خلافات ترجئ مناقشة قانون الانتخابات

TT

خلافات ترجئ مناقشة قانون الانتخابات

أرجأت خلافات سياسية بين الكتل البرلمانية العراقية قراءة مشروع قانون الانتخابات قراءة ثانية لكي يكون جاهزاً للتصويت في غضون أقل من أسبوع. ففي الوقت الذي كان متوقعاً فيه أن يتصدر هذا القانون، ومعه قانون جديد لمفوضية الانتخابات، جدول الأعمال خلال جلسة البرلمان التي كانت مقررة أمس، فإن جدول الأعمال تناول قضايا إجرائية في الغالب، ليست من ضمن أولويات ما يجري في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية من البلاد. الخلافات نشبت بين مؤيد للاستمرار في إقرار هذا القانون وبين القوى السياسية الأخرى التي ترفض صيغة القانون الذي يكرس في حالة إقراره هيمنة القوى والأحزاب الرئيسية، وهو ما لا يقبل به المتظاهرون، أو المرجعية الدينية العليا في النجف التي طالبت أول من أمس بتشريع قانون عادل للانتخابات ومفوضية مستقلة لها.
وفي موازاة هذا التطور، فإنه طبقاً للمعلومات المتداولة في الأوساط السياسية العراقية، تنوي الكتل السياسية التي وقعت الأسبوع الماضي ما عرف بـ«وثيقة الشرف»، في منزل زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، مراجعة الوثيقة، بما يمهد لإقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
يذكر أن المتظاهرين كانوا قد توعدوا بإحراق تلك الوثيقة حال صدورها، وهو ما يعني عدم اعترافهم بأي من مخرجاتها.
وفي السياق ذاته، فإن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مع عدد من شيوخ العشائر في مناطق مختلفة من العراق جوبه برفض واسع النطاق من المتظاهرين، وصل إلى حد إحراق عدد من مقرات ومضايف عدد من هؤلاء الشيوخ.
إلى ذلك، فإن عبد المهدي لم يقدم بعد التعديل الوزاري الذي كان ينوي تقديمه إلى البرلمان، كجزء من الإصلاحات المرتبطة بمهلة الـ45 يوماً التي منحته إياها الكتل التي اجتمعت في منزل الحكيم.
وبشأن الأسباب التي حالت دون إدراج مشروع قانون الانتخابات في جلسة البرلمان أمس، يقول عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية عبد الله الخربيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «القانون مفصل بكل أسف بشكل انتقائي لترسيخ وجود الكتل السياسية والحزبية نفسها التي يتظاهر الناس ضدها الآن في ساحة التحرير، وفي أماكن أخرى في البلاد»، وأضاف أن «التغيير الحقيقي الذي يريده الجمهور لن يخرج من رحم هذا النظام السياسي الذي يراه الناس نظاماً فاسداً، لأنه يعيد بشكل أو بآخر الوجوه السلطوية نفسها».
ورداً على سؤال حول عدم الأخذ بقانون الانتخاب الفردي الذي تقدم به رئيس الجمهورية برهم صالح، يقول الخربيط إن «ذلك القانون يبدو من الظاهر جيداً، ولكنه من حيث المضمون لن يغير من واقع الأمر شيئاً»، مبيناً أن «الأصل في الانتخاب الفردي الصحيح هو انتخاب أفراد، ومن دون كوتا (حصة)، وحسب رقعة جغرافية معينة، حيث يكون للناخب حق التصويت لعدة أشخاص، وليس لشخص واحد، وبالتسلسل. وفي حال حقق المرشح الأول الحد اللازم، يكون هو الفائز. وفي حال لم يحصل، ينتقل إلى المرشح الثاني، وهكذا»، لافتاً إلى أن «هذا القانون سيضمن عدم إهدار صوت أي مواطن».
ومن جهتها، فقد أعلنت كتلة «سائرون»، المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رفضها للتعديلات المقترحة على قانون الانتخابات. وقال النائب عن كتلة «سائرون» صادق السليطي، في مؤتمر صحافي مع نواب آخرين أمس: «نود إطلاع أبناء الشعب على قانون انتخابات مجلس النواب الذي تمت قراءته قراءة أولى، ونؤكد حرصنا على الإسراع بتشريع قانون يلبي طموحات الجماهير ومطالب المرجعية»، وأضاف: «الملاحظة الأولى حول القانون تختص بالأسباب الموجبة التي تحدثت عن وجوب تشريع القانون بشكل شفاف نزيه عادل، وهو أمر غير موجود بالقانون»، وأكد أن «إبقاء القانون على الدائرة الواحدة أمر غير صحيح، لأننا نعتقد أن الدوائر المتعددة تعطي تمثيلاً أفضل لكل المناطق». وبدوره، كشف رئيس كتلة «بيارق الخير» النيابية محمد الخالدي أن 166 نائباً وقعوا على طلب موجه إلى رئاسة الجمهورية لغرض إرسال كتاب إقالة الحكومة. وقال الخالدي، في مؤتمر صحافي بمجلس النواب، إن الوضع الحالي للبلاد بعد مرور 50 يوماً على الاحتجاجات «أصعب من بداية الأزمة»، داعياً البرلمان إلى التحرك لـ«الضغط على رئيس الجمهورية لغرض إرسال كتاب إقالة الحكومة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.