المحتجون يحيون الذكرى بعرض مدني في غياب الحكومة ومجلس النواب

يقفون في صفوف شبيهة بألوان العلم اللبناني في مدينة صيدا أمس (رويترز)
يقفون في صفوف شبيهة بألوان العلم اللبناني في مدينة صيدا أمس (رويترز)
TT

المحتجون يحيون الذكرى بعرض مدني في غياب الحكومة ومجلس النواب

يقفون في صفوف شبيهة بألوان العلم اللبناني في مدينة صيدا أمس (رويترز)
يقفون في صفوف شبيهة بألوان العلم اللبناني في مدينة صيدا أمس (رويترز)

للمرة الأولى منذ استقلال لبنان في العام 1943، تولت مجموعات وهيئات شعبية تقود الحراك المستمر منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تنظيم عرض مدني لإحياء الذكرى 76 للاستقلال في ساحة الشهداء في وسط بيروت بعدما درج إحياء المناسبة بعرض عسكري ضخم في وسط العاصمة.
وبعدما اعتاد اللبنانيون أن يشاهدوا أفواج الجيش اللبناني وبعض القوى الأمنية الأخرى تستعرض يوم العيد بحضور رسمي كبير من على شاشة التلفزة، كانوا هم هذه المرة من يستعرضون في الساحة، في احتفال هو الأول من نوعه نظمته مجموعات الحراك الشعبي حمل اسم «العرض المدني» تخلله مسيرات لأفواج مدنية تابعة لأكثر من قطاع ومنطقة وقضية اجتماعية في إطار مسيرة سلمية وحضارية، على حد تعبير المنظمين.
وبحسب العميد المتقاعد جورج نادر ممثل العسكريين المتقاعدين في «هيئة تنسيق الثورة» فإن الفكرة انطلقت من واقع عجز الدولة عن الاحتفال بالمناسبة كما كل عام من خلال عرض عسكري بسبب الأوضاع وبعدما فقدت شرعيتها، فالحكومة مستقيلة ومجلس النواب لم يعد يستطيع الاجتماع، من هنا كان على الحراك الشعبي أن يستعيد المبادرة من خلال العرض المدني المنوي القيام به في ساحة الشهداء، والذي تشارك فيه كل قطاعات العمل في لبنان. ويشير نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لجنة من مجموعات الحراك هي التي تولت تنظيم الاحتفال الذي أردنا من خلاله التأكيد سعينا لاستقلال حقيقي عن الفساد والتمويل الخارجي والإقطاع وكل ما مارسته قوى السلطة بحقنا كشعب منذ العام 1943».
ووفق بيان وزعته مجموعات الحراك حمل عنوان «عيد الاستقلال المدني» فإن «العرض هو مدني من تنظيم الشعب اللبناني للاحتفال باستقلالنا عن الطائفية والانتفاض على الفساد»، يهدف للتعبير عن «وقوف مختلف فئات الثورة من أجل الحرية والعدالة والثقافة والسلام عبر السير في أفواج تمثل المناطق والقطاعات وقضايا المجتمع المدني».
وشارك في العرض الذي انطلق بعد ظهر يوم أمس 41 فريقا من مناطق مختلفة، واستهل بلحن الموت «تخليدا لأرواح الشهداء» والنشيد الوطني، ثم بعرض على الخيل، تلته الفرق التي تقدم كل منها لافتة باسمها مسبقة بكلمة «فوج» وهي: الدراجات النارية والهوائية، الإرادة، العسكريون المتقاعدون، المعلمون، البيئة، المحامون، الطلاب، الأمهات، الأشبال، الآباء، أطباء، إعلام، خبراء ومكافحة، زراعة، مهندسون، إيقاع، عمال، صناعيون، مواصلات، اندفاع، حقوق النساء، حرفيون، تجارة، فنانون، نساء ورجال أعمال، مبدعون، طاقة، رياضة، سياحة، طناجر، حقوق الإنسان، مشاة، مغتربون، موسيقيون، ناشطون، جنوب، شمال، بقاع، جبل لبنان، وبيروت.
وقدم كل فوج أفكاره بطريقة خاصة، عبر ابتكار شعارات مطلبية مناسبة لفوجه، وذلك على وقع الأغاني الوطنية والثورية التي عزفتها إحدى الفرق الموسيقية.
وكان عدد من العسكريين المتقاعدين دربوا الأفواج المدنية على العرض المدني. وقد نصبت الحواجز الحديدية على جوانب الأرصفة حتى يتسنى لمن يريد مشاهدة العرض الوقوف خلفها، في مشهد يحاكي العرض العسكري للجيش.
ويوضح الناشط في مجموعة «بيروت مدينتي» الدكتور وليد العلمي أن «إجراء العرض المدني كبديل عن العرض العسكري الذي اعتدنا عليه إنما يُظهر أن السلطة في إقامة جبرية، فأركانها غير قادرين أصلا بعد اليوم على التجول في الشوارع وبين اللبنانيين وقد استعاضوا عن الاحتفال الضخم الذي كانوا يقومون به باحتفال رمزي صغير.
ووصلت «شعلة الاستقلال» إلى ساحة الشهداء بعد ظهر يوم أمس بعدما كانت انطلقت صباحا من المحمرة في قضاء عكار، مرورا بطرابلس والبترون وجبيل والزوق. واحتفل «المحتجون» الذين يشاركون في الحراك المستمر منذ 17 أكتوبر في أكثر من منطقة بذكرى الاستقلال، وكانت الاحتفالات الأبرز في صيدا وطرابلس.
وبحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، احتشدت جموع غفيرة في سوق راشيا الأثري من مختلف المناطق لمناسبة عيد الاستقلال، بدعوة من الحراك الشعبي في راشيا وهيئات المجتمع المدني المؤيدة له، وتوجهت في مسيرة إلى قلعة الاستقلال، أو ما يعرف بحصن 22 تشرين، حيث اعتصم المحتشدون في باحة مدرج القلعة، وأطلقوا الهتافات المؤيدة للحراك وشعارات رافضة للمحاصصة والفساد، كما حيوا الجيش لمواكبته المعتصمين وتوفير الأمن لهم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».