بروكسل: نحتاج لاتفاقيات تجارية ثنائية أكثر من أي وقت مضى

مع بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة مع سنغافورة... وتطورات حرب التجارة

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (تصوير: عبد الله مصطفى)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (تصوير: عبد الله مصطفى)
TT

بروكسل: نحتاج لاتفاقيات تجارية ثنائية أكثر من أي وقت مضى

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (تصوير: عبد الله مصطفى)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (تصوير: عبد الله مصطفى)

قالت سيسليا مالمستروم، مفوضة التجارة الخارجية الأوروبية، إنه مع بدأ سريان اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وسنغافورة، التي من المتوقع أن تعزز التجارة بين الطرفين، ستستفيد منها الشركات والمزارعون والمستهلكون من كلا الجانبين، وستصبح أيضاً بوابة إلى منطقة جنوب شرقي آسيا، سريعة النمو.
وأضافت المسؤولة الأوروبية أنه في الوقت الذي يتم فيه التشكيك في أساسيات التجارة العالمية المفتوحة القائمة على القواعد (في إشارة إلى الحرب التجارية)، نحتاج إلى اتفاقيات مثل هذه أكثر من أي وقت مضى.
وحسب بيان للجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي «تعد هذه الاتفاقية هي السادسة عشرة التي وضعها الاتحاد الأوروبي منذ 2014. وأصبح لدينا الآن أكبر شبكة تجارية في العالم، بما في ذلك 42 اتفاقية تجارية مع 73 شريكاً».
وبحسب مفوضية بروكسل، تعد سنغافورة، إلى حد بعيد، أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي في منطقة جنوب شرقي آسيا، حيث بلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية للسلع أكثر من 53 مليار يورو، والتجارة في قطاع الخدمات بقيمة 51 مليار يورو. وجرى إنشاء 10 آلاف شركة أوروبية في سنغافورة، ويجري استخدامها كمحور لمنطقة المحيط الهادي بأكملها.
وتعد سنغافورة أيضاً المكان الأول للاستثمار الأوروبي في آسيا، حيث نمت الاستثمارات بين الجانبين بشكل سريع خلال السنوات الأخيرة، وبلغت أسهم الاستثمار مجتمعة 344 مليار يورو في عام 2017.
ومع دخول الاتفاقية حيز التنفيذ بنهاية الأسبوع الماضي، ستقوم سنغافورة بإزالة جميع التعريفات المتبقية على منتجات الاتحاد الأوروبي من بين أمور أخرى، في قطاعات مثل الاتصالات والخدمات البيئية والهندسة والحوسبة والنقل البحري، وأيضاً توفير الحماية القانونية لـ138 من المنتجات الغذائية والمشروبات الأوروبية الشهيرة، وهذه خطوة مهمة بالنظر إلى أن سنغافورة هي ثالث وجهة لمثل هذه المنتجات.
وفي الثامن من الشهر الحالي، أعلن الاتحاد الأوروبي أن اتفاقية التجارة الحرة مع سنغافورة، التي جرى التوقيع عليها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، ستدخل حيز التنفيذ في 21 من الشهر الحالي، عقب القرار الذي اتخذ في بروكسل، حول إبرام هذه الاتفاقية، وعلى هامش اجتماعات وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد.
وكان ملف تنفيذ الاتفاقات التجارية حاضراً في نقاشات اجتماع وزاري أوروبي في بروكسل، الخميس الماضي، وتم مناقشة الملف على أساس التقرير الثالث الذي قدمته مفوضية بروكسل حول هذا الصدد، الذي جرى الإعلان عنه في الشهر الماضي، ويقدم نظرة عامة سنوية على أكثر من 35 اتفاقية تجارية تفضيلية للاتحاد الأوروبي، لأنها تركز على أهم الاتجاهات التجارية، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ومدى استخدام شركات الاتحاد الأوروبي لخفض التعريفات، والحصص المتاحة بموجب الاتفاقات التجارية، وأيضاً التقدم المحرز في إزالة الحواجز التجارية أمام الشركات المصدرة الأوروبية، والتقدم المحرز في تنفيذ أحكام التجارة والتنمية المستدامة في الاتفاقية التجارية، وتقييم فوائد الاتفاقيات التجارية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتقييم السنة الأولى لتنفيذ اتفاق الاتحاد الأوروبي وكندا، والاستعداد لدخول اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي واليابان حيز التنفيذ.
وبشكل عام، تمثل التجارة 35 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي للاتحاد الأوروبي. وفي العام الماضي، واصلت الواردات والصادرات إلى شركاء الاتفاقيات التجارية نموها بنسبة 4.6 في المائة و2 في المائة على التوالي. وسجل الاتحاد الأوروبي فائضاً قدره ما يزيد على 84 مليار يورو في تجارة السلع مع شركائه في اتفاقية التجارة، مقارنة مع عجزه التجاري الإجمالي مع بقية العالم البالغ نحو 24.6 مليار يورو.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.