركات الإسرائيلية والأجنبية، لتعريضها للمحاسبة. وقد كانت مفوضة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تنوي طرح هذه اللائحة منذ سنة 2017، لكن ضغوطا إسرائيلية أميركية مشتركة حالت دون ذلك ورجحت كفة تأجيل هذا النشر. واليوم يتجدد قرار النشر، مع انعقاد مؤتمر المجلس في جنيف في الشهر القادم. وتتجدد معه الجهود الإسرائيلية الأميركية لمنع صدور قرار كهذا في إسرائيل. وقد وجهت مصادر إسرائيلية النقد الشديد لمفوضة حقوق الإنسان الدولية، ميشيل باشيليت خاريا، بالمسؤولية عن قرار نشر اللوائح، مع العلم أنها كانت قد أجلت النشر في الماضي.
وعقب مسؤول في منظمة «هيومن رايتس ووتش» الدولية، برونو أوجارتي، على الضغوط الإسرائيلية قائلا، إن «توسع السلطات الِإسرائيلية الوقح في المستوطنات غير القانونية هو السبب وراء هذه المشكلة، لذلك فمن الضروري نشر الأمم المتحدة لقاعدة بيانات الشركات التي تيسر إقامة هذه المستوطنات». وأضاف: «كل تأخير بنشر اللائحة السوداء، سيرسخ انخراط هذه الشركات في الانتهاكات الحقوقية المنهجية التي تنشأ من المستوطنات غير القانونية». وطالبا باشيليت بألا ترضخ مرة أخرى لهذه الضغوط.
وكانت الشركات الإسرائيلية قد توجهت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طالبة تدخله لمنع نشر اللائحة، مؤكدة أن نشر اللائحة سيلحق ضررا ماليا بآلاف الموظفين الإسرائيليين والفلسطينيين ممن يعملون في هذه الشركات. وقد يؤدي إلى مقاطعة أو تصفية هذه الشركات. وقالت المديرة العامة لشركة «هوت»، طال غرنوت – غولدشتاين، في رسالة إلى نتنياهو، إن عدم نشر اللائحة يعتبر مهمة وطنية من الدرجة الأولى.
وحاول رئيس الدائرة الخارجية في مجلس المستوطنات، عوديد رفيف، مهاجمة مجلس حقوق الإنسان من زاوية أخرى، إذ قال إن نشر القائمة سيؤدي إلى إغلاق مئات المصانع الإسرائيلية القائمة في المناطق المحتلة، وهذا يؤدي بدوره إلى طرد عشرات ألوف العمال الفلسطينيين وأبناء عائلاتهم من العمل ويؤدي فعليا إلى تجويعهم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم