واشنطن تدين هجمات النظام على مخيم للنازحين شمال سوريا

TT

واشنطن تدين هجمات النظام على مخيم للنازحين شمال سوريا

أدانت الولايات المتحدة الهجمات الوحشية التي نفذها نظام الرئيس السوري بشار الأسد على مخيم القاح للنازحين شمال محافظة إدلب السورية بالقرب من الحدود التركية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مورغان أورغتوس، في بيان تلقته وكالة الأنباء الألمانية، إن الولايات المتحدة تدين بشدة الهجمات الوحشية التي قام بها نظام الأسد الأربعاء على مخيم القاح للنازحين في شمال إدلب، حيث انفجرت المقذوفات التي تستهدف المدنيين على بعد 25 متراً من مستشفى القاح للولادة؛ مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 16 مدنياً، وإصابة 50 شخصاً آخر على الأقل.
وقالت، إن الاستهداف المتعمد للمدنيين والبنية التحتية المدنية يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، ويقوض العملية السياسية المحددة في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأضافت، أن الأمم المتحدة وضعت موقع المستشفى ضمن مناطق عدم الاشتباك لحمايته من الاستهداف. ويتبع هذا الحادث المروع نمطاً موثقاً جيداً من الهجمات الشرسة على المدنيين والبنية التحتية من قبل نظام الأسد، بدعم روسي وإيراني. وتسببت هجمات النظام حتى الآن في مقتل أكثر من ألف مدني وشردت ما لا يقل عن 400 ألف في شمال غربي سوريا منذ أبريل (نيسان) من هذا العام.
وتابعت المتحدثة، أنه يجب على نظام الأسد إنهاء حملته القاتلة ضد الشعب السوري، ووقف شن الحرب في المناطق المدنية، مشيرة إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك مستقبل سلمي في سوريا دون ضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الأعمال الوحشية.
ولم يتخيل نازحون لجأوا منذ سنوات إلى مخيم قرب الحدود التركية أن صاروخاً سيلاحقهم إلى عقر خيمهم التي ظنوا أنها تحميهم من نيران المعارك على الأرض في شمال غربي سوريا؛ ذلك أن ضربة جوية حصدت، حياة 16 مدنياً، بينهم ثمانية أطفال وست نساء من عائلات تقيم في مخيم للنازحين في قرية قاح في محافظة إدلب.
غداة القصف، بدا حجم الأضرار في المخيم الذي يؤوي 3800 شخص موزعين على عشرات الخيم المغطاة بشوادر بلاستيكية زرقاء أو بيضاء اللون، كبيراً. خيمة ذات جدران مبنية من حجارة الخفان مؤلفة من غرف عدة سوّيت بالأرض، وتبعثر ما تبقى من محتوياتها، بينما لا يزال هيكلها الحديدي مثبتاً.
وحدها سجادة خضراء وأسطوانة غاز حمراء اللون بقيتا في مكانهما بينما احترق كل شيء حولهما.
وغالباً ما يتوجّه النازحون هرباً من المعارك والقصف إلى المناطق الحدودية مع تركيا، باعتبارها أكثر أمناً من سواها.
ومنذ نهاية أبريل، قتل أكثر من 1100 مدني وفرّ أكثر من 400 ألف شخص من مناطق في محافظة إدلب، على وقع هجوم شنّته قوات النظام السوري بدعم روسي، ومكّنها من السيطرة على مناطق عدة في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي المجاور. وأعلنت أنقرة أنها تريد من هذا الهجوم، إرساء «منطقة آمنة» تعيد إليها جزءاً من اللاجئين السوريين على أرضها. ورغم التوصل في نهاية أغسطس (آب) إلى وقف لإطلاق النار برعاية روسية - تركية، لا تزال المنطقة تتعرض بين الحين والآخر لغارات سورية وأخرى روسية تكثفت وتيرتها مؤخراً وأوقعت عشرات الضحايا.
وتسببت ضربات روسية الأربعاء في مقتل ستة مدنيين، بينهم أربعة أطفال في مدينة معرة النعمان في جنوب إدلب.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، حيث تنشط فصائل أخرى معارضة وإسلامية أقل نفوذاً. وتؤوي إدلب مع أجزاء من محافظات مجاورة نحو ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم