تصورات عن الحكومة اللبنانية المقبلة

جانب من الاحتجاجات في العاصمة اللبنانية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة اللبنانية (إ.ب.أ)
TT

تصورات عن الحكومة اللبنانية المقبلة

جانب من الاحتجاجات في العاصمة اللبنانية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة اللبنانية (إ.ب.أ)

بعد ثلاثة أسابيع على استقالة حكومة رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ما زالت الحركة السياسية تتمحور حول موضوعي التكليف والتأليف الحكوميين وسط غربة السياسيين عما يدور في الشارع وعن تفاقم الأزمة الاقتصادية – المعيشية. في الآتي عرض لبعض السيناريوهات التي قد تسير وفقها المسألة الحكومية.
- استمرار حال المراوحة من دون تكليف: يستخدم فريق الرئيس ميشال عون الثغرة الدستورية التي لا تُلزم رئيس الجمهورية بمدة زمنية محددة للبدء بالاستشارات الملزمة، للسعي إلى توسيع خياراته من بين الأسماء المرشحة للتكليف ولإظهار إمساكه بمفاصل الدولة والحكم والحفاظ على «هيبة» التيار العوني ورئيسه في مواجهة الشارع ولمنع تفكك آليات السيطرة على الإدارة العامة. من فوائد تكتيك المراوحة، إلقاء مسؤولية الجمود السياسي، واستطراداً التدهور الاقتصادي، على عاتق خصوم التيار الوطني الحرّ. يضاف إلى ذلك خفض سقف التوقعات والحيلولة دون الظهور بمظهر من استجاب مرغماً لمطالب الشارع. فاستمرار المراوحة -وانعدام الاستقرار النفسي سمة أساسية فيها- سيسهم في محو المطالب الشعبية وتقليص مطالب القوى السياسية حيث سيصبح المطلب الرئيس، حسب أصحاب هذا النهج، تشكيل حكومة كيفما اتُّفق لاستعادة دورة الحياة «الطبيعية» من دون كثير إمعان في التفاصيل والأسماء.
- تكليف الحريري تشكيل حكومة مستقلين: يمثل هذا السيناريو «النقطة الحرجة» –إذا جاز التعبير– بالنسبة إلى الانتفاضة. ذاك أنه يصعب الحفاظ على تعاطف قسم من الطائفة السنية مع الانتفاضة في حال سقط هذا التكليف في الشارع فيما لم تتلقّ رئاستا الجمهورية ومجلس النواب بعد سوى ضربات رمزية. في المقابل، يطرح تكليف الحريري تشكيل حكومة مستقلين أسئلة أكثر مما يجيب عن تلك الموجودة: كيف ستتحدد الخطوط العريضة للسياسات الاقتصادية وما الخطة الإنقاذية للوضع برمته؟ كيف ستكون موازين القوى في حال أصر أصحاب المصارف على رفض المساهمة في تحمل أعباء العلاج؟ ما موقف لبنان من سياسة المحاور الإقليمية التي زج باسيل و«حزب الله» لبنان فيها؟ كيف ستدار العلاقة مع المؤسسات النقدية الدولية التي قد تقترح إجراءات ذات طبيعة سيادية؟ والأهم هل ستستطيع هذه الحكومة الخروج من المحاصصة والزبائنية وفكرة الدولة - الغنيمة التي تكرست على مدى عقود؟
وما زال تحالف عون - «حزب الله» متمسكاً برفض فكرة حكومة المستقلين بذريعة أنها ترمي إلى تطويق المقاومة ثم خنقها. وفيما قدم «حزب الله» أفكاراً غير واقعية لعلاج الأزمة الاقتصادية (الانفتاح على الصين وما شاكل...) التزم التيار العوني برطانته المعهودة عن تبني الانتفاضة لمطالبه (وليس العكس) وعن إصراره على مكافحة الفساد وما يدخل في هذا الباب من أشكال الإنشاء اللفظي.
- حكومة مستقلين من دون الحريري: تنسجم هذه الحكومة مع مطالب الثورة بإبعاد أي حكومة مقبلة عن المنظومة السياسية - الطائفية الفاسدة. بيد أن انسجامها هذا هو بالضبط ما يجعل تشكيلها المهمة الأصعب في ظل موازين القوى الحالية. فممارسة أحزاب السلطة لرقابتها عليها ستكون معقدة ما يترك مجالاً لتفلت المستقلين من إملاءات السياسيين التقليديين. وهو ما لن تتساهل به الجماعة الحاكمة. من جهة أخرى، ستكون مسألة التوازنات داخل حكومة مستقلين مسألة غامضة وخاضعة لعوامل ومعطيات جديدة. فمَن الذي سيشكّل الثلث المعطَل؟ وما الخطوط الفاصلة بين الوزراء؟ هل هي مدارسهم الاقتصادية ورؤاهم المختلفة للحلول أم انتماءاتهم الطائفية وانحيازاتهم السياسية المضمَرة؟
ولا بد من التساؤل أيضاً عن مستوى الدعم الدولي الذي ستحظى به حكومة المستقلين وقدرتها على إقناع المجتمع الدولي والبلدان العربية بجديتها وقدرتها على اجتراح تغيير حقيقي في المسار الاقتصادي والقضائي، والبدء بالإصلاحات السياسية. في المقابل، يتعين الانتباه إلى العراقيل التي قد تضعها قوى الممانعة والدول المساندة لها في وجه حكومة كهذه أخذاً في الاعتبار التداخل المتزايد بين ضرورات دول الممانعة في التهرب من العقوبات الغربية واستخدام لبنان كبوابة خلفية للتهريب والحصول على العملة الصعبة.
- حكومة تكنو - سياسية برئاسة الحريري: يقدم «حزب الله» وأنصاره الحكومة هذه على أنها المخرج المثالي بل الوحيد من الانسداد الراهن. التصور الذي يروج له هذا التحالف ينطوي على مزيج من ممثلي أحزاب السلطة (باستثناء القوات اللبنانية وربما من دون نواب الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه وليد جنبلاط). يستفيد التحالف من «الريع» الذي يحتوي عليه اسم الحريري ويضم بعض الأسماء التي برزت بحق أو بفعل التسلق، على الانتفاضة باعتبار أصحابها ممثلين للمجتمع المدني. وتُستأنف المسارات السابقة وبعودة التقاسم والزبائنية إلى سابق عهدهما مع محاولات لإقناع المجتمع الدولي بتقديم المساعدات على المستوى الخارجي وتحميل الطبقات التي تضررت من المرحلة السابقة أعباء الانهيار الاقتصادي. المناخان الدولي والعربي ليسا إلى جانب حكومة كهذه، والغالب على الظن أن المضيّ في مشروعها سينقلب مزيداً من العزلة الدولية والعربية والعقوبات.
محرك هذا التصور هو الرهان على «التعب» وحملات تخوين الانتفاضة وتحطيم صورتها ومعانيها وإلصاق بعض الانتهازيين بها كممثلين عنها وصانعين لها، والتصور أن الثورة لن تؤدي إلى مكان تنجح فيه في جني ثمار ملموسة وواقعية.
- حكومة اللون الواحد: وسيُبعَد الحريري عن رئاستها التي ستُسند إلى مؤيد لـ«محور المقاومة». ويسع الحزب والعونيين، تقنياً، الإتيان بحكومة يقتصر الأعضاء فيها على ممثلي تحالفهم. لكنها ستكون حكومة لإدارة الكارثة الاقتصادية التي لا يرغب أحد في تحمل مسؤوليتها. وقد تنعكس تفككاً إضافياً في البيئتين العونية وتلك الموالية للثنائية الشيعية. وحتى اليوم، ليس هناك ما يبرر اللجوء إلى الخيار هذا عملياً وتنحصر الإشارة إليه ضمن المناكفات والتهويل السياسي والإعلامي. ذاك أن تجربة أقل حدة مثّلتها حكومة نجيب ميقاتي في 2011 انتهت إلى فشل ذريع.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.