ضغوط تستهدف الحريري للتسليم بحكومة مختلطة

الرسالة الرئاسية بلا مفاعيل سياسية

مصافحة «باردة» بين الرئيسين عون والحريري خلال الاحتفال الرسمي بذكرى الاستقلال أول من أمس (أ.ف.ب)
مصافحة «باردة» بين الرئيسين عون والحريري خلال الاحتفال الرسمي بذكرى الاستقلال أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

ضغوط تستهدف الحريري للتسليم بحكومة مختلطة

مصافحة «باردة» بين الرئيسين عون والحريري خلال الاحتفال الرسمي بذكرى الاستقلال أول من أمس (أ.ف.ب)
مصافحة «باردة» بين الرئيسين عون والحريري خلال الاحتفال الرسمي بذكرى الاستقلال أول من أمس (أ.ف.ب)

قال وزير بارز إنه لم يكن من مفاعيل سياسية إيجابية لمضامين الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى اللبنانيين بمناسبة الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال من شأنها أن تدفع باتجاه إحداث بداية خرق في الحائط المسدود الذي وصلت إليه أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، وعزا السبب إلى الإكثار من الإنشائية والشعارات بدلاً من استجابة عون لمطالب «الحراك الشعبي» بدءاً بتحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة.
ولفت الوزير البارز لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرسالة الرئاسية لم تحمل أي جديد، وقال إنه لم يعد من الجائز التنكر للمستجدات الإيجابية التي فرضها «الحراك الشعبي» والاكتفاء فقط بتكرار دعوته للحوار، فيما بات يتمتع بحيثية سياسية غير مسبوقة، وبالتالي لا يمكن استيعاب هذا «المولود» السياسي بشعارات وقف الهدر ومكافحة الفساد التي لم تغب عن خطب رئيس الجمهورية منذ انتخابه رئيساً.
ورأى أن جميع اللبنانيين كانوا ينتظرون منه دعوته الكتل النيابية للاستشارات المُلزمة، وإذا به يُسقطها من رسالته وكأنه باقٍ على موقفه بربط التكليف بالتوافق على تأليف الحكومة، وسأل: أين تُصرف مضامين رسالته في وقف التدهور المالي والاقتصادي؟ خصوصاً أن الاجتماع الذي كان قد رعاه في هذا الخصوص أصبح في خبر كان ولم يبدّل من واقع الحال المأزوم الذي بلغ ذروته.
وأكد الوزير البارز أن الرهان على مؤتمر «سيدر» والمقررات التي صدرت عنه كأنه سيوقف الانهيار فوراً ليس في محله لأن لبنان بات في حاجة قصوى لتزويده بجرعة مالية تقطع الطريق على اقتراب هذا الانهيار من الهاوية، وقال إن «سيدر» يوفّر الدعم للنهوض اقتصادياً ومالياً في المدى المتوسط وصولاً إلى المدى البعيد.
وقال إن الرؤساء الثلاثة حسناً فعلوا بعدم اللقاء فور انتهاء العرض العسكري الرمزي الذي أقامته قيادة الجيش في وزارة الدفاع، وعزا السبب إلى تعذّر التوافق على قواسم مشتركة تُنهي الأزمة الحكومية وتتجاوز برودة العلاقة بين رئيسي الجمهورية والبرلمان من جهة وبين رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري.
واعتبر الوزير البارز أن مجرد اجتماع الرؤساء في ظل تراجع «الكيمياء السياسية» بينهم سيزيد من إحباط اللبنانيين، وتحديداً أولئك الذين يشاركون في «الحراك الشعبي» والذين يرون أن الأزمة الحكومية غير قابلة للانفراج ما دامت «عدة الشغل» بالمعنى السياسي للكلمة والمتبعة حالياً لتوفير الحلول لها باتت من الماضي بعد أن استهلكت لأكثر من أربعة عقود من الزمن.
وفي هذا السياق، سأل عن الجدوى من الرهان على تدخّل الدول الكبرى للضغط على المعنيين للإسراع من أجل التغلّب على الأزمة الحكومية، وقال إنه لا نية للتوافق الدولي مع أنه ليس في متناول اليد ما لم تقرر الأطراف المعنية الدخول في تسوية غير تلك الرئاسية التي لم تعد قابلة للحياة تؤدي إلى حد أدنى من التوافق يضطر المجتمع الدولي إلى احتضانها لتطويرها شرط أن يؤخذ بعين الاعتبار بطروحات «الحراك الشعبي» الذي أسقط كل الرهانات، على أن عامل الوقت سيؤدي حتماً إلى إطفاء شعلة الانتفاضة التي تشغل حالياً معظم الساحات على امتداد الوطن.
كما سأل المصدر الوزاري عن صحة ما أخذ يُشيعه البعض حول تمكّن فرنسا من تسجيل خرق دولي، ودعا إلى الكف عن المكابرة والهروب إلى الأمام لأن الاتصالات الدولية لم تحقق حتى الساعة أي تقدم يؤسس للانتقال بلبنان إلى مرحلة سياسية جديدة تفتح الباب أمام الولوج إلى مخارج للأزمة.
أما لجوء البعض -كما يقول المصدر نفسه- إلى تحميل الإدارة الأميركية مسؤولية ضرب الجهود الدولية الرامية لإقامة تكتل دولي لإنقاذ لبنان، فإن الركون إلى موقف السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، واستخدام ما قاله في محاضرة كوثيقة لاتهام واشنطن بأنها تعيق توفير إجماع دولي يمكن توظيفه للتغلب على الأزمة الحكومية ليس في محله من دون أن يعني أنها تؤيد المجيء بحكومة نسخة طبق الأصل عن السابقة مع تغيير بعض الوجوه.
وأكد المصدر الوزاري أن المجتمع الدولي لا يحبّذ أن تكون الحكومة العتيدة بمثابة ستارة لتعويم المستقيلة، وقال إن «الحراك الشعبي» سيكون بالمرصاد لمن يصر على تعويم الحكومة السابقة، وهو يتمتع الآن بتأييد شعبي ليس عابراً للطوائف فحسب، وإنما لقدرته على تسجيل خروق كبيرة في الأحزاب والتيارات التقليدية التي باتت محرجة أمام جمهورها ومحازبيها الذين افترقوا عنها وتوزّعوا على الساحات.
وتوقّف المصدر الوزاري أمام إصرار الفريق الذي يَدين بالولاء لرئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» على تسريب مجموعة من الأسماء كمرشحين لتشكيل الحكومة الجديدة رغم أنها تنتمي إلى تيار «المستقبل»، وعلى سبيل المثال لا الحصر يجري حالياً تداول أسماء وزيرة الداخلية ريا الحسن، والنائبين بهية الحريري وسمير الجسر، وقال إن مثل هذه التسريبات مكشوفة الأهداف ويراد منها رمي الكرة في حضن الرئيس الحريري.
وأكد أنه لا غبار على موقف الرئيس الحريري وهو لا يمانع في تسمية غيره لرئاسة الحكومة، لكن إذا أصرت الكتل النيابية على تسميته في الاستشارات المُلزمة التي ما زالت عالقة فإن موقفه معروف ولا يقبل الجدل ويقوم على تشكيل حكومة من اختصاصيين.
ولفت إلى أن إصرار هذا الفريق في معرض تبريره لتأخير إجراء الاستشارات المُلزمة على أنه ينتظر من الحريري أن يقول كلمته فإنه كلام حق يراد به باطل، مع أن القوى الرافضة لحكومة من اختصاصيين ما زالت تتهيّب الموقف وتشن كل أشكال الحروب النفسية والإعلامية على الحريري لدفعه إلى التسليم بشروطها.
ورأى المصدر الوزاري أن القوى التي تصر على حكومة تكنوسياسية ليست حتى إشعار آخر في وارد البحث عن بديل للحريري من دون الحصول على موافقته، لأن أي حكومة من نوع آخر ستبقى عاجزة عن التوجّه إلى المجتمع الدولي طلباً للمساعدة المالية، إضافةً إلى أنها كنايةً عن تشكيلة وزارية من لون واحد يغلب عليها التمثيل الأحادي. وعليه لا يتوقع المصدر الوزاري حصول أي انفراج على الأقل في الأسبوع المقبل يمهّد للبدء بالاستشارات المُلزمة إلا إذا حصل تطور ليس في الحسبان ينهي تمديد التكليف رغم أن رئيس البرلمان نبيه بري يتوقّع حلحلة على هذا الصعيد، لكنها ليست خلال الأيام المقبلة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.